مجتمع
من يحق له جمع التبرعات في المغرب؟
21/02/2021 - 22:42
نضال الراضيبالرغم من صدور قانون ينظم عملية جمع التبرعات الخيرية بالمغرب، إلا أن التساؤل يزال مطروحا حول كيفية تعامل السلطات، مع توزيع هذه المبادرات، خاصة أن هذه العمليات قد تسقط في فخ الفوضى والمغامرة بالإضافة إلى حالات اختلاس واستغلال.
من ينظم جمع التبرعات؟
بهذا الصدد، أوضح محمد الزكاني، محام بهيئة الدار البيضاء، أن جمع التبرعات بالمغرب عرف التقنين منذ سنة 1971، بمقتضى القانون رقم 71-004، الذي تم بموجبه تنظيم عملية التماس الإحسان العمومي، حيث اشترط هذا القانون على أي شخص أن يحصل مسبقا على إذن من الأمين العام للحكومة.
وكشف المتحدث ذاته أن هذا القانون لم يعد يساير التغييرات التي يعرفها مجال جمع التبرعات بالمغرب، بالرغم من أنه ساري المفعول، خاصة بعد ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، التي ساهمت في تسهيل عمليات جمع التبرعات، لفائدة المحتاجين والأشخاص في وضعية صعبة، سواء من طرف أفراد متطوعين أو هيئات مدنية، وبالرغم من أهمية هذه المبادرات، إلا أنها قد تحمل في طياتها بعض المخاطر، كالاحتيال، الاختلاس والفوضى بالإضافة إلى توظيفها في أغراض منافية لأهدافها النبيلة.
وأضاف: "لهذا السبب جاء المشرع المغربي بمشروع قانون 18-18، الذي تمت المصادقة عليه سنة 2018 الخاص بتنظيم عملية جمع التبرعات، ولعل حادث الصويرة الأليم الذي ذهبت ضحيته 15 سيدة، بسبب الزحام للحصول على مساعدات غذائية من طرف جمعية خيرية بمدينة الصويرة، دفع بالإسراع لسن قانون خاص بتنظيم عملية الإحسان العمومي".
وأوضح الزكاني أن القانون يركز على محورين أساسين؛ الأول يهم جمع التبرعات من العموم، والثاني يخص توزيع المساعدات لأغراض خيرية. ويستخلص من نصوص هذا القانون أنه يهدف لمواكبة التطورات التكنولوجية، حيث نص على مجموعة من الشروط والمقتضيات تنظم أعمال الخير وجمع التبرعات.
وبخصوص عملية جمع التبرعات التي تخضع للقانون، قال المحامي الزكاني إن هذا القانون قد حدد العمليات التي تخضع للترخيص وهي:
- كل دعوة موجهة إلى العموم من أجل التبرع كيفما كانت طبيعتها، وكيفما كانت الوسيلة المستعملة للقيام بها.
- كل التماس موجه إلى العموم، قصد الحصول على أموال أو منتجات أو مواد، بهدف تمويل أو إنجاز أنشطة أو برامج أو مشاريع ذات صبغة اجتماعية أو انسانية أو تضامنية أو خيرية أو ثقافية أو بيئية أو لأغراض البحث العلمي، أو بهدف تقديم مساعدة أو إعانة لفائدة شخص ذاتي أو أكثر في وضعية هشة أو احتياج أو في حالة استغاثة، أو لفائدة مؤسسة اجتماعية غير ربحية محدثة بصفة قانونية، سواء داخل المغرب أو خارجه.
- كل عملية توزيع مساعدات على العموم لأغراض خيرية.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن القانون استثنى بعض العمليات من نطاقه وهي عمليات جمع التبرعات التي تتم بالطرق التقليدية والعرفية، فضلا عن عملية التبرع الهادفة إلى تمويل مشاريع للبحث العلمي، إذا كانت موضوع اتفاقات أو عقود بين مؤسسات للتعليم أو التكوين أو البحث العلمي وبين الجهات المتبرع لفائدتها.
كما تمنع دعوة العموم إلى التبرع وكذا تنظيم عمليات جمع التبرعات، لأهداف تجارية أو دعائية أو إشهارية أو انتخابية، أو من أجل الترويج لمنتجات أو سلع أو خدمات.
الأشخاص الذين يحق لهم جمع التبرعات
أوضح المحامي الزكاني أن المشرع المغربي قد حدد من خلال قانون 18-18، الأشخاص الذين لهم الحق في جمع التبرعات، في الجمعيات والمؤسسات ذات الصفة القانونية، والأشخاص الذاتيبن (بصفة استثنائية) من خلال دعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات من قبل مجموعة من الأشخاص الذاتيين، إذا كان الغرض من ذلك تقديم مساعدات عاجلة لفائدة شخص أو أكثر في حالة استغاثة، شريطة الحصول مسبقا على ترخيص بذلك من قبل الإدارة.
كما شدد المشرع على ضرورة تخصيص التبرعات التي تم جمعها، سواء كانت تبرعات مالية أو عينية، للغرض أو الأغراض التي تمت دعوة العموم إلى التبرع من أجلها.
وأشار من خلال المادة السادسة، أنه "لا يمكن أن تخصص التبرعات المذكورة أو أي جزء منها لتغطية تكاليف تسيير الجمعية أو الجمعيات أو أي شخص اعتباري آخر مؤهل بموجب التشريع الجاري به العمل لتوجيه الدعوة إلى العموم من أجل التبرع أو لتغطية تكاليف تسيير أي جهة أخرى".
وكشف الزكاني أنه في حال قام شخص أو جهة بالقيام بمبادرة لجمع التبرعات، دون أن تتوافر لديه الصفة التي حددها القانون، يعاقب بغرامة مالية من 50.000 إلى 100.000 درهم.
الشروط
أوضح الزكاني أنه يجب توفر مجموعة من الشروط في الأشخاص الذين يقومون بجمع التبرعات، سواء كانوا جمعيات أو أشخاصا ذاتيبن.
بالنسبة للجمعيات كشف المتحدث ذاته أنه يجب أن يتكون الجمعية مؤسسة بطريقة قانونية، حيث يكون ملفها مودع لدى السلطات المحلية طبقا للتشريع الجاري به العمل.
كما يشترط ألا يكون قد صدر في حق أحد مكتبها المسير قرار قضائي، من أجل ارتكاب إحدى الجنايات أو الجنح ضد أمن الدولة أو جريمة إرهابية أو إحدى الجنايات أو الجنح المتعلقة بالأموال أو التزوير أو التزييف أو الانتحال أو الرشوة أو استغلال النفوذ أو الغدر أو اختلاس أو تبديد للمال العام.
وبالنسبة للأشخاص الذاتيين، فيتعين ألا يكون قد صدر في حق أحدهم مقرر قضائي، نهائي من أجل ارتكاب جنايات أو جنح متعلقة بالأموال أو التزوير أو الرشوة أو الاختلاس أو تبديد المال العام ما لم يرد اعتبارهم.
ومن أجل تنظيم عمليات التبرع، يقول المحامي الزكاني إن المشرع المغربي قد وضع مجموعة من الشروط التنظيمية، يجب على الجهة المرخص لها بدعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات أن تلتزم بها وهي:
- إخبار السلطة الإدارية المحلية المختصة، التي ستتم في دائرة نفوذها الترابي هذه العملية، بتاريخ ومدة ومكان العملية ولائحة الأشخاص الذين سيشاركون فيها، وذلك 48 ساعة على الأقل، قبل مباشرة أي عمل من الأعمال المتعلقة بجمع التبرعات من العموم.
- كما يجب على الجهة المرخص لها بدعوة العموم إلى التبرع وجمع التبرعات أن تشير في كل إعلان عن ذلك، إلى رقم وتاريخ الترخيص، وتاريخ بداية عملية جمع التبرعات من العموم وتاريخ نهايتها، والغرض أو الأغراض التي ستخصص لها حصيلة هذه التبرعات.
- كما يجب على كل شخص يشارك في جمع التبرعات من العموم، أن يحمل توكيلا إسميا تسلمه له الجهة الداعية إلى التبرع، يتضمن على البيانات التالية:
- الاسم الشخصي والعائلي للمشارك ورقم بطاقة تعريفه.
- اسم الجهة الداعية إلى التبرع.
- تاريخ بداية عملية جمع التبرعات من العموم وتاريخ نهايتها.
- الغرض أو الأغراض التي ستخصص لها حصيلة هذه التبرعات.
- رقم وتاريخ الترخيص بجمع التبرعات من العموم أو تاريخ التصريح لدى الإدارة.
وبالنسبة للأموال المتحصل عليها من عملية جمع التبرعات من العموم، أوضح الزكاني أنها تودع لزوما في الحساب البنكي المخصص لهذه العملية، ولا يجوز الاستمرار في تلقي التبرعات بالحساب البنكي المذكور خارج المدة المخصصة لجمع التبرعات، إلا بترخيص من أجل ذلك تسلمه الإدارة وفق الكيفيات المنصوص عليها في المادة 13 من قانون 18-18، الخاص بتنظيم عمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع