رياضة
2021 .. سنة عودة الرياضة إلى المدرسة
03/01/2022 - 12:01
يونس الخراشيورغم أن الرياضة المغربية سبق لها أن كانت جزءا من الجهاز الوصي، حكوميا، على قطاع التربية الوطنية والتعليم، ولمرات، إلا أن الجديد في التجربة الحكومية الحالية أن المعني بالأمر، وهو الوزير شكيب بنموسى، هو نفسه الذي تكفل بإخراج مشروع النموذج التنموي إلى الوجود، والمتضمن لتوصيات غاية في الأهمية تتعلق بالشأن الرياضي.
فمن يطالع التقرير المفصل للنموذج التنموي يجد أنه أوصى، على الخصوص، بضرورة الاهتمام بملاعب القرب، والبنيات التحتية الرياضية القريبة من السكان، على اعتبار أن هذا هو المنطلق الأساس للتنقيب عن المواهب من ناحية، ولتحفيز المغاربة على ممارسة الرياضية، ومن تم تكوين نخبة رياضية قادرة على أن تنهض بالرياضة وطنيا وجهويا وقاريا، وعالميا.
في السياق، أجمع باحثون مغاربة، في مجالات مختلفة، ضمها على الخصوص الرياضة والسياسة والحكامة والقيم الرياضية، تحدث إليهم SNRTnews، في وقت سابق، على أن إلحاق الرياضة، مجددا، بالتربية الوطنية والتعليم، يعد فكرة ممتازة، ومن شأنها أن تقدم للمواطن المغربي، من صباه، زادا قيميا كبيرا يحتاجه المغرب لتكوين شباب متماسك وينفع نفسه وبلاده.
فبالنسبة إلى منصف اليازغي، دكتور في العلوم السياسة، مختص في الشأن الرياضي، يرى أن إلحاق الرياضة بالتربية الوطنية، من جديد، وبخاصة مع الإسناد إلى شكيب بنموسى، يرمي، على الأرجح، إلى وضع استراتيجية للرياضة، تذهب بها إلى أبعد مدى. وقال اليازغي، في تصريح خاص، "أولا يتعين علي الإشارة إلى أن هذه الصيغة ليست جديدة، إذ أن التجربة كانت حاضرة في الخمسينات والستينات. وفي السياق، يعد إسناد تدبير القطاع الرياضي إلى شكيب بنموسى، الذي سهر على إعداد النموذج التنموي، والمعروف برجل الاستراتيجية، مؤشرا إيجابيا، ما قد يفيد بأن الدولة تتجه إلى وضع استراتيجية واضحة المعالم للقطاع، سيما مع رجل نجح وزاريا، وفي المشاريع التي أسندت إليه".
وعند حديثه في الموضوع، أشار عبد الرحيم غريب، الدكتور المختص في الحكامة والباحث في المجال الرياضي، إلى أن أبناء جيله؛ ويعني به جيل الثمانينات من القرن الماضي، يتذكرون جميعهم مدى الشغف الذي كان يملأهم كلما تعلق الأمر بمادة التربية البدنية، فضلا عن حصص الجمعية الرياضية، ظهر الجمعة، "التي أفرزت، على مدار سنوات، خيرة المواهب الرياضية، بحيث كانت تشارك في تظاهرات إما محلية أو جهوية أو وطنية". وقال عبد الرحيم غريب، في السياق:"ونتذكر كذلك الدور الكبير الذي كان يقوم به أساتذة التربية البدنية في التنقيب عن المواهب الرياضية، وهي المواهب التي ظلت، على مدار سنوات، تطعم أندية الصفوة. ولا ننسى أيضا بأن هذه المادة كانت مبرمجة في امتحان الباكالوريا، مما كان يجعل الطالب يستعد لها بالمستوى نفسه الذي يستعد لمواد الفيزياء أو الرياضيات أو الفلسفة، أو غيرها. فكان هؤلاء يستعدون إما في الحدائق أو الساحات الفارغة أو الشواطئ، إذ كان متعينا عليهم اجتياز ثلاث رياضات، هي الجمباز، والاختيار بين السرعة والمسافات المتوسطة، فضلا عن رمي الجلة أو الصعود في الحبل، أو أشياء أخرى".
