اقتصاد
لماذا يبالغ المغاربة في طلب قروض الاستهلاك؟
28/05/2021 - 15:49
مصطفى أزوكاحفي بحث وطني حول تمثل المستهلك المغربي للمديونية في مجال الاستهلاك، يظهر أن 33 في المائة من المستهلكين يجدون أنفسهم مضطرين للاقتراض أو استعمال مدخراتهم بهدف مواجهة المصاريف الشهرية، مسجلا أن متوسط المديونية المالية حسب الأسر يصل إلى 35 ألف درهم.
تلك من أهم الخلاصات التي توصلت إليها الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك، والتي شملت عينة تمثيلة تضم 2082 مستهلكا، منهم أفراد ومتقاعدون أو في المهن الحرة، والذين يتوفرون على دخل يتراوح بين 3000 و7000 درهم، علما أن حوالي 67,7 في المائة منهم لهم دخل شهري يتجاوز 5000 درهم، غير أن محمد بنقدور رئيس الجامعة يؤكد على أن الدراسة لم تقتصر على العينة التي استطلعت آراؤها، بل جرى استغلال الشكايات التي توصلت بها فروع الجامعة والتي تصل إلى 2000 شكاية تتعلق بالمديونية.
وتجلى من الدراسة، التي مولت من قبل وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار الرقمي، والتي كشف عن مضامينها اليوم الجمعة 28 ماي بالدارالبيضاء، أنه عند توزيع مديونية الأسر أن المستهلكين الذي حصلوا على قروض تقل عن 30 ألف درهم يوجدون ضمن فئة المتقاعدين، بينما تتجاوز قروض القطاع الخاص 40 ألف درهم، و توجد في ذمة المنتمين للقطاع العام قروض تبدأ من 10 آلاف درهم إلى 70 ألف درهم، غير أنه بدا أن 65 في المائة من المستطلعة آراؤهم، يلجؤون لقروض تتعدى 30 ألف درهم، وتلاحظ الدراسة أنه إذا كان كان المتقاعدون وأجراء القطاع الخاص، يتوفرون على قروض تقل عن 50 ألف درهم، فلأن مداخيلهم ضعيفة.
وينقاد أغلب المغاربة للعروض المغرية التي تقدم الشركات المتخصصة في قروض الاستهلاك، التي تقترح صيغا ملائمة لجميع الطبقات الاجتماعية مستغلة المناسبات التي يرتفع فيها الإنفاق مثل رمضان، وعطلة الصيف، والدخول المدرسي، وعيد الأضحى، حيث لا تفوت تلك المؤسسات أية فرصة من أجل التواصل حول عروضها الموجهة للأسر، ما يساهم في السقوط في فخ المديونية المفرطة.
قرض جديد للوفاء بقرض سابق
وعند تناول النتائج التفصيلية للدراسة، يستفاد، كما أوضح رئيس الجامعة محمد بنقدور، أن 51,9 في المائة من المستجوبين يتوفرون على قرض واحد، و34,7 في المائة على قرضين، و13,4 في المائة على قرض واحد، حيث تسجل أنه ما أن يكون القرض الذي يحصل عليه الشخص مهما، حتى يشرع في البحث عن قروض جديدة أيا كانت الشروط، غير أن أولئك المقترضين يرون أنهم لا يفضلون مؤسسات قرض استهلاك على أخرى، معتبرين أن معدلات الفوائد متشابهة وعالية.
ويفضي تحليل الدوافع التي تحذو بالأشخاص إلى الاقتراض إلى تسجيل أن 25 في المائة منهم طلبوا قروضا من أجل شراء سيارات، و19 في المائة من أجل اقتناء تجهيزات منزلية، و17 في المائة بهدف تمويل دراسة الأبناء، و7 في المائة بغية الإنفاق على الحفلات والعلاجات الطبية، و31 في المائة لجؤوا للاقتراض من أجل الوفاء بقرض سابق.
وصنفت الدراسة عدد القروض التي توجد في ذمة الأسر إلى أربع فئات؛ حيث تجلى أن 25 في المائة من الأسر تتوفر على قرض واحد و36,3 في المائة حصلت على قرضين، و21,1 في المائة على ثلاث قروض، و17,2 في المائة على أربعة قروض.
