مجتمع
حملة تحسيسية لإقناع المغاربة بالتبرع بالدم
08/12/2020 - 11:35
وئام فراج | وئام فراجتواجه مختلف مراكز تحاقن الدم بالمملكة تحديا كبيرا بسبب النقص المسجل في مخزون الدم، في ظل ارتفاع الطلب على هذه المادة الحيوية، وقلة المتبرعين. وحسب معطيات رسمية كشف عنها المركز الوطني لتحاقن الدم، تتراوح الحاجيات اليومية من أكياس الدم ما بين 1200 و1500 كيس، في وقت لا تتعدى فيه نسبة المتبرعين في صفوف المغاربة 0,99 في المائة، وفق إحصائيات سنة 2019، أي ما لا يتعدى 335 ألفا و514 متبرعا.
مخزون لا يتعدى 4 أيام
أكدت نجية العمراوي، مسؤولة التواصل والتحسيس بالمركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم، أن المخزون الوطني الحالي لا يتعدى ثلاثة إلى أربعة أيام، ويتجلى هذا الخصاص بشكل أكبر في المدن الكبرى التي تتوفر على عدد كبير من المراكز الاستشفائية الجامعية والمصحات الخاصة، من قبيل مدينة الدار البيضاء والرباط وفاس ومراكش ووجدة.
وأوضحت العمراوي في تصريح لـ"SNRTnews" أن الحاجيات اليومية من أكياس الدم بالنسبة لهذه المدن، تتراوح بين 150 و500 كيس في اليوم، علما أن مدة صلاحية أكياس الدم محدودة، إذ يتم تخزين الكريات الحمراء لمدة اثنين وأربعين يوما، فيما لا تتعدى مدة صلاحية الصفائح الموجهة لأقسام المستعجلات خمسة أيام، ما يستدعي حملات إعلامية وتحسيسية متكررة لتوعية المواطنين بضرورة التبرع بالدم، بحسب العمراوي.
وشددت المسؤولة بالمركز الوطني لتحاقن الدم على ضرورة محاربة الإشاعات المتعلقة بالمتاجرة في أكياس الدم بالمملكة، مؤكدة أنه لا مجال لبيع الدم داخل المراكز المخصصة للتبرع، وحذرت العمراوي في الوقت ذاته من تأثير هذه الإشاعات على الأمن الصحي للمرضى، داعية المتبرعين إلى الاطلاع على القانون رقم 03.94 المتعلق بالتبرع بالدم البشري وأخذه واستخدامه، والذي يشدد على مجانية التبرع ويعاقب كل مخالف لأحكامه بالحبس.
وفي خضم حديثها عن ضرورة التبرع بالدم، أكدت العمراوي أن الطريقة الوحيدة للحصول على هذه المادة الضرورية هي التبرع، مشيرة إلى أن متبرعا واحدا يستطيع إنقاذ حياة ثلاثة أرواح. وحسب أرقام المركز، بلغ عدد المتبرعين، في حدود شهر يونيو الماضي، أزيد من 148 ألف متبرع، مقابل أزيد من 167 متبرعا المسجلة سنة 2019، ويعود هذا التراجع بالأساس إلى تخوف المغاربة من التوجه إلى مراكز تحاقن الدم بسبب انتشار فيروس "كورونا".
رغم انخفاض حوادث السير
تشير آخر أرقام وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، إلى تسجيل تراجع ملموس في حوادث السير بالمملكة مقارنة مع العام الماضي، بسبب فرض حالة الطوارئ الصحية بالمغرب، إلا أن هذا التراجع لم يخفف من حجم الطلب المتزايد على أكياس الدم، بحسب مسؤولة التواصل والتحسيس بالمركز الوطني لتحاقن ومبحث الدم، إذ ظل الطلب مرتفعا خاصة داخل المستشفيات الجامعية والعمومية، الأكثر استهلاكا للدم بالمغرب، إضافة إلى مصالح أخرى من قبيل الأجنحة المخصصة لمرضى السرطان وأمراض الكلي التي يحتاج أصحابها إلى تصفية الدم.
وسجلت مراكز تحاقن الدم تراجعا بفرق عشرين ألف متبرع خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019، كما تتوقع المسؤولة بالمركز انخفاضا أكبر خلال عام 2020 في وقت توصي فيه منظمة الصحة العالمية، بأن لا يقل الحد الأدنى للتبرع عن 1 في المائة. وأشارت العمراوي في هذا الإطار إلى أن المغرب قادر على تجاوز المعدل الموصى به، في حال تبرع كل مواطن مرتين في السنة فقط.
جهة الدار البيضاء في الصدارة
يتوصل المركز الجهوي لتحاقن الدم بجهة الدار البيضاء سطات بـ400 طلب يوميا من أجل التزود بالدم، في وقت يوزع فيه ما بين 500 و 600 كيس من الدم يوميا، بحسب المديرة الجهوية للمركز أمال دريد، مبرزة أن المركز كان يتوصل بـ250 متبرعا قبل تفشي جائحة "كورونا"، بينما لا يتعدى في الوقت الحالي خمسين متبرعا، ما بات يستدعي تكثيف الحملات التحسيسية بأهمية التبرع بالدم.
وأكدت دريد، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن جهة الدار البيضاء سطات وحدها تستهلك أكثر من 36 في المائة من الاستهلاك الوطني للدم، نظرا لكون المركز يوزع أكياس الدم على أكثر من 610 مؤسسة عمومية وخاصة، وهو الأمر الذي يشكل ضغطا كبيرا على الطلب مقابل قلة العرض.
وأوضحت دريد أن المركز قام بتوجيه مراسلات بهذا الخصوص إلى جميع المصالح المعنية من أجل تدارك الوضع، إلا أن الاستهلاك ظل في تزايد مستمر مقارنة بعدد المتبرعين.
وأثرت جائحة "كورونا" بشكل كبير على إقبال المغاربة على مراكز تحاقن الدم، رغم اتخاذها كافة الاحتياطات الضرورية لمنع تفشي الفيروس، إذ كان المركز الجهوي بالدار البيضاء يراهن على الوصول إلى اثنين في المائة من المتبرعين، بعدما بلغ عدد المتبرعين سنة 2019، 93 ألف متبرعة ومتبرع، إلا أنه سجل هذه السنة تراجعا بستة في المائة بسبب انخفاض إقبال المغاربة على المراكز المخصصة للتبرع.
وأكدت مديرة المركز الجهوي للدار البيضاء سطات في هذا الإطار حرص جميع المراكز على التقيد بكافة الإجراءات الاحترازية الموصى بها من طرف وزارة الصحة، من تعقيم وارتداء الكمامة والحرص على التباعد الاجتماعي، فضلا عن تغيير الأفرشة وتنظيفها للحفاظ على سلامة المتبرعين.
400 متبرع في اليوم
يحاول مركز تحاقن الدم بجهة الدار البيضاء سطات تدارك النقص المسجل هذه السنة في مخزون الدم، فحسب مديرة المركز أمال دريد، يستطيع المركز في الوقت الراهن تلبية 98 في المائة من الطلبات اليومية، ويبلغ عدد هذه الطلبات 600 كيس من الدم، وهو أمر تعتبره مديرة المركز إيجابيا، إلا أن توفير مخزون كاف من الدم، يتطلب تلبية هذه الطلبات والحصول على عدد إضافي من الأكياس، تمكن من الحفاظ على مخزون مريح لأكثر من خمسة أيام، ولتحقيق هذه الغاية يحتاج المركز إلى أكثر من 400 متبرعة ومتبرع في اليوم بشكل آني، وفق المديرة الجهوية.
وفي ظل عدم توفر العدد الكافي من المتبرعين، عمل المركز على إرساء استراتيجية لتعزيز المدخول والحد من الخصاص المسجل، عبر مراسلة جميع المستشفيات الخاصة على وجه الخصوص من أجل تأجيل جميع العمليات غير المستعجلة، خاصة بعدما أصبح المخزون لا يتعدى 24 ساعة، كما قام المركز بالتركيز على التواصل مع هيئات المجتمع المدني والمؤثرين بمواقع التواصل الاجتماعي لتحفيز المواطنين على التبرع، ومكنت هذه العملية من عتق أرواح أزيد من أربعين ألف شخص، في ظرف شهر ونصف فقط.
تطبيق CRTS.CASA
كشفت المديرة الجهوية لمركز تحاقن الدم بجهة الدار البيضاء سطات عن قرب إطلاق تطبيق خاص يمكن تحميله في جميع الهواتف الذكية، يسعى إلى الإجابة عن جميع الأسئلة المتعلقة بالتبرع بالدم، كما يمكن هذا التطبيق من الحصول على لائحة المتبرعين بالدم الحاملين لنفس الفصيلة وأرقام هواتفهم في حال تسجيل أي خصاص في المخزون الجهوي، وأبرزت أمال دريد أن التطبيق سيكون جاهزا للتحميل في غضون الأيام المقبلة، إذ يكفي إدخال مدينة الإقامة وفصيلة الدم التي يحتاجها الشخص للعلاج من أجل الحصول على لائحة المتبرعين.
ودعت كل من المديرة الجهوية لمركز تحاقن الدم بالدار البيضاء، ومسؤولة التواصل والتحسيس بالمركز الوطني لتحاقن الدم، عموم المواطنات والمواطنات وكافة المسؤولين إلى التبرع بالدم لإنقاذ أرواح الملايين من المحتاجين، طوال مدة الحملة الممتدة إلى غاية نهاية شهر دجنبر من عام 2020 ، والاستمرار في هذا العمل النبيل على مدى السنوات المقبلة.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع