عبد الصادق بنعيسى .. رحيل صوت إذاعي استثنائي

أثار خبر رحيل الإذاعي المغربي، عبد الصادق بنعيسي، الذي اشتهر ببرامج  "ملفات بوليسية و"مهمشون" و"هاربون"، أمس الأحد 26 ماي، الكثير من ردود الأفعال التي توقفت عند تفاصيل وطريقة أدائه خلال تقديمه لهذه البرامج عبر أثير إذاعة البحر الأبيض المتوسط "ميدي 1 ".

فقد كان يجذب المستمعين من جميع الفئات الاجتماعية بصوته القوي الذي يشد الانتباه إليه، غير أن الكثيرين كانوا يجدون متعة كبيرة في الاستماع لقصصه، لأنه كان حريصا على إبراز أناقة اللغة العربية، بجمل قصيرة، مختارة بعناية شديد.

كان يمكن أن يكون أديبا كبيرا تباع كتبه بالآلاف بالنظر لأناقة أسلوبه في الحكي والمواضيع التي يتناولها، غير أن المؤكد أن صوته الدافئ والقصص التي كان يرويها، دفعت الكثيرين إلى الانفتاح أكثر على الأدب والقصص، بل إنها أثرت في حياة الكثيرين بالنظر للعبر التي كانت تعرضها.

لم يكن يثير انتباه المستمعين لإذاعة "ميدي 1" بطبيعة المواضيع التي يعرضها فقط، بل كذلك بشحنة إنسانية لا يخطئها من اعتادوا على برامجه التي يتجلى أنه كان يبذل جهدا كبيرا في إعداد موادها وصياغتها في قالب قصصي جذاب.

وبرحيل بنعيسى فقد الإعلام المغربي، أحد الأصوات المتميزة التي أثرت الأثير المغربي، فقد تميز بصوته الذي لا تخطئه أذن، والذي حلّق بالمستمعين بقصصه التي تميزت بالتشويق والإثارة، وكان قوامها أسلوب سلس ماتع خطه صاحبه بحرفية منقطعة النظير.

وعن بداياته يقول بنعيسى: "ارتبطت بدايتي في مجال الإعلام مع إطلاق إذاعة البحر الأبيض المتوسط التي أعتبرها أشبه بمغامرة في ذلك الوقت نظرا لقيام فكرة هذه الإذاعة على اعتماد أسلوب جديد في المجال الإعلامي الوطني بالاعتماد على مجموعة من الشباب الذين كنت منهم".

وتابع أنه التحق بإذاعة البحر الأبيض المتوسط سنة 1981، أشهرا قليلة بعد حصوله على شهادة الباكالوريا، وكان عمره حينها 20 سنة، ليبصم بعد ذلك على مسار إعلامي مميز امتد لأزيد من 42 سنة.

وأضاف أن مساره في المجال الإذاعي توزع على عدة محطات، حيث امتدت المحطة الأولى لـ30 سنة، تخصص فيها بإعداد وتقديم نشرات الأخبار، وبعد ذلك قدّم أول برنامج إذاعي له هو "ملفات بوليسية" الذي لاقى تفاعلا كبيرا، وهو من مذكرات عميد الشرطة السابق عبد اللطيف بوحموش، لتليها برامج أخرى من بينها "لحظات من التاريخ"، و"هاربون"، و"وجوه من الظل".

ونعت إذاعة "ميدي1" الراحل بأن "الساحة الإعلامية المغربية، فقدت هرما كبيرا، بوفاة الزميل عبد الصادق بنعيسى"، مضيفة أن الفقيد هو "أحد رواد وقيدومي إذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية ميدي1، حيث ترك بصمة مهنية كبيرة في الإعلام المغربي والعربي".

ونعى الراحل صديقه وزميله بالإذاعة، إبراهيم الغربي، حيث قال: "تعرفت على عبد الصادق بنعيسى منذ 41 سنة. لقد كان في استقبالي حين التحقت بإذاعة "ميدي1". وبعدها أصبح صديقا عزيزا ورفيقا طوال سنوات طويلة بالعمل الإذاعي".

وتابع أن "الراحل تميز بعصاميته ورغبته الكبيرة في الإبداع وتقديم الجديد، سواء في إعداد وتقديم نشرات الأخبار، أو خلال تقديمه للبرامج الإذاعية التي لاقت شهرة كبيرة"، مشيرا إلى أن "سر نجاح بنعيسى تمثل في لغته السليمة والسلسة ونبرة صوته المتفردة إضافة إلى عشقه لعمله حتا النخاع".

وفي شهادة لها في حق الراحل، تقول الإعلامية بإذاعة "ميدي1"، مجدولين بنشريف، إن "اسم عبد الصادق بنعيسى ارتبط للأبد بإذاعة البحر الأبيض المتوسط، التي لم يأتها هاربا مثل قصصه المشوقة، ولم يكن فيها عابرا مثل كل لحظات التاريخ التي وثقها بصوته وكلماته كما لم يستطع أحد ذلك طيلة أربعة عقود".

 تلك الصباحات الباكرة التي كان فيها عبد الصادق بنعيسى "مايسترو" الإذاعة حاملا جرائده وقهوته ستظل راسخة في أذهان زملائه، كما أن قصصه بنبرة صوته المميزة ستظل راسخة في أذهان كل من سمعه وأحبه.