قرض السيارة أولا
غير أن تحليل عدد القروض في علاقة مع أسباب السعي إليها، يفضي إلى ملاحظة أن القرض الأول يبرم عقده من أجل شراء سيارة، بينما يراد من القرض الثاني تمويل تجهيزات منزلية، ويوجه القرض الثالث والرابع لتمويل لدراسة الأبناء والحفلات أو الوفاء بقرض سابق.
وإذا كانت 40 في المائة من المستجيبين يؤكدون على أنهم لا يجدون أية صعوبة في الوفاء بالقرض الأول، فإن 80 في المائة الذين يتوفرون على ثلاثة قروض يصادفون على الكثير من العناء من أجل رد الديون التي أبرموا بشأنها عقود مع مؤسسات قروض الاستهلاك، حيث يبدو أنه كلما كان مبلغ القرض كبيرا كلما وجد المستهلك صعوبات في الوفاء به.
ويعتبر الإفراط في الاستدانة السبب الرئيسي الذي يفضي إلى صعوبة الوفاء بالدين، حيث يدفع 59 في المائة من المستهلكين بالمبلغ الشهري المرتفع الواجب سداده نتيجة تراكم قرضين، بينما يرد 27 في المائة الإفراط في الاستدانة إلى ارتفاع كلفة المعيشة ويتحدث 14 في المائة عن النفقات الإضافية.
ويعبر 60 في المائة من المستجيبين عن استعدادهم لتخصيص ما بين 25 و40 في المائة من مداخيلهم الشهري الصافي للوفاء بقرض الاستهلاك، مشددين على أن مدة 14 شهر معقولة من أجل سداد قرض في حدود 10 آلاف درهم، و30 شهرا لأداء قرض يتراوح بين 10 آلاف و20 ألف درهم، و42 شهرا لقرض يتراوح بين 20 و40 ألف درهم، و56 شهرا لقرض يتراوح بين 40 و60 ألف درهم و86 شهرا لقروض يتراوح بين 60 و100 ألف درهم.
ويسجل منجزو البحث أنهم كلما كان مبلغ القرض مرتفعا كلما كانت مدة السداد طويلة، وهو ما يعزى إما لاحترام مؤسسة قروض الاستهلاك للمعدل القانوني المحدد في 40 في المائة من الأجر أو لتخفيف المبلغ الواجب سداده شهرا، علم أن شخصا من بين ثلاثة يتبقى لهم على الأقل 25 في المائة من الاجر بعد سداد القروض.
إفراط يشجعه المقرض
يتضح أن السعي لطلب قرض يكون قويا عندما يتعلق الأمر بمرض قريب أو شراء سيارة، ويبدو متوسطا عند الرغبة في إنجاز إصلاحات بالمنزل وشراء تجهيزات منزلية، وتكون الرغبة في الحصول على قرض ضعيف عندما عند الاستعداد للاحتفال بأعياد دينية أو تنظيم حفلات عائلية.
وتجلى لمنجزي الدراسة أن الأشخاص يقترضون عندما لا يستطيعون الحصول على موارد عبر وسيلة أخرى، وعندما يكونون مجبرين على مواجهة متطلبات طارئة، أو عندما يردون القيام بعملية شراء مهمة، لكن عندما لا يتمكنون من الحصول على قرض يلجؤون لاستعمال مدخرات أو الاقتراض من جهة أخرى أو يلغون تلك النفقة التي تستدعي الاقتراض. علما أن الدراسة توصلت إلى أنه كلما كان مداخيل المستهلكين ضعيفة كلما كان تعاظم اللجوء للاقتراض من أجل الاستجابة لحاجيات يومية أو طارئة.
ويعتبر 32 في المائة من المستطلعة آراؤهم أن الإفراط في الاستدانة يرد إلى سعي الأسر إلى العيش فوق المستوى الذي تسمح به مداخيلهم، ويرى 12 في المائة أن ذلك يعزى إلى شركات القرض التي تشجيع الأشخاص على الحصول على قروض دون، بينما يشير 58 في المائة من المستجوبين إلى ذلك يعود للعاملين معا، علما أن الشخص يعتبر مفرطا في الاستدانة، من الناحية القانونية، عندما يتبقى له 35 في المائة من الدخل...
مقالات ذات صلة
اقتصاد
مجتمع
إفريقيا