اقتصاد
حضوري أم عن بعد؟.. تكاليف مالية جديدة تتحملها ميزانية الأسر
03/09/2020 - 17:24
مصطفى أزوكاح
"الأسر تسأل كثيرا، على غير العادة، عن المكاتب". هذا ما يؤكده بائع أثاث بسوق القريعة، الذي يأسف لأن النجارين لم يستحضروا حاجة الأسر للمكاتب التي قد يفرضها التعليم عن بعد.
يؤكد هذا البائع أن أغلب المكاتب المتوفرة، لا تستحضر خصوصيات طلب الأسر المغربية، غير أنه يشدد على أولياء الأمور يحرصون على شرائها، مشيرا إلى أن سعرها يتراوح في الفترة الحالية بين 700 و1000 درهم.
تضيف هذه الأم الخمسينية، التي تصحب ابنتها ذات الخمسة عشرة ربيعا إلى حيث تعرض جميع أنواع الأثاث بسوق القريعة، أن التوفر على مكتب بالمنزل أضحى ضروريا مع احتمال التحول إلى التعليم عن بعد.
تشدد على أن ابنتها ألحت عليها في اختيار التعليم الحضوري، غير أنه يجب الاستعداد لجميع الاحتمالات التي قد تفرضها الحالة الوبائية، مضيفة أن ذلك يفرض مصاريف إضافية لا مفر من تحملها.
ارتفاع تكاليف التعليم، تتجلى في النشرة الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط، التي تشير إلى أن أسعار المستهلكين الخاصة بالتعليم، سجلت أعلى ارتفاع مقارنة بمختلف أسعار المستهلكين لمختلف الخدمات والمنتجات.
وتفيد النشرة الصادرة في الأسبوع الماضي، أن أسعار التعليم ارتفعت بنسبة 3.2 في المائة في السبعة أشهر الأولى من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وكانت المندوبية السامية لاحظت في تقرير لها أكدت أن نفقات الأسر على التربية والتكوين، تصاعفت بين 2006-2007 و2013-2014، حيث قفزت من 8.9 مليار درهم إلى 19.7 مليار درهم، ما يؤشر على ارتفاع سنوي بلغ في المتوسط 12.1 في المائة.
وتشير إلى أن هذا الارتفاع يعزى، من جهة، إلى زيادة عدد التلاميذ بالتعليم الخصوصي، ومن جهة أخرى، إلى ارتفاع الأسعار في قطاع التعليم بوتيرة تتجاوز التضخم. فتلك الأسعار زادت ب3.4 في المائة كمتوسط سنوي منذ 2007.
وتلاحظ المندوبية أن مساهمة الأسر في تمويل التعليم بالمغرب، ارتفعت في الفترة بين 2007 و2014، منتقلة من 19.7 في المائة إلى 28.9 في المائة.
تلك بيانات عامة ينتظر أن يعاد النظر فيها عند استحضار المصاريف التي ستتحملها الأسر في ظل الإكراهات التي يفرضها كوفيد. هذا ما يؤكده مديح وديع، رئيس جمعية المستهلكين المتحدين، الذي يؤكد أن الدخول المدرسي الحالي، سيحمل أولياء التلاميذ تكاليف كبيرة.
يميز مديح بين التكاليف التي يفرضها اختيار الأسر بين التعليم الحضوري أو التعليم عن بعد. فعند العمل بالحضوري، سيكون على الأسر، تحمل تكاليف الكمامات بمعدل كمامتين في اليوم للتلميذ الواحد، بالإضافة إلى المعمقات.
غير أنه ينبه إلى أن مؤسسات تعليم خاصة، قد تهتدي في ظل فرض الاقتصار عند نقل التلاميذ على استغلال في 50في المائة من الطاقة الاستيعابية للنقل المدرسي، إلى تحميل الأسر تكلفة عدم الاستغلال الكامل للنقل.
تكلفة التعليم الحضوري يرجح أن تكون منخفضة نسبيا، مقارنة بالحالة التي سيكون فيها التعليم عند بعد، الذي سيفرض على الآباء، حسب مديح، توفير لوحات إلكترونية والربط بالإنترنيت، بالإضافة إلى مصاريف أخرى، كأن تقتني أسر مكاتب لأبنائها.
يعتبر بوعزة خراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أنه بما العلاقة التعاقدية بين الأسر والمدارس الخاصة حرة، مادامت الأسعار غير منظمة، فإن يفترض وضع عقد نموذجي يسترشد به الجميع، حيث تكون الجودة المعيار الوحيد الذي يحدد الأسعار.
ويتصور أنه يمكن أن يكون العقد النموذجي، الذي يفترض أن يوضح العلاقة بين المتدخلين في التعليم الخاص، موضوع اتفاق بين ممثلي المدارس الخاصة وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ وجمعيات حماية المستهلك ووزارة الصناعة والتجارة.
تلك أمنية يعبر عنها خراطي، الذي يؤكد أن الظرفية الحالية تدفع بعض الأسر إلى السعي من أجل تنقيل أبنائها من التعليم الخصوصي إلي التعليم العمومي. ذلك تطلع تحكمه اعتبارات مالية محضة، خاصة بالنسبة للأسر التي يشتغل فيها الأب والأم.
يوضح أن المنطق الذي يحكم تلك الأسر، يتمثل في أنه بعد تنقيل الأبناء من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي، سيتم توظيف ما ستوفره من مال من أجل توفير دروس دعم لأبنائها، مادامت لا تستطيع مواكبتهم في حال التوجه الكلي نحو التعليم عن بعد.
