رياضة
رحيمي.. فتى الرجاء "المبارك"
02/06/2021 - 22:40
صلاح الكومريصدقت نبوءة المدرب الروسي. فبعد أسبوع واحد فقط من ولادة سفيان رحيمي، "فك" الرجاء "نحسا" طارده لـ8 سنوات في البطولة الوطنية، وتوج للمرة الثانية في تاريخه بلقب الدوري، وكان هذا التتويج، إعلانا عن بداية عهد جديد للقلعة الخضراء، وحجر أساس بناء "الفترة الذهبية" للنادي، وباكورة فوز الفريق بالكثير من الألقاب المحلية والقارية، منها التتويج بـ6 ألقاب متتالية للدوري الوطني، والفوز بكأس عصبة الأبطال مرتين (1197 و1999) والمشاركة في نهائيات كأس العالم للأندية.
نشأة في المركب
نشأ رحيمي في مركب "الوازيس"، حيث رأى النور في بيت صغير يطل على جميع ملاعب النادي. والده محمد رحيمي، الملقب بـ"يوعري"، حامل الأمتعة الرياضية للفريق سابقا، والوحيد الذي استطاع الحفاظ على مكانه ومنصبه في القلعة الخضراء لأزيد 50 سنة، في وقت مر على البيت الرجاوي مئات اللاعبين وعشرات المدربين ونحو 20 رئيسا، حتى صار يلقب بـ"أرشيف النادي المتنقل".
رضع سفيان رحيمي حليب الرجاء، ورضع معه مبادئ وفلسفة النادي و"تّاراجاويت" بمعناها الحقيقي. هو يعرف الكثير من أسرار مستودع ملابس الفريق، حيث كان ينظر بعين الدهشة والذهول والإعجاب أيضا لعشرات اللاعبين "النجوم" مروا في القلعة الخضراء، حين كان والده يأخذه معه لحمل الأمتعة الرياضية الخاصة باللاعبين، وهو ما يزال يافعا في سنوات طفولته الأولى، بالكاد يدرك ما يدور حوله.
في 14 دجنبر من سنة 1997، توج الرجاء بلقب عصبة الأبطال الإفريقية، في وقت لم يكمل فيه سفيان عامه الثاني بعد، وفي اليوم الموالي، وكان الاثنين، والجو بارد وماطر، حمله والده من مهده الدافئ وهو وسط القماط ويضع الحفاظات، لأخذ صورة مع اللقب القاري واللاعبين، ومع مدرب الفريق، قائد ملحمة القلعة الخضراء وقتذاك، والذي لم يكن غير البوسني وحيد خاليلوزيتش، الناخب الوطني الحالي.
غادر وحيد خاليلوزيتش المغرب صيف 1998، وبعد أزيد من 20 سنة، قضاها جوالا بين مختلف دول وقارات العالم، عاد إلى المغرب السنة الماضية، وهذه المرة مدربا للمنتخب الوطني، وشاءت الأقدار أن تلاقيه، من جديد، بذاك الرضيع الصغير الذي أخذ معه صورة تذكارية إلى جانب كأس عصبة الأبطال، ليجده، الآن، وقد صار شابا، يافعا، مليئا بالحيوية والحماس والطموح، يحمل قميص فريقه السابق الرجاء الرياضي. فلم يتردد في توجيه الدعوة له لحمل قميص "الأسود"، وكأنه يربط الماضي بالحاضر، ويستبشر به خيرا لفك عقدة المنتخب المغربي، ويجلب البركة والسعد للأسود وهو الذي رضع حليب أغلى الألقاب والبطولات.
"الفأل الحسن"
جمال سلامي، مدرب الرجاء الرياضي، كان من بين من شجع سفيان رحيمي، وساعده على التألق، يقول: "سفيان يحمل جينات الرجاء الرياضي، هو ابن النادي الأصيل، لهذا، لا غرابة في أن نراه طموحا، شغوفا بتحقيق أهدافه، يمكنه التدرج وتسلق المراتب رويدا رويدا، وإذا واصل الاجتهاد والعمل والصبر، سيكون لاعبا كبيرا دون شك".
حين نودي على سفيان رحيمي، أخيرا، للمنتخب الأول، للاستعداد للمباراتين الأخيرتين أمام إفريقيا الوسطى، وقبل ذلك للمنتخب المحلي، أدرك الفتى وعائلته أنه يسير في الطريق الصحيح، وأن صبره واجتهاده يأتي بنتائج إيجابية، خاصة أن مساره نحو فئة كبار الرجاء لم يكن معبدا ومفروشا بالورود، بل كان مليئا بالعقبات وخيبات الأمل أحيانا. ففي سنة 2017، وهو لا يتجاوز 21 سنة، اضطر الفريق إلى التخلي عنه لصالح نجم الشباب البيضاوي، الممارس في قسم الهواة، ولعب للأخير موسم 2017-2018، وقبل بداية موسم 2018-2019، عاد إلى القلعة الخضراء بتوصية من جمال فتحي، المدير التقني السابق للفريق، منحه فرصة أخيرة للظهور ليثبت أحقيته اللعب مع الفريق الأول، وقال له: "يا بني.. هذه الحياة فرص، والفرص نادرة، وهذه فرصتك، فإما أن تستغلها الآن لصالحك أو تتركها لغيرك".
نجح سفيان في الاختبار، استغل الفرصة، وصعد إلى فئة الكبار صيف 2018. وبعد أشهر قليلة فقط، توج الفريق بكأس الكونفدرالية الإفريقية، للمرة الثانية في تاريخ النادي، وكان مساهما، بشكل كبير، في هذا التتويج. فقد أحرز هدفين من أصل 3 خلال الفوز في المباراة النهائية، ذهابا، في الدار البيضاء أمام "فيتا كلوب" الكونغولي، وأكد، من حيث لا يدري، أنه "فأل حسن وبشرى سعد" على الفريق.
صدق تنبؤ المدرب غينادي روغوف، حين قال إن هذا الفتى بشرى سعد على الفريق، وسيحمل معه الخير والبركة للنادي. وقتها، اعتقد مساعده أن هذا العجوز الروسي يهذي وقد خرف بعدما شارف على السبعين من عمره. والحقيقة أن الرجل كان يعيش أيامه الأخيرة من عمره، وربما كان يبصر أشياء ويرى أحداثا لا يراها الإنسان العادي، فقد توفي في العاصمة الروسية موسكو بعد شهر واحد من ولادة سفيان رحيمي.
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة