مجتمع
2023.. زلزال الحوز يُظهر معدن المغاربة
23/12/2023 - 14:16
مراد كراخيشكل الزلزال الذي ضرب عددا من مناطق المغرب، ليلة الجمعة 08 شتنبر 2023، وخلف حوالي 3000 قتيل والعديد من الجرحى وخسائر مادية فادحة، محطة هامة في تاريخ المملكة، حيث جسدت التعبئة الوطنية التلقائية خلال هذه الأزمة تضامنا نموذجيا والتزاما مدنيا.
رسمت التوجيهات الملكية خارطة الطريق لتدبير هذه الكارثة التي هزت عددا من مناطق المملكة، إذ عقد جلالته جلسات عمل؛ خلال الأيام الأولى، وأعطى تعليماته السامية لإعداد برنامج استعجالي لتعويض المتضررين وإعادة البناء، وخلال الجلستين التاليتين تتبع تفاصيل عمليات الإنقاذ وإعداد خارطة طريق لإعادة البناء وتنمية كل المناطق المتضررة، ولم يكتف جلالة الملك بالجلسات الثلاث بل زار المصابين في المستشفى الجامعي بمراكش، وتبرع بدمه.
وخلال هذه الكارثة، أظهر المغرب مرة أخرى، بفضل رؤية وعمل عاهله، قدرته على الصمود التي يتميز بها والتي تمكنه من مواجهة الاختبارات والتحديات بقوة وحكمة وعزم، وذلك بفضل قوة مؤسساته وتضامن شعبه وسخائه.
تعليمات ملكية وتعبئة وطنية
مباشرة بعد الزلزال وﺗﻧﻔﯾذا ﻟﻠﺗﻌﻠﯾﻣﺎت اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ ﻟﺻﺎﺣب اﻟﺟﻼﻟﺔ اﻟﻣﻠك ﻣﺣﻣد اﻟﺳﺎدس، اﻟﻘﺎﺋد اﻷﻋﻠﻰ ورﺋﯾس أرﻛﺎن اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻘوات اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ، ﻧﺷرت اﻟﻘوات اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ، ﺑﺷﻛل ﻣﺳﺗﻌﺟل، وﺳﺎﺋل ﺑﺷرﯾﺔ وﻟوﺟﯾﺳﺗﯾﺔ ﻣﮭﻣﺔ، ﺟوﯾﺔ وﺑرﯾﺔ، وﻛذا وﺣدات ﺗدﺧل ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻣﻛوﻧﺔ ﻣن ﻓرق ﻟﻠﺑﺣث واﻹﻧﻘﺎذ، وﻣﺳﺗﺷﻔﻰ طﺑﻲ ﺟراﺣﻲ ﻣﯾداﻧﻲ.
وﻓﻲ ھذا اﻹطﺎر، أﻋطﻰ ﺻﺎﺣب اﻟﺟﻼﻟﺔ ﺗﻌﻠﯾﻣﺎته اﻟﺳﺎﻣﯾﺔ ﺑﮭدف ﻣواﺻﻠﺔ ﻛﺎﻓﺔ أﻋﻣﺎل اﻹﻧﻘﺎذ ﺑﺷﻛل ﻋﺎﺟل ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﻣﯾداﻧﻲ، وﻛذا ﻣن أﺟل، اﻹﺣداث اﻟﻔوري ﻟﻠﺟﻧﺔ ﺑﯾن وزارﯾﺔ ﻣﻛﻠﻔﺔ ﺑوﺿﻊ ﺑرﻧﺎﻣﺞ اﺳﺗﻌﺟﺎﻟﻲ ﻹﻋﺎدة ﺗﺄھﯾل وﺗﻘدﯾم اﻟدﻋم ﻹﻋﺎدة ﺑﻧﺎء اﻟﻣﻧﺎزل اﻟﻣدﻣرة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﺗﺿررة ﻓﻲ أﻗرب اﻵﺟﺎل.
وتضمنت التعليمات الملكية، اﻟﺗﻛﻔل ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ وﺿﻌﯾﺔ ﺻﻌﺑﺔ، ﺧﺻوﺻﺎ اﻟﯾﺗﺎﻣﻰ واﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ وﺿﻌﯾﺔ ھﺷﺔ، والتكفل الفوري بكافة الأشخاص بدون مأوى جراء الزلزال، وﺗﺷﺟﯾﻊ اﻟﻔﺎﻋﻠﯾن اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﯾن ﺑﮭدف اﻻﺳﺗﺋﻧﺎف اﻟﻔوري ﻟﻸﻧﺷطﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣﻌﻧﯾﺔ.
وأمر جلالة الملك بالتكفل الفوري بالأطفال اليتامى الذين فقدوا أسرهم وأضحوا بدون موارد؛ من خلال إحصاء هؤلاء الأطفال ومنحهم صفة مكفولي الأمة، كما تم منح مساعدة استعجالية بقيمة 30 ألف درهم للأسر المتضررة، مع تقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم للمساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا.
تضامن يبهر العالم
مباشرة بعد الكارثة توجه الجميع نحو المناطق المتضررة؛ من سلطات عمومية ومجتمع مدني وفرق طبية ومتطوعون، وفي مقدمتهم صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي تفقد المصابين وتبرع بالدم.
وتقاطرت المبادرات التضامنية بكل أشكالها على مناطق الزلزال، من كل جهات المغرب ومن خارج أرض الوطن، والتي توزعت بين إيصال المساعدات بمختلف أشكالها، والمساهمات المالية، والتبرع بالدم.
هذا التضامن اللامشروط أبهر العالم، إذ ذكر مركز التفكير الأمريكي "ذو ويلسون"، أن الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز أبان عن "روح التضامن والتنسيق الراسخ" لدى المغاربة، حيث أبرز المركز أن ما كان لافتا للانتباه "هو روح التضامن والتنسيق الراسخ التي تجمع بين المغاربة في جميع أنحاء البلاد وفي الخارج"، مسجلا أن هذه الروح تعكس "بشكل جلي حس المواطنة" لدى المغاربة.
وكتبت المحللة ليلى حنفي، أستاذة القانون في جامعة جورج واشنطن، خلال هذا التقرير، أن استجابة "المغاربة تبرهن عن حس قيادي" في أعقاب الزلزال، ملاحظة أن المغاربة "هم أكثر قدرة على الدفاع عن مصالح الساكنة المحلية"، وتطرقت الخبيرة إلى قضايا تدبير الأزمات وتوزيع المساعدات الدولية في حالة وقوع كارثة، مبرزة أن "التدفق المفاجئ للمساعدات من المجتمع الدولي يتطلب استعدادا" على عدة مستويات.
وأكد المصدر ذاته أن "السلطات والمتدخلين المحليين قاموا، ومنذ البداية، بالتنسيق الفوري على أرض الميدان لتقييم الوضع، ودعم عمليات البحث والإنقاذ وتقديم المساعدة للأشخاص المتضررين، قبل توجيه أي طلب للمساعدة الدولية".
العمل متواصل
تتواصل عملية تنزيل برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، ويتم الاشتغال على إعادة تأهيل البنيات التحية بما فيها الطرق، واستفادة الساكنة المتضررة من المنح الاستعجالية، وبخصوص إعادة بناء المنازل المنهارة جزئيا أو كليا، يتم صرف الدفعة الأولى من الدعم.
ويتم حاليا الاشتغال على إعادة تهيئة وبناء وتأهيل 600 مدرسة في المناطق المتضررة حتى تكون جاهزة مع الموسم الدراسي المقبل، كما وزعت الحكومة 500 ألف قنطار من الأعلاف على الساكنة المتضررة من الزلزال تبعا للتعليمات الملكية، وكذا توزيع 70 ألفا من رؤوس الاغنام، علاوة على مواصلة أشغال ترميم وبناء المسالك والطرق القروية، وفق معطيات كشفها رئيس الحكومة، السبت 16 دجنبر 2023، ضمن نشاط حزبي.
وانطلقت كذلك عمليات هدم وإزالة ركام المباني المنهارة كليا أو التي أعلنتها السلطات المحلية غير صالحة للسكن، بهدف الشروع في مرحلة إعادة الإعمار ما بعد الزلزال.
وتمت تعبئة حوالي مئات الآليات من كافة الفئات لتسريع هذه العملية بشكل يضمن إجراء عمليات الهدم على نحو فعال وآمن، بعد موافقة السلطات المحلية والمصالح المعنية، استنادا إلى الدراسة التقنية، وقبل الشروع في عمليات الهدم، تقوم السلطات المحلية بإخطار أصحاب كل منزل مع تأمين المبنى لتجنب أي ولوج إلى هذه المواقع.
وبالموازاة مع هذه الجهود، تواصل اللجان المحلية المشتركة لإحصاء المباني المتضررة بفعل الزلزال، تعبئتها ميدانيا من أجل تبسيط الإجراءات الإدارية المتعلقة بإصدار تراخيص إعادة البناء أو الترميم لفائدة الأسر المستفيدة من مساعدات إعادة الإعمار.
وتتواصل عمليات منح الدفعة الأولى من المساعدات المالية لإعادة إعمار المساكن المنهارة كليا أو جزئيا، على مستوى النقاط الرئيسية المخصصة لسحب هذه المساعدات بالأقاليم المتضررة.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
اقتصاد
مجتمع