اقتصاد
تحويلات مغاربة العالم .. كيف تساهم في تنمية المملكة؟
02/06/2023 - 09:28
وئام فراجتستعد المملكة لاستقبال مغاربة المهجر من أجل قضاء عطلة فصل الصيف داخل أرض الوطن، ويولي المغرب أهمية خاصة لمواطنيه المقيمين بالخارج بالنظر لدورهم الاجتماعي والاقتصادي المساهم في مسار التنمية بالمملكة، بحيث سجلت تحويلات مغاربة العالم خلال سنة 2022 لوحدها مستوى استثنائيا يقدر بـ109,2 مليار درهم. فكيف تساهم هذه التحويلات في دعم الاقتصاد الوطني؟
يرى الباحث في قانون الأعمال والاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بدر الزاهر الأزرق، أن المكانة المحورية لتحويلات مغاربة الخارج في المشهد الاقتصادي المغربي اتضحت بشكل كبير منذ فترة جائحة كورونا إلى الآن.
رصيد مهم من العملة الصعبة
وأوضح الأزرق، في تصريح لـSNRTnews، أن هذه التحويلات لها دور أساسي أولا في دعم القدرة الشرائية لدى العديد من الأسر المغربية التي لديها أبناء يعملون بالخارج، وثانيا من حيث توفير رصيد مهم من العملة الصعبة لخزينة المملكة.
وأشار الباحث في الشؤون الاقتصادية إلى أن الحديث عن تحويلات مغاربة العالم لم يعد يقتصر على المبالغ البسيطة التي تدعم القدرة الشرائية للأسر والتي ساعدت العديد منها على تجاوز تداعيات جائحة كورونا، بل تعدى ذلك إلى الحديث عن استثمارات متنوعة تشمل قطاعات واعدة مثل صناعة السيارات والطاقات المتجددة والاقتصاد الأخضر.
كما أبرز أن التحويلات لا تتأتى فقط من الأفراد المقيمين بالخارج بل أيضا من شركات مغربية تستثمر خارج المملكة والتي تُحول جزءً مهما من أرباحها إلى المملكة المغربية، مشيرا إلى أن هذه التحويلات احتلت مرتبة الصدارة على مستوى المشهد المالي والاقتصادي المغربي.
وأكد الأزرق، في السياق ذاته، أن هذه التحويلات تمكن المملكة من توفير رصيد مهم من العملة الصعبة يمكنها من تأمين حاجياتها المستوردة بشكل مريح.
تغطية 5 أشهر من واردات السلع
ويُرجح بنك المغرب أن الارتفاعات الملموسة لتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج ولمداخيل الأسفار التي بلغت مستويات استثنائية بمبلغ 109,2 مليار درهم و91,3 مليار درهم على التوالي مكنت من حصر عجز الرصيد التجاري في 3,9 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي.
ويرتقب، وفق ما أكده والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري خلال اجتماع مجلس بنك المغرب في 31 مارس 2023، أن تعرف تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بعض الاستقرار هذه السنة وأن تتراجع بنسبة 5,4 في المائة في 2024 إلى 102,9 مليار درهم.
وأخذا بعين الاعتبار التمويلات الخارجية للخزينة التي تم تحقيقها وتلك المرتقبة، من المتوقع، حسب الجواهري، أن تصل الأصول الاحتياطية الرسمية إلى 358,8 مليار درهم بنهاية 2023 ثم إلى 367 مليار بنهاية 2024، مما يضمن تغطية 5 أشهر و21 يوما ثم 5 أشهر و25 يوما على التوالي من واردات السلع والخدمات.
ارتفاع بـ12,8 في المائة
من جهته، يرى الحسين الفرواح، أستاذ مبرز وباحث في الاقتصاد والتدبير، أن تحويلات مغاربة العالم تعد من أهم مصادر العملة الصعبة بالمغرب الى جانب صادرات الفوسفاط ومشتقاته والسيارات، مبرزا أن المغاربة القاطنين بالخارج يحتلون المرتبة الثالثة قاريا من حيث قيمة التحويلات بعد مصر ونيجيريا.
وسجلت تحويلات مغاربة العالم، في الأربعة أشهر الأولى من العام الجاري، ارتفاعا بنسبة 12,8 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وحسب ما جاء في التقرير الشهري لمكتب الصرف حول مؤشرات المبادلات الخارجية، الصادر يوم الخميس فاتح يونيو 2023، استقرت التحويلات في حدود 35,4 مليار درهم في الأربعة أشهر الأولى من العام الجاري، مسجلة مستوى قياسيا مقارنة بالفترة نفسها من الأربعة أعوام الماضية، بحيث كانت في 2019 و2020 في حدود 20 مليار درهم.
وتجلت أهمية تلك التحويلات أكثر في الأعوام الثلاثة الأخيرة في ظل الأزمة، فبعدما كانت تنمو بنسبة 5 في المائة في العام قبل الجائحة، سجلت قفزة قوية، في سياق الجائحة، مكذبة جميع التوقعات التي كانت تنتظر تراجعها.
تحفيز استثمارات مغاربة العالم
من جهة أخرى، يساهم مغاربة العالم خلال فصل الصيف، يقول الفرواح، في تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، خصوصا في ميادين الاستثمار الكلاسيكية التي دأبوا على الاستثمار فيها وهي العقار والسياحة والتجارة، لكن، يضيف مستدركا، "هذه الاستثمارات لا تتجاوز 10 في المائة من قيمة التحويلات؛ 8 في المائة منها موجهة لشراء العقارات، ما يستدعي تحفيزات أكبر في هذا الإطار".
وشدد الأستاذ الباحث في الاقتصاد والتدبير، في تصريح لـSNRTnews، على ضرورة تشجيع وتحفيز المغاربة القاطنين بالخارج على الاستثمار بالمغرب، مشيرا إلى أن 2 في المائة فقط من تحويلاتهم توجه نحو الاستثمارات المنتجة.
وأبرز الفرواح أن هذه التحفيزات يمكن أن تتأتى عبر الاستفادة من التسهيلات ونظام الدعم التي يتيحها القانون الإطار الجديد بمثابة ميثاق الاستثمار رقم 03.22، خصوصا بعد صدور نصوصه التنظيمية بالجريدة الرسمية، وذلك من خلال استقطاب الخبرات والكفاءات ورساميل مغاربة العالم.
واعتبر الباحث في الشأن الاقتصادي استقبال صاحب الجلالة الملك محمد السادس لمستثمرين مغربيين يقيمان بالخارج تألقا في مجال صناعة السيارات، خير مثال على ذلك، مبرزا أن هذه الاستثمارات ستمكن مستقبلا من تعزيز مكانة علامة "صنع بالمغرب" انسجاما مع الأهداف المسطرة في المادة الأولى لقانون الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
اقتصاد
اقتصاد