اقتصاد
متى تتحول الرياضة إلى منتج للثروة بالمغرب؟
28/01/2021 - 18:18
مصطفى أزوكاحتخترق الرياضة في المغرب العديد من النقائص التي تحول دون تحويلها إلى قطاع اقتصادي، فالتمويل مرتهن لميزانية الدولة، والاستثمار في البنيات التحتية لم يواكبه الاعتناء بالموارد البشرية، والتكوين لا يستجيب للحاجيات، والنظام القانوني لا يشجع استثمارات القطاع الخاص في القطاع.
تلك أهم الخلاصات التي كشفت عنها دراسة أنجزت الوكالة الفرنسية للتنمية ومكتب الافتحاص "PWC"، وبسطت في ندوة نظمت من قبل مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد.
الرياضة في أرقام
فقد أوضحت الدراسة أن الرياضة توفر 240 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بالمغرب، وتمثل 1 في المائة من الناتج الداخلي الخام، بعدما كانت النسبة في حدود 0,64 في المائة في 2008.
ويأتي المغرب، حسب الدراسة، في مقدمة البلدان التي تخلف هذه القيمة المضافة في القارة الإفريقية، حيث أن المتوسط الإفريقي في حدود 0,2 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وتفيد الدراسة أنه من بين ساكنة يصل تعدادها إلي 11,7 مليون نسمة من الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و34 عاما، يبلغ عدد الحاصلين على رخص 337400، من بينهم 66300 من النساء.
وتبدو نسبة الحاصلين على رخص بالمغرب ضعيفا، حيث لا تتعدى 1 في المائة، بينما يصل عددهم في فرنسا إلى ما بين 20 و30 مليون، أى ما بين 30 و50 في المائة من الساكنة، ما يعني، حسب ما ورد في الندوة، ضرورة انخراط جامعات الرياضة في جذب ممارسين جدد.
وتسجل الدراسة انخراطا مهما للمجتمع المدني في الرياضة، حيث تعرف المملكة 8500 جمعية رياضية، مقابل 5000 جمعية في ساحل العاج.
مصدر التمويل والتكوين
يتأتى تمويل الرياضة عبر ميزانية الدولة التي وفرت 225 مليون يورو في العام الماضي، وهو التمويل الوحيد الذي يضخ في ذلك القطاع.
وترى الدراسة أن المغرب عمد، بالنظر لترشحه لتنظيم منافسات كأس العام في كرة القدم في العشرين عاما الأخيرة، إلى الاستثمار في البنيات التحتية، حيث أن 80 في المائة من ميزانية الاستراتيجية الوطنية للرياضة مخصصة لتمويل بناء الملاعب وبنيات القرب. فقد أحصت الدراسة حوالي 533 وحدة رياضية إضافية بين 2008 و2018.
غير أن الدراسة تسجل أن التركيز على البنيات التحتية أفضى إلى إغفال العنصر البشري، وإنعاش الرياضة الجماعية، وتوزيع جيد للاستثمارات على المستوى المجالي.
لم تغفل الدراسة الجهد الذي بذل على مستوى التكوين، عبر المعهد الملكي لتكوين الأطر، إلا أنها لاحظت وجود هوة بين محتوى التكوين والحاجيات المحلية.
ولاحظت أن محتويات التكوينات المستوردة لا تستجيب للخصوصيات المحلية، مشددة على ضرورة العمل من أجل معالجة هذا المشكل، معتبرة أنه يجب إضفاء نوع من الاحترافية على المهن الرياضية وتأهيل الكفاءات والمسؤولين الرياضيين.
وتعتبر أنه سيكون صعبا بدون ذلك التأهيل إحداث إقلاع اقتصادي للرياضة، داعية، في الوقت نفسه، إلى جسر الهوة بين الميزانيات الموجهة للبنيات التحتية وتلك المخصصة للتكوين.
وتتصور أنه عند السعى وراء توفير بنيات تحتية، خاصة تلك المتعلقة بالقرب، يجب عدم الاعتماد فقط على ميزانية الدولة، بل يمكن البحث عن مصادر تمويل جديدة، مثل تلك التي تتيحها الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وأكد نقاش الدراسة على أن المستثمرين غير محفزين من أجل ولوج مجال الرياضة، ملاحظا أنه بعد قانون تحويل الأندية إلى شركات مجهولة الاسم، لم تقدم تحفيزات أو إعفاءات جبائية للشركات، بينما خصصت 800 مليون درهم لمواكبة الرياضة وتوفير نظام خاص بالضريبة على الدخل للاعبين.
خارطة طريق
تحدد الدراسة العديد من المحاور من أجل جعل الرياضة رافعة للتنمية، حيث تلح على ضرورة الاشتغال على الرياضة الجماهيرية بهدف زيادة عدد الرخص، مشيرة إلي ضعف انخراط الجامعات المشرفة على الرياضات وضعف الالتزام على مستوى المدارس، حيث تشدد على ضرورة إعطاء الأولوية للرياضة المدرسية والجامعية.
وتؤكد على تحديد الحاجيات على مستوى الموارد البشرية، وفرص التكوين على المستوى المحلي، من أجل تفادي الهوة بين المحتويات المستوردة والحاجيات.
وتوصي بتعزيز مشاركة المرأة في اقتصاد الرياضة، داعية إلى تشجيع ظهور بطلات رياضيات، بما يعطي للشابات الرغبة لممارسة الرياضية. وتلح على تدعيم الأمن في الملاعب، الذي يعتبر كابحا لولوج النساء إلى ذلك الفضاء.
وتلاحظ أنه تم وضع استراتيجية وطنية للرياضة تغطي الفترة بين 2008 و2020، غير أنها لم تترجم إلى سياسة عمومية، داعية إلى تولي الحكومة أمر هذا الملف، وانخراط جميع الفاعلين، وهو ما سيمر، عبر تحسين الإطار القانوني الحالي، موصية، في الوقت نفسه، بإحداث وكالة وطنية للرياضة، يعود لها الإشراف على سلسلة الرياضة الوطنية.
وأشارت الندوة إلى أنه رغم إحداث البنيات التحتية، إلا أنه يجب العمل على الرفع من مردوديتها، حيث أن بناء ملاعب بملايير الدراهم، تحتضن فقط مباريات البطولة أو بعض مباريات المنتخبات الوطنية، مدمر للقيمة.
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة