مجتمع
الهيموفيليا .. عندما يهدد جرح حياة طفل ومطالب بولوج عادل للعلاج
17/04/2024 - 22:33
وئام فراج"نحن المصابون بالهيموفيليا وأطفالنا نواجه مشاكل عديدة، نظرا لعدم الحصول على أي توعية اجتماعية لمواجهة هذا المرض، فضلا عن مشاكل أخرى تتعلق بالعلاج وقلة الأدوية". تقول أم أحد الأطفال المصابين بالهيموفليا في حديث مع SNRTnews.
خوف مستمر
وتضيف: "منذ اكتشافي مرض ابني وأنا في معاناة مستمرة، فهو لا يستطيع اللعب مثل أقرانه، كما لا يستطيع الذهاب إلى المدرسة بشكل طبيعي، وعندما يكبر أطفال الهيموفيليا يجدون صعوبة في الولوج إلى سوق الشغل.. أعيش في خوف مستمر فسقوط طفلي يعني تعرضه لكدمات قد تؤدي إلى نزيف داخلي أو جرح قد يستمر في النزيف إلى حين التمكن من الحصول على الدواء".
معاناة هذه الأم ليست سوى جزء من الشهادات التي توصل بها SNRTnews عند البحث عن مرضى الهيموفيليا، إذ يكاد جميع من تم التواصل معهم يجمعون على صعوبة الحصول على العلاج بسبب غلاء الدواء وعدم استفادة عدد منهم من التغطية الصحية، وكل ما يطالبون به هو الحصول على العلاج الصحيح واستمراريته بعد خروجهم من المستشفى.
3 آلاف مصاب
مرض الهيموفيليا اضطراب وراثي يتميز بنزيف مطول للدم في حالة التعرض لإصابة أو صدمة طفيفة. ويؤدي هذا النزيف المطول للدم إلى تضرر كبير لاسيما على مستوى المفاصل مما يتسبب في الإصابة بخلل عضلي يؤدي إلى الإعاقة.
وتشير تقديرات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى أن مرض الهيموفيليا يصيب ما يناهز 3000 شخصا بالمغرب، وتستقبل المراكز المتخصصة في علاجه أزيد من 1000 مصاب منهم، حيث يستفيدون من خدمات التكفل والتشخيص والعلاج، وفق ما أكدته الوزارة. غير أن العديد من المرضى يؤكدون عدم تمكنهم من الحصول على العلاج في الوقت اللازم.
كما أقر وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، بمناسبة تخليد اليوم العالمي للهيموفيليا، أنه "بالرغم من الجهود المبذولة والتقدم الملحوظ، إلا أنه لا تزال هناك تحديات يتعين التغلب عليها، خصوصا عبر إعطاء أولوية للعلاج الوقائي، فضلا عن التتبع في المراكز المرجعية المتعددة التخصصات، والولوج إلى العلاجات المبتكرة".
وفي هذا الإطار، أوضح الدكتور حسن مراني علوي، رئيس الجمعية المغربية للمصابين بالهيموفيليا، أن الجمعية وضعت شراكة مع وزارة الصحة والفيدرالية الدولية للهيموفيليا من أجل تقديم مساعدات إنسانية تتعلق بالأدوية، "وذلك بالنظر لكون ثمن الدواء باهظ التكلفة، ولا يمكن الاستغناء عنه نظرا لكون مرض الهيموفيليا مزمن ووراثي يصيب الرضيع منذ ولادته".
كما تعمل فعاليات من المجتمع المدني على غرار جمعية الرحمة لذوي الاحتياجات الخاصة والهيموفيليا، على توفير العلاج لعدد من المرضى بمختلف المدن المغربية، وفق ما أكدته رئيستها سعاد الطنجي، في تصريح لـSNRTnews، مضيفة، في المقابل، أن "هذه العملية تتطلب تضافر جهود كافة الجهات المعنية من أجل تسهيل ولوج جميع المرضى للعلاج".
وحول مدى خطورة مرض الهيموفيليا، أوضح مريني علوي في تصريح لـSNRTnews، أن هذا المرض يعرض حياة المصاب به إلى الخطر الدائم والموت في حال عدم تلقي العلاج في الوقت المناسب، مشيرا إلى أن نزيف الدم لا يتعلق فقط بإصابة الشخص بجرح بل أيضا في حالة إصابته بكدمة على جسمه، "بحيث يمكن أن يصاب بنزيف داخلي والذي يعد أشد خطورة وألما من النزيف الخارجي، كما يضعف المفاصل".
وشرح أن المصاب بالهيموفيليا منذ ولادته مشروع معاق، ما يجعل معاناة الأسرة مع الطفل مضاعفة، إذ تحرص الأسر منذ ولادة الطفل على عدم وقوعه أو تعرضه لأي كدمة.
وأضاف أن معاناة الأسر، وخصوصا الأمهات، تبدأ منذ ولادة الطفل وتستمر طوال العمر، مشددا على أهمية التكفل بالطفل في سن مبكرة للتخفيف من حدة المرض.
العلاج الوقائي
وحول الإشكال الذي يعيق استفادة الأسر من العلاج، أوضح رئيس الجمعية أن مريض الهيموفيليا يجب أن يحصل على الدواء بشكل دائم، مشيرا إلى وجود ما يسمى بـ"العلاج الوقائي" في مجموعة من الدول الأجنبية، من أجل تجنب المضاعفات الخطيرة للمرض عند إصابة المعني به بأي جرح أو كدمة.
وعبر مراني علوي عن أمل المصابين بالهيموفيليا في الولوج العادل للتغطية الصحية والرعاية الطبية، لافتا إلى وجود مشكل يتعلق بالولوج للمستشفى والاستفادة من التغطية الصحية بعد الانتقال من نظام راميد إلى "AMO"، "بحيث لا تستوفي عدد من الأسر المؤشر المطلوب رغم ضعف مستواهم الاجتماعي".
وأكد رئيس الجمعية طرح هذه الإشكالات مع الجهات المعنية لإيجاد حل لمرضى الهيموفيليا وأسرهم، وذلك بالنظر لكون الهيموفيليا لا تنتظر، إذ يجب التكفل بالمريض في حينه وإلا قد يفارق الحياة، معبرا عن أمله في إيجاد حل قريب يحد من معاناة هؤلاء المرضى.
الهيموفيليا والختان
من جهة أخرى، تطريق مريني علوي إلى إشكال يتعلق بعدم معرفة بعض الأسر بإصابة أطفالهم بهذا المرض إلى حين مرحلة الختان، مؤكدا أن هذا الأمر يسبب مضاعفات خطيرة للطفل.
ودعا الآباء إلى ملاحظة ظهور أعراض على الطفل قبل الإقدام على عملية الختان، على رأسها ظهور كدمات متكررة على جسم الطفل، ووجود ألم أو تورم أو شد في المفاصل، أو عدم تخثر الدم واستمرار النزيف بعد إصابته بأي جرح.
كما نبه رئيس الجمعية من نزيف الأنف بشكل مستمر، ودعا الأسر لعدم إهماله، إذ قد يكون علامة للإصابة بالهيموفيليا، مشددا على ضرورة إجراء اختبار طبي قبل الإقدام على ختان الأطفال، خاصة في حال إصابة أحد أفراد العائلة بهذا المرض.
تحسين الوقاية والعلاج
يشار إلى أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية أعلنت، الأربعاء 17 أبريل 2024، عن شراكة استراتيجية مع مختبر "روش المغرب"، تندرج في إطار البرنامج الوطني للوقاية ومراقبة الهيموفيليا، والذي يهدف إلى تحسين التكفل بالمصابين بهذا المرض في المغرب.
وترتكز هذه الشراكة على أربع دعامات أساسية، تتعلق الدعامة الأولى بتحسين الوقاية والعلاج، وتهم الثانية تعزيز الكفاءات الطبية والتمريضية في مجال علاج هذا المرض، أما الدعامة الثالثة، فتتعلق بتحسين النظام المعلوماتي حول الهيموفيليا، فضلا عن تعزيز التحسيس والتواصل للتوعية بمرض الهيموفيليا كدعامة رابعة.
كما أكدت الوزارة أن تعميم التغطية الصحية يمثل فرصة حقيقية ستساهم في تجويد وتحسين الولوج إلى العلاج لهذه الفئة من المرضى، مع التركيز على التحكم الأفضل والوقاية بشكل أكثر فعالية من الإصابة بالنزيف لدى جميع المصابين بالهيموفيليا.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع
مجتمع