مجتمع
هزات ارتدادية .. عين على الأرض وأخرى على الجبل
25/09/2023 - 11:24
مصطفى أزوكاح
"في هذا التوقيت بالذات، هز الزلزال المنطقة قبل خمسة عشرة يوما"، كانت تلك ملاحظة حسن ابن دوار أكرسيوال، الواقع على بعد كيلومترين من قرية إمليل، التي لم تسلم بعض مبانيها من آثار الزلزال.
كما العديد من سكان الدواوير حول مولاي إبراهيم وآسني وويركان وثلاث نيعقوب، مازال سكان دوار أكرسيوال يقيمون في الخيام التي نصبت في الطريق المتربة الممتدة من الوادي إلي الدوار،
يلوذون بالخيام خوفا من الهزات الارتدادية التي مازالت تذكرهم بالزلزال الذي خلف خسائر كبيرة في المناطق التي ضربها.
بعد كل هزة ارتدادية، ينظرون إلى دوارهم كي يتأكدوا أنه لم يصبه مكروه، ويتطلعون إلى قمة الجبل خوفا من أن تكون تلك الحركة الخفيفة قد حركت الحجارة.
يحكي محمد، الثلاثيني، كيف فوجىء بالهزة الارتدادية مساء الجمعة، حيث هرع إلى والدته كي يحثها على مغادرة البيت، قبل أن يدرك أن الأمر يتعلق بهزة ارتدادية خفيفة.
يقول "لقد استحضرت في ردة فعلي، وأنا أطلب من الوالدة مغادرة البيت، ليلة الزلزال عندما اهتزت الأرض بقوة، حيث تملكنا خوف شديد من أن تتدرج الحجارة الكبيرة من القمة وتدك البيوت".
لم ينسوا الحجارة التي تدحرجت من قمة الجبل يوم الزلزال، عبثت بأجزاء من المنازل، قبل أن تستقر عند قدم الجبل، الذي كانوا يشعرون في حضنه بالأمان قبل أن تتحرك الأرض قبل أسبوعين.
تحتفظ ذاكرة ساكنة دوار أكرسيوال بالهواجس التي كان يعبر عنها الأجداد والآباء من الحجارة المتشابكة في القمة، فهم يخافون أن تحركها العواصف التي تأتي شديدة في القمة، لكنهم ما يلبثوا أن ينسوا تلك الحجارة وينشغلوا عنها بحياتهم الموزعة بين الوادي والحقول والمراعي.
لكن الهزات الارتدادية تثير مخاوف سكان بعض الدواوير، رغم عدم تضرر بعض المساكن جراء زلزال الجمعة الثامن من شتنبر، حيث اعتادوا على قضاء يومهم في الخيام، ومنهم من يقضي نهاره ببيته، لكنه يلتحق بالمقيمين في الخيام في المساء بحثا عن نوم وأمان وسط الجماعة.
في تصريح لـSNRTnews، يؤكد محمد ابن الخديم، مدير مديرية الجيولوجيا، التابعة لوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أن الهزات الارتدادية ظاهرة طبيعية لا تدعو للقلق، فهي عبارة عن ردود فعل طبيعية، يستدعيها عدم استقرار الأرض بعد الزلزال الأول.
قد تستمر تلك الهزات الارتدادية لأسابيع وأشهر في بعض الأحيان، حيث تصل إلى درجات على مقياس ريتشر. إنها هزات تساهم فيي تنفيس الطاقة من الأرض، وتحول دون تجمعها تحت الطبقات الأرضية.
خبرت ساكنة دوار تنغرين، القابع تحت صخرة عملاقة في تجويف جبل على بعد 70 كيلومترا عن مراكش، الهزات الارتدادية بعد الزلزال الرئيسي، وأدركت ضررها شبه المنعدم، وإن كانت تؤكد أنها تساهم في تعميق شقوق المنازل المتضررة جزئيا من الزلزال.
غير أنهم يرابضون في الخيام بالقرب من الوادي الذي يعبر القرية، فهم يتخوفون من تدحرج الحجارة من قمة الجبل بفعل تلك الهزات، التي تدفع الساكنة إلى مراقبة بعض الأجزاء من الصخور التي تطل على الدور من القمة مخافة أن تنفصل عن الجبل وتأتي على بعض الدور في الدوار.
في غضون ذلك، يعود محمد وشباب من المنطقة للتداول حول الكيفية التي يمكن أن يتجنب بها دوار أكرسيوال تدحرج الحجارة بفعل الهزات الارتدادية أو عوامل الطبيعية. يتحدث عن شباك حديدية يمكن أن تكبح جماح الحجارة المنهالة من القمة، كما يطرح مسألة إقامة حواجز إسمنتية للحيلولة بين الحجارة والوصول إلى الدور في الدوار.
لم تكن الهزة الارتدادية، التي سجلت مساء يوم الجمعة على الساعة الحادية عشرة وثلاثة وعشرين دقيقة، الوحيدة التي عرفتها المنطقة، فقد حدثت هزة ارتدادية ثانية على الساعة الرابعة صباحا من يوم السبت. قليلون من أحسوا بها، فقد كان نومهم ثقيلا بعد يوم متعب، بينما يؤكد آخرون أنهم رغم إحساسهم بسريانها تحت أجسادهم، إلا أنهم تعايشوا مع تلك الهزت بعد الزلزال الأساسي ليوم الثامن من شتنبر.

مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع
مجتمع