رياضة
هنا العيون المغربية.. مارادونا يحييكم
25/11/2020 - 22:59
صلاح الكومريكان ذلك بمناسبة الذكرى الأربعين لمسيرة المغاربة المظفرة في الأقاليم الجنوبية. حضر مارادونا إلى قلب الصحراء المغربية. لبى الدعوة بفخر واعتزاز. أقام بداية في أحد فنادق مدينة مراكش الراقية، وصباح الجمعة 6 نونبر 2015، توجه في طائرة خاصة إلى مدينة العيون، حيث كان ضيف شرف أهل المدينة الكرام، وحيث هام عشقا في الاستقبال الذي حظي به، فرقص وغنى مع مجموعة من الفرق الموسيقية، قبيل غروب شمس ذاك اليوم الجميل. بدا وهو يرقص كأنه طار بنفسه وروحه إلى عالم اللاوعي، عالم يخصه هو فقط.
رغم أن العشرات من نجوم العالم، من مختلف الجنسيات، في مختلف المجالات، في الفن والرياضة على الخصوص، حضروا، ذاك اليوم، في 6 نونبر 2015، إلى مدينة العيون، إلا أن مارادونا، كان النجم الأول الذي حجب الرؤية عن الجميع. بدا كل من حضر متساويا أمام سكان المدينة ووسائل الإعلام، لا فرق بين هذا لعب في كبرى الأندية العالمية، وآخر فاز بكأس إفريقيا أو الكرة الذهبية، فمارادونا هو النجم الأول، يجلس متربعا على عرش النجومية، كأنه كائن خرافي قادم من كوكب آخر.
استقبال كبير للأسطورة والنجوم
سكان العيون كانوا في الموعد. عشرات الآلاف حجوا إلى مطار المدينة حاملين الأعلام الوطنية للترحيب بالضيف العزيز على القلوب. هتفوا باسمه، وحيّوه بحرارة، وبعضهم رفع أعلام بلده. تفاجأ لأعدادهم الهائلة على امتداد الطريق من المطار إلى قلب الصحراء، حيث نصبت خيام للضيوف.
لم يتوان "الأسطورة" مارادونا في النزول من السيارة التي كانت تقله لتحية الحشود، كان يشير لهم أنه هنا من أجلهم، حضر خصيصا للقائهم، "أنتم مبدعون.. أنتهم شعب عظيم"، هكذا عبر الأسطورة، في حديث له، وقتذاك، عن إعجابه بالجماهير المغربية، وسكان مدينة العيون، خاصة الذين استقبلوه استقبال الفاتحين.
نصبت خيام خاصة لمارادونا ومن رافقه من عائلته والمقربين منه في قلب الصحراء، حيث استقبل على إيقاع أهازيج حسانية ورقصة "الكدرة"، التي على ما يبدو أثارته، وحركت فيه شيئا ما، فلم يتمالك نفسه، وراح يبحر في بحرها، ويشارك الفرقة الغنائية الرقصة. اندمج كليا في الرقصة والأغاني الحسانية، بدا كأنه طار بعقله إلى عوالم "الجدبة والتحيار"، حتى إن البعض قال ساخرا: "لقد مسه جن الصحراء".
ارتأى نجوم العالم، ممن حضروا تلك الليلة، أن يتركوا الأسطورة يهنأ بسحر الصحراء مع عائلته. يعرفونه جيدا، يعرفونه عاشقا للنشوة، محبا للسفر بروحه إلى عوالم السعادة. اجتمعوا مع بعضهم، حيث نصبت لهم خيام، وراحوا في حديث ذو شجون، يسترجعون الأيام الخوالي، حينما كانوا نجوما ساطعة، يملأون المدرجات صخبا، أدركوا أن السنين فرقتهم، فجمعتهم الصحراء ببعضهم.
مارادونا في ملعب الشيخ..
"ديييييغو... ديييغو.. ديييغو"، بهذه الأهازيج استقبل "الأسطورة" دييغو مارادونا في ملعب الشيخ محمد لغضف، حيث كان في استقباله حوالي 40 ألف متفرج، للاستمتاع بما تبقي من سحره، وحيث أقيمت مباراة احتفالية بين فريق الأسطورة، المكون من نجوم العالم، ونجوم القارة الإفريقية.
لم يهتم الجمهور بباقي النجوم الذين حضروا، فالأسطورة خطف منهم الاهتمام والأضواء، وتقبلوا ذلك باحترافية، فهم يعرفونه ملك كرة القدم عبر التاريخ، واللاعب الذي كانت وما زالت شعبيته في السماء، وستبقى كذلك حتى بعد رحيله.
بادل مارادونا الجماهير المغربية التحية من خلال طوافه بجنبات ملعب الشيخ لغضف. كان يشير للجميع أنه يحبهم، بل إنه طلب من رجال الأمن أن يبتعدوا عن طريقه ويفسحوا له المجال لتحية محبيه بحرارة،. بدا كأنه يسترجع أيامه الخوالي في ملعب "بومبانيرا"، مع فريقه السابق "بوكا جونيور".
خلال المباراة "الاستعراضية" كان كلما لمس "الأسطورة" الكرة يصيح الجمهور. تمنوا لو أنه يتقدم بالكرة أكثر ويبدع كما كان يبدع في الماضي. أن يراوغ اثنان وثلاثة وأربعة، أن يرسم لوحات فنية لا يعرف سرها إلا هو، تمنوه أن يشاغب ويجادل كما كان، كل شيء مقبول منه، كان اهتمامهم أن يعاينوا هذا الأسطورة الغريبة مباشرة بعدما عاينوها فقط على شاشات التلفاز.
وخلال تلك المباراة، أحرز مارادونا هدفا على طريقته الخاصة، في مرمى الحارس المصري نادر السيد الذي فسح له المجال لإرضاء الجمهور، ورغم ذلك، كان الهدف يحمل لمسة فنية جميلة، تؤكد المقولة المغربية "يلا مشا الزين.. كيبقاو حروفو".
اكتفى مارادونا بخوض 15 دقيقة من تلك المباراة الاحتفالية، قبل أن يغادر الملعب، لكنه لم يكتف بتحية الجمهور الحاضر، بل إنه ركع له احتراما وتقديرا. بدا كمن يسجد طلبا للمغفرة أو التبرك ببركات الصالحين. ركوعه يؤكد تصريحه لوسائل الإعلام الوطنية، وقتذاك، حين قال: "لقد علمني والداي أن من يعاملني معاملة حسنة، أرد له المعاملة بالمثل وأكثر من ذلك، ومن يعاملني معاملة سيئة أكون أمامه مثل القنبلة، لكني لم أجد هنا إلا المعاملة الحسنة، إذن يجب أن أكون في غاية اللطف".
ولأن الاستقبال كان رائعا، وعاش أجواء خيالية، عاد مارادونا إلى مدينة العيون في السنة الموالية 2016، بمناسبة الذكرى 41 للمسيرة الخضراء، ولم تختلف أجواء حضوره إلى قلب الصحراء المغربية في شيء عن حضوره السابق في 2015.
كان دائما، وسيبقى، النجم الأول في العالم...
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة