رياضة
الأحد الرياضي .. عندما شاهد المغاربة مباريات الكرة بآذانهم
06/04/2023 - 13:03
يونس الخراشيبدأت القصة مع الرواد عبداللطيف الغربي والحسين الحياني ومحمد الزوين، ثم انتقلت العدوى الجميلة إلى نورالدين اكديرة وعبدالفتح الحراق وامحمد العزاوي، وسرت في جسد القسم الرياضي للإذاعة الوطنية، بتشعباتها الجهوية، من خلال أصوات الكثير من الإذاعيين الذين صار لهم في كل بيت أهل، وفي كل صدر بيت، لاسيما إن كان لمن تعلقوا ببرنامج "الأحد الرياضي"، وما أدراك ما "الأحد الرياضي".
تميز الوصف الرياضي المغربي، الذي انبثق من تلك المدرسة، بعشق الإعلاميين المنتدبين له للرياضة؛ ولكرة القدم على وجه الخصوص، ومعرفتهم بقواعد الإعلام، فضلا عن تميزهم بالصوت الذي يجذب الأذن، بل والقلب أيضا، بالإضافة إلى تمسكم بأصالتهم، بحيث ظلوا على سجيتهم، بلا أي تصنع، أو شقشقة لغوية، أو استعراض عضلي كلامي، في تناغم كبير مع المستمع، الذي هو صاحب الدار، والواصف ضيفه.
أما الميزة الأكبر لمدرسة القسم الرياضي للإذاعة الوطنية، التي أنجبت خيرة الإعلاميين الرياضيين، على مر العقود الماضية، وما تزال، فهي الدقة في الوصف، بحيث أن المغاربة كانوا يرون المباريات بآذانهم، حتى إنهم ظلوا يلصقون الراديو على الأذن كل يوم أحد، ليتابعوا المباريات، رغم مجيء التلفزيون، منجذبين بقوة بالصوت، واللكنة، والدقة في الوصف، وبالحنين الذي تشكل، بمرور الوقت، مع القسم الرياضي، وبرنامج "الأحد الرياضي".
وشكل الراحل امحمد العزاوي، المتوفى إلى رحمة الله يوم الخميس، بالرباط، أحد عباقرة ذلك القسم بالإذاعة الوطنية، بدار البريهي، خاصة وهو يمتلك صوتا منغوما، ويجيد الربط بين الواصفين من مختلف الميادين، حيث تجري البطولات الوطنية، ويحسن التقديم كما يحسن التخلص عندما تقتضي الضرورة ذلك، بل وأكثر مما سبق كله، يتفوق في انتزاع الابتسامة من مستمعيه، إلى درجة أن من يستمع كان يشعر بنفسه داخل القسم الرياضي نفسه، ويكاد يشعر بالغبن كلما سمع كلمتي "إلى اللقاء".
العزاوي الذي بدأ مسيرته الإعلامية، عقب التخرج من معهد الإعلام بالرباط، من المحطة الإذاعية لمدينة فاس، ثم التحق بالإذاعة الوطنية للرباط، باقتراح من زميله الراحل، نورالدين اكديرة، الذي لمس فيه ذكاء متوقدا، وحبا للرياضة، وقدرة على التنشيط، ورباطة جأش في المباشر، وصوتا منغوما، ولغة سليمة، وتمغربيت متأصلة، ليصير هو رئيس القسم الرياضي بعد وفاة زميله، وينطلق نجمه متألقا في سماء الوصف الرياضي المغربي.
جمل كثيرة اشتهرت في الفترة التي كان فيها امحمد العزاوي قطب الرحى في القسم الرياضي للإذاعة الوطنية، وبخاصة وهو يدير بحنكة واقتدار برنامج الأثير "الأحد الرياضي"، حيث يتابع العموم مباريات البطولة، والنتائج الرياضية، وبعض اللقاءات المباشرة مع رياضيين ومسؤولين وغيرهم، فضلا عن إنصاتهم لأغاني مغربية خالصة، تختار بدقة للتعبير عن مواقف بعينها.
"إليك الخط الأخ البرهمي". "نمشيو الآن عند الزميل محمد الأيوبي". "خليك معايا الأخ خي بابا، هناك ضربة جزاء في مكناس". "غادي نرجع عندك الأخ الشرايبي". "نمشيو عند الأخ المهدي إبراهيم". "لحظة، الأخ إبراهيم فلكي كيطلب الخط". أما الجملة الأكثر شهرة، فهي تلك التي ظل الراحل، رحمه الله، يستعملها، كلما تعلق الأمر بالعبور من الشوط الأول إلى الثاني، إذ كان يجري جولة على كل الواصفين، ليقدموا المختصر المفيد، فيقول لهم:"النتيجة والتوقيت من فضلك"، ويستعجل أيا منهم أراد أن يفيض، ليعبر إلى زميله الآخر، فيما المستمع يشتعل تشويقا وإثارة، دون أي شعور بالملل، كما لو أنه يتابع حكاية بحبكة رائعة.
برحيل العزاوي، أحد قيدومي الوصف الرياضي المغربي الأصيل، تكون الساحة الإعلامية الرياضية المغربية فقدت ركنا من أركانها، ملتحقا بزميله عبدالفتاح الحراق، لولا أنه ترك خلفه أسماء سارت على نهجه، وحافظت على قواعد مدرسة القسم الرياضي للإذاعة الوطنية، بجيل رشيد جامي ومحمد التويجر وحميد الزموري، وعادل العلوي وصلاح الدين القشيري، وغيرهم كثير.
إن مدرسة القسم الرياضي للإذاعة الوطنية، رقم واحد زنقة البريهي الرباط، لتعد بحق تراثا لاماديا، يستحق أن يفتخر به.
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة