رياضة
مونديال .. الكندي ديفيس من مخيم للاجئين في إفريقيا إلى المجد العالمي
22/11/2022 - 11:58
أ.ف.بحقق اللاعب الذي يلعب كجناح، وأحيانا كمهاجم مع المنتخب وظهير أيسر مع بايرن ميونيخ الألماني، الكثير في مسيرته، لدرجة أنه من السهل نسيان أنه يبلغ فقط 22 عاما.
في سن لا يزال العديد من المحترفين يشقون طريقهم إلى المستويات العليا في الرياضة، بات ديفيس من المخضرمين، إذ فاز بأربعة ألقاب في الدوري الألماني، وهي ليست سوى بعض الإنجازات التي حققها في مسيرته الاحترافية، التي بدأت عندما كان في سن الخامسة عشرة في الدوري الأميركي لكرة القدم، ولكن قبل كل ذلك، كان عليه مواجهة أصعب الظروف، إذ وُلد عام 2000 في مخيّم للاجئين في غانا، من والدين هربا من الحرب الأهلية في ليبيريا.
تتذكر والدته فيكتوريا أن كان عليها أحيانا "السير فوق الجثث للذهاب لإحضار الطعام". كان ألفونسو في الخامسة من العمر عندما حصلت عائلته على حق الهجرة إلى كندا، حيث نشأ بداية في "ويندسور" في "أونتاريو"، قبل أن ينتقل إلى إدمونتون، في مقاطعة ألبرتا غرب البلاد.
تكون الحياة قاسية بداية على الوافدين الجدد، إذ يستذكر نيك هوسيه مدربه الأول، والذي بات لاحقا وكيل أعماله، قائلا: "بعد التدريبات، كان يعود فورا إلى المنزل لتغيير حفاضات شقيقه وشقيقته، حين كان في العاشرة من عمره، لأن والديه كانا يعملان مطولا، ولا يستطيعان تحمل تكاليف مربية".
أما ديفيس فيخبر: "تدخل بشكل أسرع في عالم الكبار عندما يتحتم عليك إطعام الأطفال في وقت يمارس أصدقاؤك ألعاب الفيديو. كان والدي يستيقظ عند الرابعة صباحا، فيما كانت والدتي تعمل بين العاشرة مساء والثامنة صباحا. كان الأمر قاسيا (...) ولكننا كنا سعداء".
في بلد يُعتبر فيه الهوكي على الجليد الرياضة الأولى، بدأ ديفيس في إظهار إمكانات هائلة في كرة القدم خلال مباريات تقام بعد الدوام عندما كان في المدرسة الابتدائية، وسرعان ما تم رصد موهبته.
يستذكر تيم آدامس، مؤسّس دوري ما بعد المدرسة "فْري فوتي"، حيث برز ديفيس لأول مرة: "كان الطفل بمثابة هدية لكرة القدم".
التحق ديفيس بأكاديمية كرة قدم في إدمونتون، وعندما كان في سن الـ14، اكتشفه نادي "وايتكابس"، الواقع في مدينة فانكوفر، والذي ينافس في الدوري الأميركي "أم أل أس"، وانضم إلى فريق الشباب، بعد ذلك، بدأت الأرقام القياسية تتحطم.
برق نجمه سريعا في فانكوفر بعد أن بات في سن الـ15 وثمانية أشهر أصغر محترف كندي يلعب في الدوري الأميركي، ولاحقا أصغر لاعب في تاريخ المنتخب الأوّل عن 16 عاما وسبعة أشهر، بعد أيام من نيله الجنسية.
إلا أن والدته كانت قلقة للدرب الذي يسير عليه، ولم ترغب بداية في رحيله قبل أن ترضخ للواقع، لكنها طلبت منه أن يفي دائما بوعده لها، قائلة: "لقد وعدتها أن أكون فتى صالحا. أن أبقي قدماي على الأرض وألا أنسى أبدا من أين أتيت".
يقارن كرايغ دالريمبل، مدربه السابق في فانكوفر، ديفيس بالنجم الفرنسي كيليان مبابي "لقوته وسرعته"، علما أن الكندي يؤكد أن الأرجنتيني ليونيل ميسي هو مثله الأعلى.
لفت انتباه مدير الرياضة في بايرن ميونيخ البوسني حسن صالح حميدجيتش الذي يجول العالم بحثا عن المواهب النادرة، وانضم إلى العملاق البافاري عام 2018 مقابل 22 مليون دولار في صفقة قياسية حينها في الدوري الأميركي.
وبعد مشاركات قليلة في موسم 2018-2019، أطلق مسيرته الصاروخية أوروبيًا في التالي، لا سيما بفضل أدائه المذهل خلال الفوز 3-0 على تشلسي الانجليزي في لندن في ذهاب الدور ثمن النهائي من دوري أبطال أوروبا.
انتهى الموسم الذي توقف بسبب جائحة فيروس "كورونا" واستكملت فيه المسابقة القارية بنظام التجمع، بتتويج بايرن بطلا لأوروبا بفوزه 1-0 على باريس سان جرمان الفرنسي في النهائي، ليصبح ديفيس أول كندي يرفع أغلى الكؤوس الأوروبية على صعيد الأندية.
خلال الجائحة، شارك في حملة لجمع التبرعات مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (يو أن ايتش سي أر)، حيث اعتبر أن الأخيرة "لطالما دعمتني، والآن حان الوقت لرد الجميل".
على الرغم من كونه جزء لا يتجزأ من تشكيلة كندا التي تأهلت لكأس العالم لأول مرة منذ 36 عاما، غاب ديفيس، لعدة أشهر، هذا العام، بعد إصابته بالتهاب في عضلة القلب إثر إصابة بكوفيد-19.
وبعد أن عانى لاستعادة لياقته، خرج وهو يعرج بسبب إصابة في الفخذ خلال فوز بايرن 3-2 على هرتا برلين في الخامس من نونبر الحالي، لكن سرعان ما قال النادي إن مشاركته في كأس العالم ليست في خطر.
لا يُخفِ ديفيس فرحته بخوض النهائيات العالمية، ولكنه يعترف بأنه يشعر بالتوتر، وقال، في مقابلة، أخيرا: "سأكون متوترا قليلا، لكن بالنسبة لي، أقول إننا وصلنا إلى هذه المرحلة لسبب ما، ويجب على كل واحد منا أن يكون واثقا من نفسه ويدخل أرض الملعب ويظهر ما لديه".
لكن مدرّب كندا جون هيردمان يمازح أن ديفيس يفكر سرا ربما في الفوز بكأس العالم: "إنه يجسد ماهيّة هذا المنتخب وماهيّة هذا البلد - الثقة، التباهي وأن كل شيء ممكن".
ويتابع: "هذا الطفل لاجئ من غرب إفريقيا، توج بألقاب دوري أبطال أوروبا والدوري الألماني، وهو يبلغ من العمر 22 عامًا. لذا، أنا متأكد من أنه يفكر في الفوز بكأس العالم هذه. هذه هي العقلية الكندية الجديدة".
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة