رياضة
مونديال 1954 .. مسامير الأحذية تصنع الفارق
04/11/2022 - 08:04
أ.ف.بفي ظلال الألب، كانت مفاجأة بحجم الجبال. الألمان العائدون بعد استبعاد قسري وعقابي إثر خسارة النازيين الحرب العالمية الثانية، عوضوا سقوطا مدويا أمام المجر 3-8 في الدور الأول بتشكيلة منقوصة، إلى فوز مفاجئ 3-2، ليستوعب عالم كرة القدم درسا تاريخيا : لا تستبعدوا الألمان أبدا .
قبل نهائي ملعب "فانكدورف شتاديوم" في برن أمام 60 ألف متفرج، اكفهرت السماء وهطلت الأمطار، فحان وقت صانع أحذية بافاري اسمه أدي داسلر، تحول لاحقا إلى عملاق دولي في صناعة المستلزمات الرياضية (أديداس). كان قد ابتكر المسامير القابلة للإزالة، ومع اشتداد زخات المطر، طالبه مدرب ألمانيا سيب هيربرغر بوضع المسامير.
كان الشك يحوم حول مشاركة نجم المجر صاحب القدم اليسرى القاتلة فيرينتس بوشكاش في النهائي، لإصابة بكاحله أبعدته عن مباراتين، لكن المدرب غوستاف شيبيش غامر ودفع به منذ البداية. لم يخيب "الجنرال" آمال مدربه، فافتتح التسجيل بعد مرور ست دقائق فقط، قبل أن يضاعف زميله زولتان تسيبور الغلة بعد دقيقتين، مستفيدا من ارتباك دفاعي لـ"دي مانشافت"، فظن الجميع ان سيناريو المباراة الأولى سيتكرر لا محالة.
الألمان المعلوم عنهم عدم استسلامهم إلا مع صافرة نهاية المباراة، كان لهم رأي آخر، إذ تمكن ماكس مورلوك من تقليص الفارق في الدقيقة 11 وأضاف هلموت ران، عامل الكهرباء في الأصل الذي استدعي في اللحظات الأخيرة عندما كان يخوض دورة دولية في الأوروغواي، الثاني في الدقيقة 18، في شباك الحارس جولا غروشيتش. أربعة أهداف في اقل من ثلث ساعة!
تذكر المهاجم الألماني أوتمار فالتر "بدوا غاضبين بعد نهاية الشوط الأول، بدأوا في الصراخ على بعضهم البعض واصبحت لعبتهم غير منظمة".
ومع تحول الملعب إلى مستنقعات في الشوط الثاني، فعلت مسامير داسلر فعلها. رغم قائم وعارضة للمجر، وجه ران نفسه الضربة القاضية، قبل ست دقائق من انتهاء الوقت، بتسجيله هدف الفوز وسط ذهول الجميع، لتحرز ألمانيا أول ألقابها العالمية، بعد الغاء هدف تعادل لبوشكاش بداعي التسلل. ومذاك الوقت، شهدت صناعة الأحذية الرياضية تطورا لا حدود له.
بعد الهدف الثالث، صمت مذيع الراديو الشهير هربرت تسيمرمان ثماني ثوان، قبل ان يستوعب حجم الانجاز الكبير.
قال الجناح الألماني هورست إيكل "في جميع انحاء العالم، لم يعترف بنا سياسيا، اقتصاديا ورياضيا . بعد هذا الانتصار، اصبح لدينا كيان مجددا .. كنا فخورين بالمساهمة في إعادة بناء ألمانيا الغربية".
وفي عام 2010، أشارت دراسة جامعية إلى أن عددا كبيرا من لاعبي ألمانيا قد تناول حقنا من مادة "ميتامفيتامين"، التي كانت تعطى لجنود الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية، وهي من المواد المنشطة.
رفع القائد ولاعب الوسط الهجومي فريتس فالتر، الذي وصفه القيصر فرانتس بكنباور بـ"لاعب القرن في ألمانيا دون أي شك"، كأس جول ريميه الذي سل مه المنحوتة الذهبية الجميلة. كان فالتر، السجين السابق في طريقه إلى الإعدام في سيبيريا خلال الحرب العالمية الثانية، قبل ان ينقذه خوض مباراة كرة قدم مع الجيش الروسي.
أما رأس الحربة أوتمار، الشقيق الأصغر لفريتس، فكان بين 29 ناجيا عندما تعرضت سفينته لكمين بالقرب من شيربور. أنقذته سفن الدعم الألمانية، حيث غرق العشرات من زملائه حوله.
تذكر أوتمار، الذي تعافى في بريست حيث هبط الأمريكيون في ساحل النورماندي القريب، "كان جسدي مليئا بالشظايا". عاد في أواخر 1946، بعد عامين في معسكر أسرى الحرب.
بعد الفوز، صدم اللاعبون لسماع النشيد الألماني المحظور "دويتشلاند أوبر أليس" (ألمانيا فوق كل شيء) من قبل الحشود، فكان التبرير الدبلوماسي أنهم لم يحفظوا بعد النسخة الجديدة. لكن التبريرات انتفت بعد إلقاء رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم بيكو باوفنس كلمة أمام اللاعبين تقشعر لها الأبدان في ميونيخ، قطعتها محطات البث البافارية على الفور. اعتبر أن هيربيرغر ورجاله "ممثلون للألمانية الكاملة".
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة