نمط الحياة
التمور.. الذهب المعسول
08/05/2021 - 09:22
يونس الخراشي
يقول الدكتور محمد حبيدة، في كتابه "المغرب النباتي"، إن أفضل الفواكه في حياة الناس هي التي توفر طعاما دائما، التي تحفظ وتغذي طيلة السنة، كالتين والتمر والبرقوق والعنب. ثم يزيد موضحا، فيقول:"في هذا الإطار، اكتسى الزبيب والتمر أهمية خاصة في النظام الغذائي (المغربي ما قبل الاستعمار). كانت جبال الريف الغربي معروفة بأعنابها التي قارب عددها الخمسة وستين صنفا. نفس الشيء في مناطق أخرى. الحسن الوزان (واصف إفريقيا) كان قد شاهد في القرن السادس عشر (الميلادي)، نواحي دمنات عنبا أحمر يسمى بلغة البلاد بيض الدجاج، وهو اسم يطابق المسمى في الواقع، لضخامة حبه. هذا العنب وجده لويس شيني، بعد قرنين من هذا التاريخ، فاخرا وحلوا. كان الناس يصنعون منه العصير، وكذلك الخمر الذي كان يشربه أهل جبالة بالرغم من تعاليم التحريم في الإسلام. لكن الاستعمال الأساسي تمثل في تجفيفه ليصنع منه زبيب جميل غليظ شديد الحلاوة".
ثم ينتقل الباحث، محمد حبيدة، للحديث عن فاكهة أخرى، ويتعلق الأمر بالتمر، فيقول مستفيضا:"وكذلك الشأن بالنسبة إلى التمر الذي حظي بمكانة خاصة في معيشة المجتمع الواحي، إذ كان النخيل يثمر أنواعا عذبة كثيرة من الثمور، يضاهي حجمها حجم النهود، ويحاكي لونها لون الذهب، حسب تعبير المصادر، مثل أغراس وبوفقوس وبوزكري والجيهل، الغنية بالسكريات السريعة الامتصاص والماغنيسيوم والبوتاسيوم والفوسفور. وبالإضافة إلى هذه الثمار يمكن ذكر العسل والسكر كمصدرين آخرين لتحصيل الجسم على السكريات. أولا العسل، هذه المادة العضوية الغنية بالكلوكوز وهيدرات الكاربون وفيتامينات سلسة باء، اكتست وجهين، بحسب الوسط الجغرافي. ففي البادية، كان العسل مادة عادية، شائعة الاستعمال، ذلك أن تربية النحل، أو رعاية النحل، كما تقول كتب النوازل، كانت ممارسة منظمة بقواعد متعارف عليها من طرف الناس".
ويفصل الدكتور حبيدة في الموضوع، فيقول:"في الأطلس الكبير كان النحل يعطي نوعين رئيسيين؛ الأول أبيض كاللبن ممتاز، والثاني أصفر فاتح كالذهب، مقدما بذلك، إلى جانب الشعير غذاء أساسيا لأهل الجبل. في السهل كان النحل يجود بعسل أبيض جليل المذاق، وفي الواحات كان السكان يدخرون التمر في قلال من طين، فيسحق ويتحول إلى عصير حلو جدا يشبه العسل، من حيث اللون والتركيبة. أما في المدينة، فقد شكل العسل مادة ترف، ورمزا للثراء. لكن، إذا كان الفلاحون يتناولونه كاصطحاب عند أكل الرغائف، فإن أهل المدينة استعملوه استعمالا متنوعا، إذ استخدم في البيوتات الكبرى وفي دار المخزن لصنع الحليوات والمربيات، وتحلية طواجين اللحم المطبوخ بالسفرجل والبرقوق والتفاح، وإصلاح مذاق الأسماك".

مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة