سياسة
هذه انتظارات المغاربة من النموذج التنموي الجديد
25/05/2021 - 23:00
وئام فراجأكد التقرير العام للجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد أن خيار التنمية المتبع حاليا لا يستجيب كليا لتطلعات المواطنين وللتحديات المستقبلية المطروحة على البلاد، مشددا على ضرورة استعجال العمل من أجل تسريع وتيرة الانتقال نحو النموذج التنموي الجديد.
تحسين جودة الخدمات العمومية
وأوضحت اللجنة، في تقريرها، أن تطلعات المغاربة الذين تم الإنصات إليهم تجسد عمق وجسامة التحولات التي يتعين إنجازها من أجل تفعيل النموذج التنموي الجديد، الذي يشكل بادرة أمل وثقة في المستقبل، مبرزة أن هذا التحول يستدعي توزيعا عادلا للثروة بين جميع المواطنين، وتوسيع نطاق الفاعلين المعنيين بعملية الإنتاج.
وارتكز النموذج التنموي الجديد على انتظارات المواطنين ومسلسل من المشاورة والإنصات، وعلى التحولات الهيكلية على المستويين الوطني والعالمي فضلا عن الإطار المرجعي لدستور المملكة، وذلك لتحديد معالم الطموح الوطني في أفق 2035.
وحسب ما جاء في التقرير العام للجنة، يطمح المواطنون الذين تم الاستماع إليهم إلى تحسين جودة الخدمات العمومية من أجل ضمان تكافؤ الفرص، وتعزيز القدرات الشخصية وتغذية روح المواطنة والمنفعة المشتركة.
وفي هذا الإطار، أكد التقرير أن انتظارات المواطنين تبلورت في أربعة مجالات رئيسية، وهي التعليم والصحة والنقل وفرص لتنمية القدرات الشخصية بواسطة الثقافة والرياضة.
وفي ما يتعلق بالتعليم، أورد تقرير اللجنة، التي يرأسها شكيب بنموسى، أن معظم انتظارات المغاربة شددت على إعادة تأهيل المدرسة العمومية، عبر تحسين جوهري لجودة التعلمات وتكييفها مع احتياجات سوق الشغل، وذلك من خلال الرفع من الكفاءة البيداغوجية للمدرسين، وتشجيع الانفتاح على اللغات الأجنبية، فضلا عن إرساء نظام توجيه نافع للرفع من فرص النجاح المدرسي.
وعلى مستوى قطاع الصحة، تتجلى مطالب المواطنين، وفق معطيات التقرير، في توفير علاجات تتسم بالجودة وتكون في متناول الجميع، من حيث التكلفة والقرب.
كما تنصب الانتظارات، يضيف التقرير، على الرفع من عدد مناصب العاملين في المجال الطبي والتوزيع العادل للبنيات التحتية الصحية على مجموع التراب الوطني، للحد من الفوارق الصارخة في هذا المجال، فضلا عن تجويد الخدمات التي يجب أن توفرها التغطية الصحية، بعدما أجمع المواطنون على كونها حقا أساسيا.
ضعف توفر وسائل النقل
وفي ما يخص ميدان النقل والتنقل، رصد تقرير النموذج التنموي الجديد، أن المواطنين يشجبون ضعف توفر وسائل النقل وصعوبة الولوج إلى خدماته، مضيفا أن سكان المناطق القروية والجبلية يشكون من عزلتهم التي تشكل عائقا أمام تطوير أنشطتهم الاقتصادية الحيوية.
كما تطرق التقرير إلى ضعف شبكات التنقل وضعف توفر وسائل النقل المتخصصة من قبيل النقل المدرسي وسيارات الإسعاف، مشيرا إلى أن هذا الضعف يفاقم من صعوبة الولوج إلى المرافق العمومية.
أما بالمجال الحضري، فقد أكد التقرير العام للجنة أن التوفر الضعيف لوسائل نقل عمومية سهلة الولوج وآمنة وبكثافة كافية تشكل في نظر النساء والشباب، خاصة، عائقا أمام تنقلاتهم واندماجهم.
وعلى مستوى المجال الثقافي، فتطالب الفئات الشابة، بشكل خاص، بتثمين ومضاعفة الفضاءات المخصصة للتعبير الثقافي والفني والبنيات التحتية والأنشطة الرياضية، كما أكد المقاولون في المجال الثقافي الذين تم الإنصات إليهم على أن الثقافة يمكن أن تصبح قطاعا مهما لخلق فرص الشغل والثروة.
وأشار التقرير، في السياق ذاته، إلى أن المواطنين يرغبون في الحصول على المزيد من الفرص للمشاركة بشكل فعال في تنمية محيطهم من خلال آليات الإنصات والمنصات الرقمية وآليات التظلم التي يمكن الولوج إليها.
كما دعا المواطنون، الذين تم الإنصات إليهم، إلى المزيد من التشاور وأخذ مقترحاتهم في الاعتبار خلال إعداد السياسات العمومية والبرامج التي تعنيهم.
الارتقاء بالإنتاج الوطني
من جهة أخرى، أورد تقرير اللجنة المكلفة بإعداد النموذج التنموي الجديد في شقه المتعلق بالمرتكزات وعناصر الاستشراف في أفق سنة 2035، أن المغاربة يعتبرون الرفع من قدرة الاقتصاد الوطني على خلق المزيد من القيمة المضافة ومناصب شغل ذات جودة تستفيد منها جميع المجالات الترابية، من بين الأولويات التي يجب الاهتمام بها.
وأوضح أن هذا الأمر يستدعي الارتقاء بالإنتاج الوطني عبر الاعتماد على البحث والابتكار، وربط جسور بين القطاع الصناعي ومنظومة البحث العلمي، وتنمية الكفاءات عبر التكوين المستمر داخل المقاولة.
كما يرغب المواطنون والفاعلون الذين تم الإنصات إليهم في أن يعزز المغرب قدرته على إنتاج المواد والخدمات الأساسية، وأشار تقرير اللجنة، في هذا الإطار، إلى أن هذا التوجه برز بحدة خلال الأزمة الصحية لجائحة "كورونا".
وجاء من بين مطالب المواطنين أيضا ترسيخ حكامة ناجعة وفعالة ترتكز على أدوار ومسؤوليات محددة بوضوح، فضلا عن تخليق الحياة العامة ومكافحة الفساد والامتيازات غير المستحقة وحالات تنازع المصالح، مع التأكيد على ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة.
الرفع من فعالية الإدارة عبر تبسيط الإجراءات والمزيد من الإنصات والقرب من المواطنين والفاعلين الخواص، إضافة إلى تحسين الشفافية والولوج المعمم إلى البيانات والمعطيات، من بين أبرز المطالب التي تم الإجماع عليها، وفق تقرير اللجنة، وذلك باعتبارها ضامنة للولوج المتكافئ إلى الموارد والفرص الاقتصادية.
كما دعا المواطنون إلى رقمنة الإدارة لكونها شرطا ضروريا لتحسين جودة علاقة الإدارة مع المواطنين والفاعلين، ومن لوازم استعادة الثقة.
التحولات الوطنية والعالمية
على صعيد آخر، تطرق تقرير اللجنة الخاصة بإعداد النموذج التنموي الجديد إلى التحولات الوطنية والعالمية التي تلوح في أفق سنة 2035، وذلك بهدف تحويل الرهانات والتحديات التي تثيرها هذه التحولات إلى فرص للتنمية.
وفي هذا الإطار، أكدت اللجنة أن البلاد مدعوة لمواجهة تحولات عميقة على عدة مستويات ذات تأثير بالغ على مسارها التنموي، متوقعة أن يصاحب نمو الساكنة النشيطة تزايدا مضطردا لعدد من الشباب الباحثين عن العمل، ما سيولد ضغوطا إضافية على سوق الشغل.
كما أبرزت اللجنة، في تقريرها، أن تزايد الأنشطة الاقتصادية والبشرية داخل المناطق الساحلية من شأنهما أن يزيدا من حدة التحديات المرتبطة بحكامة المدن وحركية التنقل، إضافة إلى إعداد التراب الوطني لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات العمومية.
وعلى الصعيد الدولي، أكدت لجنة النموذج التنموي، أن عالم ما بعد كوفيد 19 ستصاحبه تغييرات عميقة، من شأنها إبراز عالم جديد ومختلف عن الأنماط السائدة، مبرزة أن هذا العالم يتطلب قدرات استباقية والتكيف للحماية من المخاطر.
توصيات اللجنة
من جهة أخرى، شددت اللجنة على ضرورة جعل تكوين الرأسمال البشري والبحث والتطوير والابتكار ضمن أولويات المملكة التنموية، مع تسريع تأهيلها من حيث البنية التحتية التكنولوجية، وذلك بهدف دعم قدرتها التنافسية، في ظل تسارع التحولات التكنولوجية.
تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي قدم أيضا توصيات تتعلق بالحفاظ على البيئة، داعيا إلى تقليص مستوى انبعاثات البلاد من الكربون حتى لا يتأثر عرضها القابل للتصدير مستقبلا بأي قيد، مبرزا أن هذا الأمر يستلزم الاستمرار في تحقيق إنتاج يراعي هذه المعايير ويجعل منها ميزة تنافسية مهمة.
وبالعودة إلى قطاع الصحة، نبهت اللجنة من المخاطر المتنامية لتفشي الأوبئة على الصعيدين الإقليمي والدولي، داعية إلى تعزيز الموارد البشرية لقطاع الصحة وإنجاز البنيات التحتية ودعم القدرات التقنية والتكنولوجية المتعلقة بإنتاج الأدوية والبحوث البيوطبية، من أجل التمكن من تدبير المخاطر المرتبطة بهذه الأوبئة.
كما تبرز التكلفة الاقتصادية والاجتماعية المرتفعة لأزمة كوفيد-19، تضيف اللجنة، ضرورة التعجيل بمعالجة العجز المتراكم في بعض القطاعات الحساسة، كالصحة والتعليم والحماية الاجتماعية من أجل إرساء دولة قوية وقادرة على معالجة مكامن الضعف في هذه المجالات.
مقالات ذات صلة
سياسة
اقتصاد
الأنشطة الملكية