من جانبه، أوضح عبد الرحيم بورقية، باحث في علم الاجتماع وأستاذ باحث بمعهد علوم الرياضة بجامعة الحسن الأول بسطات، أن "إلحاق الرياضة بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي جاء لأن الرياضة عامل مهم في دمج وتأهيل الشباب واليافعين". وقال بورقية، في تصريح للموقع، إن "الرياضة أولا تهذيب وتربية وتثقيف، وهي وتساهم في التنشئة الاجتماعية للفرد والجماعة، وكذلك في بلورة الحس الوطني ومبادئ المواطنة الحقة، وبالتالي في بناء مجتمع مدني رصين ومتين، قادر على مواجهة التحديات المستقبلية، بغض النظر عن أبعادها الإقتصادية والسياسية".
ولم يخرج الدكتور علاء الأمراني، أستاذ التعليم العالي بمعهد علوم الرياضة بجامعة الحسن الأول بسطات والباحث في مركز قانون واقتصاد الرياضة بليموج بفرنسا، عن السياق، وهو يؤكد أن أي قراءة لإلحاق الرياضة بالتعليم يلزمها أن تستقرئ تاريخ الرياضة المعاصرة، وكيفية تطورها وتقدمها، لدى الدول التي تعد قوى عظمى سواء في المجال الرياضي أو التعليمي". وقال الأمراني، في تصريحه، إن "تطور الرياضة كان رهينا، منذ القرن التاسع عشر، بإدماجها بالنظام التعليمي، خاصة في الدول الأنجلوساكسونية، التي كانت مصدر إلهام للنموذج التعليمي الفرنسي، عن طريق بيير دو كوبيرثان، الذي أسس للألعاب الأولمبية الحديثة، كما هو معروف"، مضيفا:"الأخير فعل ذلك، رغبة منه في تطوير التعليم الفرنسي، إيمانا منه أن تطور النموذج الاجتماعي والأخلاقي للدول الأنجلوساكسونية مستمد أساسا من النظام المعتمد في مدارسها، والذي تلعب فيه الرياضة دورا كبيرا".
ولم يخرج إدريس مغاري، أستاذ التربية البدنية، والباحث في مجال الرياضة وقيمها، عن هذا التوجه، إذ يقول "إن الانتهاض بالرياضة الوطنية أضحى يعتمد على جملة من المداميك والأسس، في مقدمتها، المدرسة، بحسبانها مدخلا رئيسا نحو بناء صرح الرياضة الاحترافية"، معتبرا أن هذا "الأمر هو الذي حمل مهندسي السياسات العمومية على إلحاق الرياضة بالتربية والتعليم، وما يزيد في حُجية وصحية هذا الإلحاق، هو أن المدرسة تعتبر البيئة الطبيعية الحاضنة لمختلف المواهب الرياضية، ثم بالأساس، وجود فريق تربوي (أساتذة التربية البدنية والرياضية) يملك من الأهلية والاقتدار العلمي والمهني ما يجعله قادرا على اكتشاف المواهب وتجويدها ثم توجيهها توجيها رياضيا (orientation sportive) على النحو الذي يتناسب مع الرغبات والإمكانيات البدنية والتقنية للمتعلمات والمتعلمين"، مشيرا، في الأخير، "ثم بعد ذلك يأتي دور ومهمة الأندية الرياضية من خلال احتضان هذه المواهب الموجهة لاستكمال عمل الرياضة المدرسية في أفق إنتاج وصناعة أبطالٍ وفرقٍ رياضية بمقاييس عالمية".
تبقى الإشارة إلى أن الحاجة إلى الالتقائية، لكسب الوقت والجهد والمال، سيكون أمرا لا مناص منه بالنسبة إلى المسؤولين عن القطاع الوصي، ذلك أن هناك متدخلين متعددين في المجال الرياضي؛ نقصد بهم اللجنة الوطنية الأولمبية، والجامعات الرياضية، والعصب الجهوية، والجمعيات الرياضية، فضلا عن الإعلام الرياضي، وسيكون مطلوبا من الوزارة؛ وهي تقود المشروع الجديد، أن تجمه جهود كل هاته الأطراف في سياق واحد، للنهوض بالرياضة.
لقد خرجت المناظرة الوطنية للرياضة، لشهر أكتوبر 2008، بتوصيات غاية في الأهمية، تلتقي كثيرا مع التوصيات التي حض عليها مشروع النموذج التنموي، وكلها تدعو إلى الإسراع بإنشاء بنية تحتية تحفز المغاربة على التريض، لتوسيع قاعدة المرخصين، والخلوص إلى نخبة رياضية، ومن تم إلى نخبة النخبة التي تملك تمثيل المغرب بقوة، ورفع الراية المغربية عاليا في المحافل الدولية.
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
سياسة
رياضة