رياضة
"شيشا".. مسار كروي صاخب ينتهي بـ"صمت القبور"
05/01/2021 - 17:02
يونس الخراشيولذلك السبب بالذات، بدا عبد القادر زيدان، شيخ المؤرشفين المغاربة المهتمين بالرياضة، حزينا وهو يتحدث إلى "SNRTnews"، عن اللاعب الدولي الراحل. قال إنه حزين بالضعف، ومضى يشرح: "ما هذا الذي يقع؟ فمن جهة هذا اللاعب الذي توفي كان يستحق الكثير نظير ما قدمه لكرة القدم الوطنية، دون أن يناله، ثم إن أغلب ما كتب عنه فيه أخطاء، سواء تعلق الأمر بالاسم، أو بالمعطيات الأخرى القليلة، مع الأسف".
زيدان، الإطار المتقاعد من الخطوط الملكية المغربية "لارام"، والذي يجول المغرب طولا وعرضا، ويرحل خارجه في أثر الأرشيف المتعلق بكرة القدم المغربية، أوضح لـ"SNRTnews"، أنه تشرف بمشاهدة المبارتين الوديتين اللتين لعبهما العربي "شيشا" مع المنتخب الوطني لكرة القدم، الأولى ضد المنتخب الإسباني "حرب باء"، وسجل فيها هدفا من ثلاثة تعادل بها المغاربة مع الإسبان، والثانية ضد منتخب ألمانيا الشرقية، تألق فيها اللاعب حسن أقصبي، أحد أبرز نجوم الكرة المغربية عبر التاريخ".
وعن أسلوبه في اللعب، قال زيدان: "كان شيشا رحمه الله، واسمه الحقيقي أحمد بن العربي، صاحب بنية جسمانية قوية للغاية، 'كوسطو'. وكان يمتلك تقنية مبهرة جدا. لعب متوسط ميدان متقدم (أنتير). ومع أنه لم يحمل قميص المنتخب الوطني كثيرا، إلا أن مساره الكروي كان متميزا، وأعطى الكثير للفرق التي لعب معها، وخاصة منها أولمبيك مارسليا، وستراسبورغ، وريد ستار".
بالنسبة إلى بلعيد بويميد، الإعلامي المتخصص في الشأن الرياضي، وصديق الراحل العربي "شيشا"، فالأمر سيان، "إذ لا يعقل أن يرحل لاعب من هذه الطينة هكذا، دون أن نحتفي به. لا أخفيك أن خبر وفاته استفزني، لا سيما أن ما قيل ضئيل بالقياس إلى حجم العربي رحمه الله، وما قدمه لكرة القدم المغربية، وأيضا للإعلام الرياضي المغربي".
قال بويميد، الذي عايش "شيشا" طويلا، عبر صفحات الرياضة في جريدة "البيان" (المكتوبة بالفرنسية): "يستحق مسار شيشا تشريحا سوسيولوجيا وأنثربولوجيا. لقد كان شخصية استثنائية بكل المقاييس، ليس فقط في أسلوب لعبه لكرة القدم، بل في أسلوب عيشه، وهذا هو الأهم. لقد كان رحمه الله شخصا يقفز فوق الواقع، ويبتعد عنه، حتى إنه حين يتكلم تظنه يهذي، مع أنه كان يعبر عن طفل يسكن بداخله، يعيش سذاجته، ولا يفكر في الغد بالمرة".
ولم يكتف بويميد بذلك، بل واصل الحكي قائلا: "كان الراحل يملك قلما ممتازا، بلغة رشيقة ونفاذة، وهو الذي حاز الباكالوريا في سن مبكرة، وعاش لفترة في فرنسا، لاعبا موهوبا مطلوبا. مع الأسف، فمقالاته كانت تخلق له مشاكل في غالب الأحيان، على اعتبار أنه كان صادقا جدا، ثم إنه كان يملك أدوات تفكيك المباريات، ولا سيما أداء المدربين". ثم يضيف، متحدثا عن واقعة طريفة شهدها: "كنا، في مرة، انتهينا من متابعة ندوة للفرنسي بيرنار تابي، الرئيس السابق لأولمبيك مارسيليا، وإذا بالعربي شيشا يقفز باتجاهه، ويقول له: كيف لم تعرفني؟ ولماذا اكتفيت بذكر العربي بنمبارك مع أنني لعبت أيضا لأولمبيك مارسيليا؟ وما كان من تابي سوى أن تعهد بالبحث في الموضوع، كي يرد له الاعتبار".
ولعل الحياة المتقلبة للعربي "شيشا"، الذي تزوج لمرات، وقال، ذات حوار، إنه لم يشاهد ابنته من زوجته الفرنسية، ولا يعرفها، أدت إلى نسيانه من قبل الكثيرين. فقد انتهى به المطاف فقيرا، يعيش منفردا، وزاده المرض عزلة على عزلته، حتى مات في صمت، وبعيدا عن أحبابه، في دار للعجزة، حسبما ذكر عبد القادر زيدان.
بدأ أحمد بن العربي، الشهير بـ"شيشا"، من مواليد 25 يناير 1935، بالدار البيضاء، مسيرته الكروية، في فترة الاستعمار الفرنسي، من نادي "اليوسا"، الذي بدأ منه أيضا الراحل العربي بنمبارك، قبل أن ينتقل إلى فرنسا، مستهل الخمسينيات من القرن الماضي، باتجاه أولمبيك مارسليا، فستراسبورغ، ومارسيليا مجددا، ثم ريد ستار، إلى أن اضطرته الإصابات المتكررة في الركبة، والعمليات الجراحية، للاعتزال، وتغيير مساره نحو التدريب، بحيث أشرف على تدريب عدد من الفرق في كورسيكا والسعودية وسويسرا وبلجيكا أيضا، فضلا عن قضائه لمرحلة مشهودة مع فريقه الأحب إلى نفسه الجمعية السلاوية.
يقول العربي "شيشا"، في أحد حواراته السابقة، إنه لا يذكر التفاصيل جيدا. وبجولة بسيطة في المواقع الإلكترونية للفرق التي عبر منها العربي "شيشا" سيتضح بأن مساره الكروي لم يحظ بالتدقيق اللازم. حتى إن أحد الإعلاميين الفرنسيين، كان اتصل مؤخرا بعبد القادر زيدان، يستفسره عن لحسن "شيشا"، مع أن مقصوده كان هو العربي "شيشا".
يوم الأحد 03 دجنبر 2020، أسلم أحمد بن العربي الروح إلى بارئها، كي يلحق بزملائه العربي بنمبارك، وإبراهيم طاطوم، وعبد الرحمن بلمحجوب، ومحمد بطاش، ومحمد الخلفي، وغيرهم، ممن ملأوا الدنيا وشغلوا الناس بأرواحهم المرحة، ومواهبهم الكروية الرائعة، وما زالت أطيافهم تحلق فوق البساط الأخضر لتاريخ الكرة المغربية والعالمية، نجوما لا تنسى...
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة