اقتصاد
هل تبحث الحكومة عن متنفس مالي عبر الإصلاح الجبائي؟
11/02/2021 - 14:27
مصطفى أزوكاح
أكد الاقتصادي العربي الجعيدي، أمس الأربعاء العاشر من فبراير، في ندوة عن بعد نظمتها منظمة "أوكسفام"، حول الإقلاع الاقتصادي بعد "كوفيد-19"، أنه يجب أن يفضي التلقيح إلى التغاضي عن القضايا المرتبطة بالإنعاش الاقتصادي والتماسك الاجتماعي.
ضغط التمويل
وذهب إلى أن الأجوبة التي جاءت بها السلطات العمومية في مواجهة الجائحة كانت سريعة ومكلفة، عبر توفير الدعم للأسر والمقاولات، غير أنه يرى أن المغرب يوجد اليوم أمام منعطف حقيقي، مرتبط بالإنعاش الاقتصادي، الذي ركز عليه قانون المالية للعام الحالي.
وذكر بأن قانون المالية انشغل بإعادة إنعاش الاستثمار، خاصة عبر صندوق محمد السادس للاستثمار، الذي حددت قيمته في حدود 45 مليار درهم، وهو مبلغ سيأتي عبر موارد الميزانية في حدود 15 مليار درهم، مع تعبئة الباقي عبر مساهمات محلية ودولية.
وأشار إلى أن ذلك القانون شدد على تعميم التغطية الاجتماعية، التي يفترض أن تذهب أبعد من الأجراء في القطاع الخاص والموظفين، ما يطرح مسألة التمويل الدائم عبر مجهود الدولة والمساهمات الآتية من الساكنة.
وعرض الجعيدي لورش إصلاح المؤسسات العمومية، الذي تناوله قانون المالية، مؤكدا على أن الاستثمار العمومي له دور حاسم في المغرب، غير أن المؤسسات العمومية تعاني من بعض الصعوبات المالية، ما يفرض على الدولة، ليس فقط عقلنة الإنفاق، بل كذلك إعادة توجيه وسائلها المالية من أجل الاستجابة أكثر للحاجيات الاقتصادية والاجتماعية.
غير أن "عصب الحرب"، كما يقول الجعيدي، والمتمثل في التمويل، يطرح بشدة في المغرب، حيث يمكن تصور أن هناك هامشا لذلك عبر المديونية أو الاستناد على السياسة النقدية، إلا أن يعتبر أنه يجب النظر إلى إمكانية مساهمة الجباية في تنمية الموارد العادية لخزينة الدولة.
ويعتبر روبيرتو كارديلي، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للمغرب، أن الرهان بالنسبة للمملكة، يتمثل في دعم الإنعاش الاقتصادي وضمان تمويل الإصلاحات الهيكلية، مع تفادي الإمعان في الاستدانة.
ويعتقد أن ذلك يمكن أن يتأتى عبر عقلنة النفقات وإعادة توجيه بعضها لتمويل التغطية الاجتماعية والتربية، وهو توجه يراه ممكنا عبر تقليص الإنفاق على دعم الطاقة، بالموازاة، مع وضع السجل الاجتماعي الموحد، الذي يراد منه توجيه الدعم لمستحقيه.
ويعتقد كارديلي أن الهوامش الموازنية يمكن أن تتأتى، بالإضافة إلى إعادة النظر في الدعم، عبر إصلاح الوظيفة العمومية، وإصلاح المؤسسات والشركات العمومية، التي تستفيد من دعم مالي من الدولة، مع إصلاح الإدارة العمومية ورقمنتها يمكن أن يفضي إلى تقليص الإنفاق.
غير أن كارديلي والجعيدي يتفقان حول مسألة التوجه نحو إصلاح جبائي، يساعد الدولة على عدم الإمعان في الاستدانة، خاصة الخارجية التي لجأ إليها المغرب في ظل الأزمة الصحية.
وتتوقع المندوبية السامية للتخطيط، في تقرير الميزانية التوقعية للعام الجاري، أن يرتفع معدل الدين الإجمالي للخزينة بحوالي 0,6 نقطة ليصل إلى 78,3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في العام الحالي، عوض77,7 في سنة 2020 و64,9 في سنة 2019.
ويذكر الجعيدي بأن التوجهات العامة للإصلاح الجبائي حددت من قبل المناظرة الوطنية التي نظمت قبل أكثر من عام ونصف بالصخيرات، وهو الإصلاح الذي كان يفترض أن ينطلق في العام ما قبل الماضي، لكنه أرجئ عاما آخر، من أجل التوجه أكثر نحو نوع من الشفافية والإنصاف وتوسيع الوعاء الجبائي.
ويتساءل حول ما إذا كان الإصلاح الجبائى يمكن الانخراط فيه في ظل الأزمة الحالية، معتبرا أنه في أوقات الأزمة تكون القرارات المتعلقة بالإصلاح صعبة، حيث لا يكون مرحبا، في الكثير من الأحيان، بالإصلاحات الجبائية، من قبل أولئك الذين يتأثرون بها.
الجباية أولا
غير أن الاقتصادي المغربي لاحظ أن الإصلاح الجبائي كان موضوع نقاش خلال عرض مشروع قانون مالية العام الحالي، خاصة حول ضريبة التضامن والمساهمة المهنية الموحدة من أجل تمويل الحماية الاجتماعية.
ويتصور أنه يفترض التوجه نحو ترجمة روح ما اتفق عليه خلال مناظرة الجباية، ما يعني التوفر على إطار جبائي جديد، يأخذ بعين الاعتبار توسيع الوعاء الجبائي، والإنصاف الجبائي، بهدف استثمار الهوامش المتاحة، ضاربا مثلا بكون أقل من 1 في المائة من الشركات تؤدي 80 في المائة من الضريبة على الشركات.
ويذهب كارديلي إلى أن التوجه نحو إرساء فعالية النظام الجبائي والإدارة الجبائية يمكن أن يساعد على تنمية موارد الدولة، معتبرا أنه يجب بذل مجهود من أجل توسيع الوعاء الجبائي الذي يبقى جد ضيق، وتوزيع أفضل للعبء على الملزمين، وتقليص الفوارق في المساهمات في المجهود الجبائي للدولة.
ويتصور أنه تتوجب محاربة التهريب الضريبي وإعادة النظر في الإعفاء الجبائى، الذي يمثل حوالي 2 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، والذي يستفيد منها قطاعات، مثل العقار، لا تتعرض للمنافسة على الصعيد الدولي.
وأوصى كارديلي، الذي عاد للدعوة إلى إعادة بعث عمليات الخوصصة التي علقت في العام الماضي، بتبسيط نظام الضريبة على القيمة المضافة، وتوسيع الضريبة على الثروة، وإدخال ضريبة " الكاربون".
ويشدد على ضرورة وضع إطار موازني ممتد على مدى سنوات، وهو إطار، يرى أنه يمكن أن يساهم في توسيع الهامش الموازني للدولة، ويوضح قدرة المغرب على تقليص المديونية وتوضيح الحاجيات المرتبطة بالتمويل.

مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد