مجتمع
مخدر البوفا.. لماذا يقلق الأسر في المغرب؟
01/08/2023 - 17:27
مراد كراخي
يعرف مخدر "البوفا" انتشارا سريعا في صفوف الشباب بالمغرب، ويتم تداول مجموعة من مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لمدمنين على هذه المادة التي يُطلق عليها "كوكايين الفقراء"، في المقابل تشن السلطات الأمنية حملات مكثفة لمحاربة هذا المخدر وتوقيف مروجيه على غرار الأنواع الأخرى من المخدرات.
خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2020 إلى متم شهر ماي 2023، تم تسجيل 200 قضية تتعلق بمخدر "البوفا" بالمغرب، وفق معطيات كشفها وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، في جواب على سؤال كتابي بمجلس النواب.
وأوضح الوزير، أنه تم بموجب القضايا السالفة الذكر حجز حوالي 3 كيلوغرامات من مخدر "البوفا"، وإيقاف 282 شخصا تمت إحالتهم على العدالة.
ما هو مخدر "البوفا"؟
مخدر "البوفا"، وفق الحسن البغدادي، رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين والمخدرات بالمغرب، هو عبارة عن بقايا مخدر الكوكايين التي يتم طهيها على نار هادئة مع مواد كيميائية من بينها الأمونياك لتتحول إلى مادة شبيهة ببلورات الكريستال، ويتم استهلاك هذا المخدر عن طريق الاستنشاق أو التدخين.
وأوضح البغدادي، في تصريح لـSNRTnews، أنه يتم في حالات أخرى مزج بقايا مخدر الكوكايين مع الأمونياك وخلطه بمشروبات كحولية أو مخدرات أخرى كالحبوب المهلوسة (القرقوبي) أو الحشيش، للوصول إلى النشوة أو لبلوغ إحساس عابر بالقوة الذهنية والجسدية والاندفاع.
إدمان سريع وانتشار مخيف
أبرز البغدادي أن سبب الانتشار السريع لمخدر "البوفا" أو "كوكايين الفقراء" كما يسمى، راجع بالأساس إلى تخفيض سعره بشكل كبير إذ يتراوح ثمنه بين 50 و60 درهم للغرام، بعد أن كان سعر الغرام الواحد يتراوح بين 300 و600 درهم؛ وذلك رغبة من مروجيه في توسيع دائرة "الزبناء" المتعاطين من الجنسين.
وأكد أنه ومن خلال تخفيض السعر أصبح "البوفا" ينتشر بشكل سريع ومخيف، خصوصا في المدن بسبب الكثافة السكانية، إذ يلاقي رواجا كبيرا في صفوف الشباب والمراهقين، من تلامذة المؤسسات التعليمية والتكوين المهني، ودور الشباب وغيرها من الأماكن التي ترتادها هذه الفئات العمرية.
ولا يتطلب السقوط في إدمان هذا المخدر سوى جرعتين أو ثلاث جرعات على أبعد تقدير، وفق المتحدث ذاته، الذي أشار إلى أن متعاطيه قد يلقى حتفه بالانتحار أو بتأثير محتوياته القاتلة في مدة قصيرة.
عجز جنسي وموت مفاجئ
وحول مدى خطورة مخدر "البوفا" أكد البغدادي أن متعاطيه مهدد بمضاعفات صحية خطيرة مثل ضعف في القلب، كما أنه يغيّب العقل ويسبب هلوسات خطيرة، ويتسبب في العجز الجنسي التام، وقد يتسبب في بعض الحالات بالموت المفاجئ.
وأضاف أن الجمعية تتلقى عشرات المكالمات الهاتفية يوميا من أباء وأمهات يعانون الأمرين بسبب أبناءهم المدمنين على هذا المخدر، إذ يسقط بعضهم في فخ الإجرام والسرقة من أجل توفير المال لاقتنائه.
نشوة عابرة وإدمان سريع
تكمن خطورة مخدر "البوفا" في سقوط متعاطيه في فخ الإدمان بسرعة كبيرة، إذ يكفي تناوله لمرة أو مرتين حتى يصبح الشخص مدمنا عليه، كما أن مدة النشوة التي يمنحها تكون قصيرة جدا، وفق محسن بنزاكور، الدكتور المتخصص في علم النفس الاجتماعي، الذي يرى أن تركيبته المكونة من مواد خطيرة مثل الكوكايين والأمونياك والمخدرات الأخرى هي السبب في ذلك.
وأوضح بنزاكور، في تصريح لـSNRTnews، أن هذا المخدر يساهم في تحفيز الأعصاب بسرعة كبيرة خلال مدة قصيرة؛ إذ يعطي مفعوله خلال مدة 5 ثواني بعد تناوله، في ما يزول مفعوله في مدة لا تتجاوز 10 دقائق، مما يجعل المدمن عليه يبحث عن جرعة جديدة.
وأضاف أن هذا الأمر يدفع المدمنين على هذا المخدر لاقتراف سرقات سواء داخل بيوتهم أو في الشارع من أجل توفير مبالغ مالية لاقتنائه، كما أن بعض الأشخاص الانطوائيين يعمدون لإيذاء أنفسهم أو إلى الانتحار في بعض الحالات.
العلاج
يعتبر "البوفا" من المخدرات التي يصعب على المدمنين العلاج منها، وذلك بسبب تأثيره الكبير والمباشر على الدماغ، وفي هذا السياق يرى الدكتور بنزاكور أن التخلص من هذا المخدر يتطلب رغبة من الشخص المتعاطي أولا، ثم الاعتراف بأنه مدمن، قبل عرض حالته على طبيب أو عيادة مختصة في الإدمان.
وأضاف أن العلاج يتطلب تكاملا بين العلاج الطبي والعلاج النفسي، من خلال عرض الحالات المعنية على أخصائيين نفسيين في الإدمان، إضافة إلى دور الأسرة التي يجب أن تتعامل مع الشخص المدمن بطريقة تواكب العلاج الذي يتلقاه.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن الوقاية تبقى أنجع وسيلة لمحاربة هذا المخدر الذي يستهدف المراهقين بشكل كبير، من خلال التوعية بمخاطره داخل المؤسسات التعليمية وفي وسائل الإعلام ومواقع الواصل الاجتماعي، وذلك بالموازاة مع الحملات الأمنية التي تستهدف المروجين لهذا المخدر وأماكن تعاطيه.

مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع
مجتمع