اقتصاد
الأركان.. شجرة ملقحة وتطوير أصناف جديدة
27/05/2023 - 10:52
وئام فراجيستمر البحث الزراعي في مواكبة التطورات التي تشهدها المملكة في المجال الفلاحي، والبحث عن أصناف جديدة من الزراعات المقاومة للتغيرات المناخية الحالية والتي نتج عنها ارتفاع في درجة الحرارة وندرة في المياه.
أصناف ذات إنتاجية عالية
وفي هذا الإطار، تم استنباط ، في الفترة الأخيرة، أصناف منتجة ومتجانسة من شجرة الأركان تلبي احتياجات الفلاحين والمستثمرين؛ إذ يؤكد الباحثون الزراعيون أن تطوير أصناف أو مستنسخات عالية الأداء نقطة أساسية يجب مراعاتها لضمان إنتاجية مستدامة ومثالية لشجرة الأركان.
وحسب ما أكده الدكتور رشيد بوهرود، أحد الباحثين الخمسة المساهمين في تطوير هذه الأصناف، يتجه المغرب نحو الأركان الفلاحي بهدف تنظيم زراعة الأركان والتخفيف من الضغط الذي تشهده الغابات حيث تنمو هذه الأشجار بشكل طبيعي وعشوائي.
وأوضح الباحث بوهرود، في تصريح لـSNRTnews، أن المستثمر في الأركان يبحث عن نتيجة متجانسة وهو الأمر الذي لا توفره البذور الموجودة في الغابات سواء من حيث شكل الشجرة أو مواعيد إنتاجها أو فترة السقي، مبرزا أن الأركان الفلاحي يسهل عملية السقي ويعطي نتيجة متجانسة بين جميع الأشجار المزروعة، وإنتاجية أكبر.
ويتماشى هذا التوجه مع توجه الحكومة والمهنيين الذين يسعون إلى مضاعفة إنتاج الأركان بحلول سنة 2030، وذلك عبر الزيادة في المساحات المخصصة له والاستمرار في إعادة تأهيل غابات الأركان.
وحسب ما جاء في عقد البرنامج 2021-2030 الموقع بين الدولة والمهنيين، بمناسبة المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، تم وضع هدف مضاعفة المساحات لتصل إلى 411 ألف هكتار، وإلى 10 آلاف طن بالنسبة لزيت أركان.
وستتم تعبئة غلاف مالي لبلوغ أهداف عقد البرنامج، من ضمن أخرى، يصل إلى ما يقرب 3,64 مليار درهم، ستساهم فيه الفيدرالية البيمهنية لسلسلة الأركان FIFARGANE بـ128,27 مليون درهم، مقابل 3,51 مليار درهم كمساهمة من الدولة.
وسبق أن أصدر المعهد الوطني للبحث الزراعي ستة أصناف من الأركان منذ حوالي 4 أو 5 سنوات، قبل أن يتم الآن استنباط 7 أصناف جديدة، ليصبح المجموع 13 صنفا جديدا من الأركان الفلاحي.
بذور غنية بالزيت
ومن أجل تحقيق أهداف استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030 لسلسلة الأركان وزراعة الأركان، تعد الموارد الوراثية الفعالة والمتجانسة ضرورية، وفق الباحثين، كما أنها من بين المطالب ذات الأولوية للفيدرالية البيمهنية وأصحاب المشاتل ومنظمات التنمية (الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، والمديرية الجهوية للفلاحة والمديرية الإقليمية للفلاحة) والفلاحين، لاختيار الموارد النباتية من خلال استنباط أصناف منتجة، متجانسة ومضبوطة الإكثار تلبي احتياجات الفلاحين والمستثمرين.
وفي هذا الإطار، أبرز الباحث المختص في علم الحشرات بوهرود أن الاشتغال على تطوير هذه الأصناف الجديدة بدأ منذ سنة 2009، مشيرا إلى تسجيل هذه الأصناف سنة 2022 في سجل الأصناف الرسمي الذي يشرف عليه المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
ويتعلق الأمر بصنف "هموش" الذي يتميز بإزهار قوي ومبكر، وبذور سهلة الكسر وغنية بالزيت.
وصنف "مزهار" الذي يتميز بإزهار على طول السنة، وبذوره سهلة الكسر وغنية بالزيت.
أما الصنف الثالث فهو "غلات" ويتميز بنمو قوي وإنتاج عالي ومنتظم وتوافق جيد مع جميع حبوب اللقاح، كما أن بذوره سهلة الكسر وغنية بالزيت أيضا.
والصنف الرابع يسمى "خير" ويتميز ببذور ذات نسبة إنبات عالية وسهلة الكسر وغنية بالزيت.
فيما يسمى الصنف الخامس "نعمة" ومن مميزاته انتظام الأثمار بدون تناوب، وبذوره غنية بالزيت.
أما الصنف السادس فأُطلق عليه اسم "زكية" ويتميز بإزهار مبكر ونضج مبكر، فضلا عن إنتاجية عالية من الثمار بدون تناوب.
وبالإضافة إلى هذه الأصناف الستة تم استنباط شجرة ملحقة تحمل اسم "أوثم"، وهو ملقح جديد للأصناف المختارة بفضل قوة حيوية حبوب اللقاح.
مرحلة التكثير
وفي ما يتعلق بالمرحلة المقبلة، أوضح الباحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي أن هذه البذور الآن في مرحلة التكثير، مبرزا أن الباحثين تمكنوا من استنباط الأصناف وسيتم بعد ذلك المرور إلى تكثير هذه البذور عبر عقد شراكة مع المستنبتات المرخصة والتي ستحظى بشراكة مع المعهد الوطني للبحث الزراعي، وذلك بهدف وصول هذا البرنامج إلى المستوى المطلوب على الصعيد الوطني.
أما على مستوى الإنتاج، أكد الباحث بوهرود أن ثمار هذه الأشجار يمكن أن تقطف بعد مرور ثلاث سنوات، مشيرا إلى أنه كلما نمت الشجرة تعطي إنتاجية أكبر.
وتابع أن التجارب بدأت في "بنك الزهر" الموجود بمدينة أكادير (محطة التجارب) منذ سنة 2010، إلا أن هذه البذور يجب أن تمر عبر المستنبتات من أجل تكثيرها قبل الوصول عند الفلاح، ما سيمنح أعدادا كبيرة يمكن زراعتها في الحقول ومن تم البدء في الإنتاج في أفق 3 سنوات.
وأصبح البحث عن الأنماط البيئية والمستنسخات عالية الأداء، إما عن طريق استغلال التنوع الجيني الحالي أو عن طريق التحسين الوراثي، أمرا ملحا للحفاظ على قطاع الأركان وتطويره، خصوصا بالنظر لدور شجر الأركان المقاومة للحرارة في الحفاظ على التوازنات البيئية والتنوع البيولوجي، والتخفيف من آثار التغير المناخي ومقاومة التصحر ومساهمتها في تحقيق التنمية المستدامة.
وتطمح الحكومة والمهنيون إلى تسويق ما يقارب 30 في المائة من الإنتاج عبر منصة رقمية بحلول سنة 2030، والاستمرار في إعادة تأهيل غابات الأركان والاعتماد أكثر على الأركان الفلاحي من خلال الوصول إلى 50 ألف هكتار، وتحسين إنتاج الزيت المستخرجة، وتطوير الصادرات ومراحل التعبئة والتغليف، وتحديث دوائر التوزيع والتسويق.
يشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرت يوم 10 ماي من كل سنة يوما عالميا لشجرة الأركان والذي جاء بمبادرة من المغرب، بدعم من 113 دولة عضوا في الأمم المتحدة، واحتفل المجتمع الدولي يوم الأربعاء 10 ماي الجاري بهذه المناسبة، اعترافا بجهود المملكة في الحفاظ على هذه الثروة النباتية.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
اقتصاد
اقتصاد