اقتصاد
2021 .. تدابير اقتصادية لمواجهة تداعيات الوباء
23/12/2021 - 09:01
SNRTnewsصندوق لتدبير الجائحة
تنفيذا لتعليمات جلالة الملك، أصدرت الحكومة مرسوما يقضي بإحداث صندوق خاص بتدبير جائحة "كورونا"، رصد له غلاف مالي بعشرة ملايير درهم، خصص أساسا للتكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية، سواء في ما يتعلق بتوفير البنيات التحتية الملائمة أو المعدات التي يتعين اقتناؤها باستعجال.
وساهمت في تمويل الصندوق أيضا العديد من الهيئات والمؤسسات، كشكل من أشكال التضامن للتغلب على تداعيات الجائحة.
وشكل الصندوق دعامة أساسية للاقتصاد الوطني في عز الأزمة، من خلال دعم القطاعات الأكثر تأثرا بتداعيات فيروس "كورونا" والحفاظ على مناصب الشغل والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الجائحة، حيث لا زالت بعض القطاعات تستفيد إلى الآن من هذا الدعم مثل السياحة.
وساهم هذا الدعم في تمكين الصناعة المغربية من التأقلم بسرعة مع الوباء، مما مكنها من تحقيق إنجازات مهمة، عن طريق ملاءمة الآلية الصناعية من أجل التركيز على منتجات أضحت حيوية، والتي شكلت موضوع نزاع تجاري بين القوى العالمية في فترة الجائحة، وهي مقاربة اعتمدتها مجموعة من الشركات الصناعية المغربية.
وحققت صناعة وتصدير الكمامات، خلال ذروة انتشار فيروس "كورنا"، نجاحا مهما للمصانع المغربية، التي قامت بزيادة أعداد العاملين، حيث نجحت في إنتاج الملايين من الكمامات، لتتجاوز بذلك الاكتفاء الذاتي للمملكة، فأصبح المغرب بلدا مصدرا لهذا المنتج، على المستوى القاري والدولي.
لجنة اليقظة
أطلق المغرب حزمة إجراءات، لدعم المشغلين الذين يواجهون صعوبات في الحفاظ على أعمالهم، خلال الجائحة، إضافة إلى مساعدة الشركات والمقاولات على الصمود أمام الجائحة، من خلال إنشاء "لجنة اليقظة الاقتصادية"، على مستوى وزارة الاقتصاد والمالية.
وتمثل الهدف من إحداث هذه اللجنة في رصد وتتبع الانعكاسات الاقتصادية للأزمة الوبائية على الاقتصاد الوطني، ومواكبة النشاطات الأكثر عرضة للصدمات الناجمة عن هذه الأزمة، علاوة على تعبئة الموارد والتمويلات الخارجية ضد الجائحة.
واتخذت هذه اللجنة عدة تدابير لفائدة الأشخاص الذين توقفوا عن العمل بسبب الجائحة، إضافة إلى أسر العاملين في القطاع غير المهيكل، ولفائدة المقاولات، خاصة الصغيرة جدا، والصغيرة، والمتوسطة، والمهن الحرة، حيث تم منح تعويض شهري للمتضررين، وتعليق أداء المساهمات الاجتماعية، إضافة إلى تأجيل سداد الديون البنكية، إضافة إلى العمل بقرض "إنعاش" لفائدة القطاعات المتضررة.
ميزانية 2022.. خارطة الطريق
رسم مشروع قانون المالية لسنة 2022، خارطة الطريق للتعافي التدريجي للاقتصاد الوطني، بهدف تجاوز التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا، حيث بني على فرضيات واقعية، تأخذ بعين الاعتبار المعطيات المرتبطة بالظرفية الوطنية والدولية، وتأثيرات تطورات الأزمة الصحية العالمية، وكذا الفرضيات المرتبطة بأسعار بعض المواد الأساسية في السوق العالمية، ومستوى المحصول الزراعي المرتقب على الصعيد الوطني.
وراعى القانون، توطيد أسس الاقتصاد الوطني من خلال تفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، وإخراج ميثاق الاستثمار، وتحسين مناخ الأعمال، وتفعيل القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي.
وتعهدت الحكومة من خلال ميزانية 2022، باتخاذ تدابير استعجالية لمواكبة الشباب في مجال التشغيل، وتشجيع مبادرات الشباب حاملي المشاريع في المجال الفلاحي، وإعطاء دينامية جديدة لبرنامج "انطلاقة"، من خلال إطلاق مشروع جديد تحت اسم "الفرصة"، لتمويل مشاريع الشباب دون شروط مسبقة.
وركز القانون كذلك، على مواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية، عبر تأهيل المنظومة الصحية وإرساء إصلاح عميق لقطاع التعليم وتعزيز آليات الإدماج، وتعميم الحماية الاجتماعية، وتعميم التغطية الصحية الإجبارية لفائدة العاملين غير الأجراء، واتخاذ التدابير المتعلقة بالتعميم التدريجي للتعويضات العائلية، من خلال إعمال السجل الاجتماعي الموحد، وإعطاء عناية خاصة لإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة، وإيلاء الأولوية للمساواة بين الجنسين في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
وراعى القانون إضفاء دينامية جديدة بالنسبة لمختلف القطاعات الإنتاجية، والرفع من قدرتها في الحفاظ على مناصب الشغل، وخلق فرص عمل جديدة، من خلال مواصلة تنفيذ خطة الإنعاش الاقتصادي.
انتعاش يلوح في الأفق
ساهمت الإجراءات سالفة الذكر، في تحقيق النشاط الاقتصادي الوطني انتعاشا في عام 2021، مدعومة بالتقدم الملحوظ المسجل في حملة التلقيح، علاوة على النتائج الاستثنائية للموسم الفلاحي.
ووفق أرقام مديرية الدراسات والتوقعات المالية، فقد أبان الاقتصاد الوطني أبان، عن بوادر انتعاش مع مطلع الربع الثاني من عام 2021، بتسجيله قفزة قوية بنسبة 15,2 بالمائة، مشيرة إلى أن زخم هذا الانتعاش شمل معظم الأنشطة الاقتصادية، ولكن بمعدلات متباينة، ومع ذلك، فإن قطاعات اقتصادية رئيسية، لا تزال تعاني من الآثار السلبية للأزمة، على رأسها قطاعي السياحة والنقل الجوي.
وعلى مستوى الطلب الداخلي، واصلت القدرة الشرائية للأسر تطورها، مدفوعة بتحسن الدخول الناتجة عن النتائج الجيدة للموسم الفلاحي، وأهمية تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، وتعزيز الانتعاش لخلق فرص الشغل وارتفاع قروض الاستهلاك في سياق تضخم معتدل.
وقبيل نهاية السنة المالية 2021، يبدو أن تنفيذ القانون المالي للسنة الجارية يتماشى مع توقعات القانون المذكور، حيث يرتقب أن تمكن الدينامية المتجددة للنشاط الاقتصادي من البدء في تحقيق انتعاش تدريجي للتوازنات الماكرو-اقتصادية ابتداء من العام الجاري مع عجز في الميزانية يرتقب أن يصل إلى 6,2 من الناتج الداخلي الإجمالي، مقابل 7,6 بالمائة في عام 2020.
وبشكل عام، تبدو آفاق نهاية سنة 2021 مواتية، حيث من المرتقب أن يغلق الاقتصاد الوطني السنة الجارية على إيقاع انتعاش في حجم الناتج الداخلي الإجمالي بحوالي 6 بالمائة، حيث ستمكن هذه الزيادة من استعادة نحو 99,5 بالمائة من مستوى الناتج الداخلي الإجمالي قبل أزمة كوفيد- 19، وبالتالي تسجيل أحد أفضل معدلات النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
مجتمع
اقتصاد