اقتصاد
إصلاح الضريبة على القيمة المضافة .. من المستفيد؟
10/08/2023 - 16:44
وئام فراج
تعتزم الحكومة إعطاء الأولوية خلال سنة 2024 لإصلاح الضريبة على القيمة المضافة، وذلك في إطار مواصلة التنزيل الفعلي للقانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي، عبر اعتماد تدابير ملموسة من أجل تحقيق العدالة الضريبية. فما هي سيناريوهات هذا الإصلاح؟ ومن المستفيد منه؟
يرى الخبير الجبائي والأستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات بالدار البيضاء، محمد الرهج، أن الضريبة على القيمة المضافة تبقى محايدة بالنسبة للمقاولات فقط وليس للأسرة أو المستهلك، وذلك بالنظر لكون المقاولة خط وصل بين الخزينة والمستهلك النهائي.
المستهلك من يتحمل العبء الضريبي
وأوضح الرهج، في تصريح لـSNRTnews، أن القانون يفرض على المقاولة عند بيع سلعة أو تقديم خدمة ما "فوترة" الضريبة على القيمة المضافة وجمعها لصالح الخزينة، مع الأخذ بعين الاعتبار الضريبة التي دفعتها المقاولة مسبقا على المواد الأولية والتجهيزات.
وشرح الرهج ذلك بمثال شركة ما باعت ما يعادل مليار درهم، فوترت فيها مقدار 20 في المائة من الضريبة على القيمة المضافة؛ أي 200 مليون درهم، مبرزا أن المقاولة لن تمنح الخزينة 200 مليون درهم كاملة، نظرا لتسديدها الضريبة على القيمة المضافة على المواد الأولية التي استعملتها، بحيث سيمنح القانون المقاولة حق إسقاط 140 مليون درهم، من 200 مليون درهم، ليتبقى في الأخير 60 مليون درهم موجهة للخزينة.
لهذا، يقول الخبير الجبائي، الضريبة على القيمة المضافة محايدة بالنسبة للمقاولة لأنها تقوم على مبدأ لا يمس أرباح المقاولة أو خسارتها بل هي مجرد وسيط بين الخزينة والمستهلك، لكن، يضيف مستدركا، على المستوى الاجتماعي فالأسرة أو المستهلك هو من يتحمل عبء الضريبة على القيمة المضافة.
وأبرز الرهج أن المغرب منذ إقرار الإصلاح الضريبي وتوحيد العمل بالضريبة على القيمة المضافة سنة 1986، أصبح يستعملها كوسيلة لجمع أكبر عدد من ملايير الدراهم لمواجهة حاجيات الدولة؛ لافتا إلى أن الضريبة على القيمة المضافة تحتل الصدارة من حيث المردودية بحيث تتفوق على الضريبة على الدخل وعلى الشركات.
أي سعر؟
ويرى الرهج أن الإشكال المطروح في الضريبة على القيمة المضافة يتعلق أساسا بالأسعار، موضحا أن المغرب عندما سن هذه الضريبة كانت مجموعة من المواد معفية منها أو محددة في سعر 7 في المائة فقط، "ولكن عبر القوانين المالية السنوية يتم في كل مرة استثناء خدمة من هذا الإعفاء أو الزيادة في الضريبة المتعلقة بها، مثل المواد البترولية التي كانت الضريبة على قيمتها المضافة محددة في 7 في المائة وأصبحت 10 في المائة، والنقل الذي كان في 10 في المائة ومر إلى 14 في المائة و20 في المائة بالنسبة للسكك الحديدية".
وتساءل الخبير الجبائي عن طريقة تنزيل هذا الإصلاح خلال السنة المالية 2024، بشكل يمكن من تخفيف ثقل الضريبة على القيمة المضافة حسب الاستهلاكات الأساسية.
وأوضح هنا أن أول سيناريو يجب تطبيقه خلال هذا الإصلاح هو عدم إخضاع الأدوية بشكل كلي للضريبة على القيمة المضافة، مبرزا أن شراء الدواء ليس اختيارا مثل شرب القهوة بل هو مفروض على المريض لكي يستعيد عافيته.
وشدد الرهج على ضرورة إعفاء جميع المغاربة من هذه الضريبة على غررا الأطباء، والأمر ذاته ينطبق على الأدوات المدرسية التي تخضع لضريبة تقدر بـ7 في المائة، إذ تتطلب أيضا، بحسب الخبير الجبائي، إعفاء من هذه الضريبة للحفاظ على القدرة الشرائية للأسر.
تحديد المواد الأساسية من الثانوية
من جهة أخرى، أكد الرهج على ضرورة تحديد لائحة تتضمن المواد والأغراض والأجهزة الأساسية والثانوية من أجل معرفة سعر الضريبة المناسب لكل مادة، وذلك عبر إنجاز بحوث ودراسات لمعرفة ما يستهلكه المواطن المغربي بشكل يومي وما هو أساسي بالنسبة إليه.
كما تعد نسبة هذه الضريبة مهمة في الإصلاح المقبل، وفق الرهج، موضحا أن الحكومة تعتزم حصر الضريبة في سعرين، متسائلا عن الأسعار التي سيتم تطبيقها هل 7 و14 في المائة أو 10 و20 في المائة أو ستصل هذه الضريبة إلى 30 في المائة.
وشدد على ضرورة تطبيق السعر الأدنى على الضروريات والمنخفض على ما يصنف ضمن الكماليات الهامة وسعر مرتفع على الأشياء الثانوية التي يستطيع المواطن المغربي الاستغناء عنها.
وسبق أن أكد الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، خلال جلسة سابقة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب أن "أجرأة الإصلاح الضريبي التي بدأت في سنة 2020 ومرت بمحطة مهمة في سنة 2023 من خلال تنزيل إصلاحات مرتبطة بالضريبة على الدخل، وخاصة الاقتطاع من المنبع، ثم الضريبة على الشركات، ستتواصل في 2024 عبر إدخال مجموعة من الإصلاحات على الضريبة على القيمة المضافة لجعلها أكثر عدالة ودون تأثير على المقاولات".
وأكد في هذا الصدد أن الحكومة ستحاول قدر الإمكان العمل على "تخفيض الضريبة على القيمة المضافة المرتبطة بالمواد الأساسية، وخاصة الأدوية والأدوات المدرسية وغير ذلك من الأمور الأساسية"، مشددا على هذا أن الإجراء يهدف إلى تخفيض أثمنة المواد الأساسية وكذا استعادة التعريف الحقيقي للضريبة على القيمة المضافة باعتبارها ضريبة محايدة في سلسلة القيمة لا تتحملها جهة بعينها.

مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
سياسة
اقتصاد