مجتمع
سوق واقف القطري .. ملتقى الحضارات العربية
06/12/2021 - 06:52
صلاح الكومريكل شيء في سوق "واقف" يرمز إلى الأصالة العربية، بداية من تصميم بناياته ذات الطابع الشعبي التقليدي، والتي تضم محلات تجارية في أزقة ضيقة عتيقة، تعرض أصنافا وأشكالا وأنواعا متعددة من الألبسة العربية، بما فيها الألبسة المشرقية، على غرار الكوفية الفلسطينية، والطربوش التركي، وعبايات النساء، والغترة القطرية، والشال اليمني، وأقمصة الثوب المشرقية الفضفاضة، ناصعة البياض، منها الحريرية، وهي أغلاها، ومنها القطنية، وأصناف أخرى، فضلا عن بعض الأزياء الدمشقية والأردنية، والتي تتألف من سروال فضفاض، و"الدامر"، وهو قطعة من القماش تلبس على الخصر، حيث كان الدمشقيون قديما يضعون الخنجر أو السلاح.
بنايات سوق "واقف"، خاصة الداخلية منها، يمكن أن تشم فيها رائحة عبق التاريخ العربي الخليجي، فالأزقة ضيقة، محافظة على طابعها العتيق، يظهر أنها بنيت بالتراب فقط، مع أسقف اسمنتية، ترتكز على دعائم خشبية أو قضبان حديدية، فيما البنايات التي تقابل الساحات الرئيسية للسوق، يظهر أنها بنيت حديثا، لكن مع الحفاظ على شكلها الهندسي التقليدي وهويتها العربية.
منتوجات تراثية
إلى جانب محلات الأثواب والنسيج والألبسة، والمقاهي والمطاعم، يضم السوق محلات تعرض وتبيع منتوجات تراثية قديمة العهد، استعملها الانسان العربي قبل آلاف السنين، على غرار الخناجر المزينة بنقوش عربية، ومراكب صيد بالأشرعة، ومعدات الصيد، وملابس جلدية، وأواني نحاسية وفخارية، خاصة أواني طبخ وشرب القهوة، وفوانيس الإنارة، ناهيك عن حلي الزينة النسائية، على غرار الخلخال، وقلادات بها أحجار اللؤلؤ، وقلادات تتدلى منها سلاسل ذهبية، ومرايات، والبرقع الإماراتي.
لا مكان للمتأخرين
يصبح سوق "واقف"، في أوج نشاطه الاقتصادي بعد صلاة المغرب يوميا، خاصة كل يوم خميس، إذ يكتظ بالزوار السائحين، وتمتلئ المطاعم والمقاهي العربية عن آخرها، بحيث أن الكثير من الزوار، يضطرون إلى الانتظار لعشرات الدقائق، إلى أن يخلو لهم مكان للجلوس والاستمتاع بفضاء السوق والاستماع إلى نضبه الشعبي.
كثير من العائلات، تذهب إلى سوق "واقف"، بهدف تناول وجبة العشاء في مطعم تركي أو لبناني أو مغربي أو تركي أو مصري أو منتم لثقافة بلد آخر، تقصده خصيصا لذلك، وإذا لم يحالفها الحظ في مطعم ما، تذهب إلى الآخر، أو إلى مقاه مطلة على ساحات السوق، حيث يقوم بعض السياح السوريين أو العراقيين أو الأردنيين، بعروض موسيقية شعبية، مستمدة من التراث الثقافي لبلدانهم.
الاختلاف والائتلاف
في سوق "واقف" الذي يعود تاريخه لأزيد من 250 عاما، يتجلى، بوضوح، الائتلاف الثقافي والديني والعرقي والإنساني، فعلى طول ممرات السوق وفي الساحات، يمكنك أن تشاهد الإفريقي والآسيوي والأمريكي والأوروبي والمغربي والمشرقي إلخ، ويمكنك أن تشاهد النساء المتحجبات والمنقبات، وأغلبهن عربيات، وأيضا النساء المتحررات بسراويل جينز وملابس ضيقة تظهر تفاصيل الجسد، أو يرتدين تنانير قصيرة، وأغلبهن من دول غربية.
رغم كل هذا الاختلاف، في الانتماء الثقافي والجغرافي، إلا أن سوق "واقف"، ألف بين الجميع في إطار تقبل واحترام الآخر، مهما كان عرقه أو جنسه أو دينه، وبالتالي، ترى الجميع متحررا من أي قيد، ولا يخشى لومة لائم ولا تحرشا، الجميع يحترم الجميع.
أصل التسمية
تعددت الروايات حول أصل تسمية السوق بـ"واقف"، ومنها أنه قبل 250 سنة، كان التجار، من البدو العرب والهنود والأتراك، يعرضون منتوجاتهم وهم واقفين بمحاذاة النهر القديم "مشيرب"، ولا ينزلون سلعهم من على دوابهم خشية الفيضان الفجائي للنهر، سواء صيفا أو شتاء.
أصبح الإبهام
شهر مارس من سنة 2019، تم نصب منحوتة أصبح الإبهام في المدخل الرئيسي لسوق "واقف"، وهي من إبداع النحات الفرنسي سيزار بالداتشيني.
ويبرز "الإبهام"، في المدخل الرئيسي للسوق، ويظهر متوهجا ليلا، كأن به أضواء داخلية ذهبية، إذ أن لونه البرونزي يتناغم مع إضاءة أزقة السوق، فيبدو لامعا، مشعا.
وتم نصب النحت الفني لأصبع الإبهام البرونزي، في إطار الاحتفاء بالمنتخب القطري لكرة القدم، الذي توج شهر فبراير 2019، بكأس أمم آسيا، لأول مرة في تاريخه، وأيضا لغرض إبراز ما يمتاز به السوق من روح تمزج بين الأصالة والمعاصرة والحداثة.
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة