مجتمع
الإعلان عن خطوة جديدة للترافع وتأريخ مأساة المغاربة المطرودين من الجزائر
11/12/2023 - 22:07
يونس أباعلي | فهد مرونعادت الذكريات الأليمة، اليوم الاثنين 11 دجنبر 2023، إلى مغاربةٍ طردوا تعسفا وظلما من الجزائر سنة 1975، إذ جمعتهم ندوة بالرباط بحثت عن سبل حفظ ذاكرتهم ونيل الإنصاف، فكانت المناسبة انطلاقة نحو مقاربة جديدة للتعامل مع القضية.
ففي كل دجنبر من كل سنة، يتجدد العهد لدى نحو 350 ألف مغربي للتذكير بالتراجيديا السوداء التي حصلت معهم في الجزائر، إذ في نفس الشهر من سنة 1975 وجدوا أنفسهم، صبيحة عيد الأضحى، ضحايا رد فعلٍ عدائي آنذاك بعد تنظيم المغرب المسيرة الخضراء، فأرغموا على العودة القسرية إلى بلادهم وفصلوا عن عوائلهم وانتزعت أراضيهم، في ما سمي آنذاك "المسيرة الكحلاء" نكاية في المسيرة الخضراء التي استرجع بها المغرب صحراءه.
لذلك يؤكدون دائما أنها مأساة جرح لن يندمل، لأنهم كانوا يعتبرون أنهم في بلدهم الثاني فأسسوا أسرا ومشاريع وفلّحوا الأرض.
سلاح الأرشيف
في ندوة اليوم، شهد مسلسل ترافعهم عن قضيتهم خطوة جديدة، إذ سلّم "التجمع الدولي لدعم العائلات المغربية المطرودة من الجزائر" أرشيفا غنيا لمؤسسة "أرشيف المغرب"، يزن حوالي 16 كلغ من الوثائق والصور والفيديوهات التي توثق لتاريخ وتفاصيل معاناة المطرودين بسبب الجيران.
العملية كما أكد على ذلك أعضاء التجمع والضحايا والمشاركون في الندوة التي حملت عنوان "حفظ ذاكرة مغاربة الجزائر"، مهمة لأنه سيتسنى للباحثين والمؤرخين والمهتمين التوفر على كل المعطيات المتعلقة بالمأساة وبالتالي الترافع عن القضية بشكل أكثر قوة من ذي قبل.
وكما كشف عن ذلك جامع بيضا، مدير "أرشيف المغرب"، خلال التوقيع على عملية التسليم، تضم هذه الوثائق التاريخية الحية معطيات شخصية غاية في الأهمية، لذلك كان وجود اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات الشخصية السجل الوطني لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي مهما وضروريا في الندوة التي تعاون في تنظيمها أيضا المجلس الوطني للجالية المغربية بالخارج والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان.
الذاكرة لكتابة التاريخ
مدير أرشيف المغرب قال في كلمته إن منح هذا الأرشيف الغني بادرة جيدة، وهي تؤدي إلى مقاربة جديدة في التعاطي مع الملف.
وتابع قائلا "سعداء لفتح أرشيف مهم بمبادرة من التجمع الدولي للدفاع عن ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، وهذا شيء جديد بالنسبة لنا"، مؤكدا أن "الطرد التعسفي لا يرتكز على أساس قانوني، بل استهدف تشتيت الأسر المغربية وهو جرح لم يندمل بعد، رغم أن المعنيين وجدوا من السلطات ما يقلل من وطأة المعاناة، فالأمر ما زال يحتاج إلى مثل هذه المبادرة".
ويتفق إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، على أن الأرشيف المُسلم بمثابة "حدث أساسي في تاريخ القضية، لأنه تم توثيق الأرشيف وهو بداية عمل تاريخي لأنه لا يمكن كتابة التاريخ بدون أرشيف".
ولفت، ضمن تصريح لـSNRTnews ، إلى أن طلبة باحثين أنجزوا دراسات عديدة في هذا لسياق، تحت إشراف الأستاذ ميمون أزيز، المتخصص في تاريخ هجرة مغاربة الشمال إلى الجزائر منذ القرن 13، إذ شدد على أن هذا العمل التاريخي يسانده المجلس الذي يرأسه لأنه يشكل قاعدة لعمل أكاديمي رزين وموثق سيقوي آليات الترافع، مبرزا أن العمل الذي كان في السابق عبارة عن "عمل جمعوي وكتابات تشكل ذاكرة، لكن الآن بدأت مرحلة كتابة التاريخ عبر الذاكرة".

آليات جديدة للترافع
ضمن ما يمكن اعتماده كآليات جديدة للترافع عن هؤلاء الضحايا، يرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في نفس الندوة، أن هذه الخطوة التي أُعلن عنها اليوم تُعد "عملا أكاديميا"، وفي "وقت مهم" إذ لفت إلى أن التئام التجمع يأتي في وقت يحتفل العالم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (10 دجنبر).
وضمن كلمة المجلس، التي تمت تلاوتها نيابة عن رئيسته آمنة بوعياش، جاء أن "حضور الحقوقيين والأكاديميين من مجالات مختلفة سيمنح قيمة نوعية للموضوع"، مضيفا أننا "على مشارف نصف قرن من والمأساة وقد تركت ندوبا يصعب نسيانها لأن الطرد شما كل الفئات العمرية دون إنذار أو إشعار، وتم فصل الزوجين والأطفال وشُتت آلاف الأسر".
وأبرز المجلس أنه "ملف حقوقي بامتياز، وقد شهد انتهاكات وخروقات مكثفة تشكل مسا خطيرا ليس فقط بالمعايير الدولية ولكن أيضا بالقوانين الوطنية لدولة الجزائر".
وأكد المجلس، على غرار باقي المتدخلين، على أنه مع تزايد الاهتمام بالموضوع "تحتاج القضية مقاربة متجددة وفق رؤية استراتيجية بين الفاعلين والمعنيين والحقوقيين في إطار حفظ الذاكرة".
وختم كلمته بإبراز "ضياع الذاكرة الجماعية وبالتالي يتوجب تنسيق المبادرات لإعادة الاعتبار والتفكير الجماعي للترافع، عبر مداخل جديدة ووفق مبادئ الإنصاف وكذا وفق الوسائل القانونية، وكذا جبر الضرر وتقديم الاعتذار، ووضع لبنة أساسية لترميم الذاكرة، وجمع التفاصيل وبناء السرديات لعكس حجم الألم".

مقالات ذات صلة
إفريقيا
سياسة
سياسة
فن و ثقافة