نمط الحياة
البرتقال.. فاكهة لا وزن لها
06/05/2021 - 23:06
يونس الخراشيأثناء حديثه عن تعاطي المغاربة، ما قبل الاستعمار، مع الفواكه، يقول الدكتور محمد حبيدة، في كتابه "المغرب النباتي"، إن النباتات شكلت موردا أساسيا أيضا لتحصيل السكريات (عندي المغربي)، ويزيد، موضحا:"فقد لعبت الثمار الغنية بالفيتامين سي دورا هاما في النظام الغذائي، حيث زودت الناس بطريقة طبيعية بما يحتاجونه من فيتامين وأملاح معدنية. كان الفقراء يأكلون الفاكهة بكثرة، ذلك أن هذه المادة التي نأكلها اليوم كتحلية عقب الوجبة الرئيسية، كانت تؤدي خلال المرحلة التي تعنينا وظيفة اجتماعية، إذ شكلت المنتوجات الشجرية غذاء رئيسيا لشرائح عريضة في المجتمع. عاما الناس يأكلون خبز الشعير والفاكهة. عند الظهر يأكل المغاربة الخبز مصحوبا بالعنب والتين والبطيخ، هكذا تقول المصادر الأوروبية".
"وتكمل المصادر المغربية هذه الصورة"، يقول الباحث ثم يواصل:"عندما تتحدث عن أكل مكون من خبز ورمان أو خبز وتين أو خبز وزيتون، هذا لأن الفواكه كانت خفيفات الثمن... أعطت أرض المغرب فواكه من كل الأنواع، فقد أنتجت الجنان الممتدة على مساحات هائلة، العنب والبرقوق والإجاص والمشمش والخوخ والبطيخ في فصل الصيف، والتين والتمر واللوز والجوز والتفاح والليمون الحلو والحامض والرمان والسفرجل في فصل الخريف. غير أن هذه الفواكه لم تلعب نفس الوظيفة الغذائية، مثلا، الليمون الحلو والإجاص والبطيخ، فواكه سريعة الاستهلاك، يبحث عنها الناس لأجل مذاقها ولذتها الظرفية ومائها الذي يروي الظمأ، خاصة في ضواحي المدن، حيث كانت بساتين الليمون الحلو بالخصوص في ملكية دار المخزن أو في ملكية النخبة الحضرية. لكن في اقتصاد معاشي كالاقتصاد المغربي قبل الاستعمار، لم تمنح هذه الفواكه سوى طعام عابر، كالليمون الذي يتوفر، مع ذلك، على نسبة كبيرة من فيتامين سي، الذي يحمي الجسم من أمراض كثيرة. يقول الطبيب الفرنسي أدولف مارسي، في رحلته إلى بلاط مراكش، 1882:"لا يوجد الليمون الحلو إلا في الأراضي السلطانية وفي ضواحي المدن، إذ لم أصادف شجرة ليمون واحدة في الطريق من الجديدة إلى مراكش، أو من مراكش إلى الصويرة. هذه الفاكهة لذيذة، لكن الناس لا يأكلونها إلا لإطفاء العطش.. فهل من الضروري أن نتساءل حول مكانة هذه الفاكهة لدى المغاربة... فالبرتقال من الفواكه التي لا تحفظ مدة طويلة، إذ كان عليهم أكلها في غضون أيام قليلة عقب جنيها.. لكن في كل هذه المناطق، تنتشر حول الدواوير أشجار اللوز والتين والمشمش. لماذا إذن يفضلون حصريا هذه الفواكه على البرتقال؟".
يجيب الدكتور حبيدة، قائلا:"السر في ذلك هو أن هذه الفواكه تجفف وتخزن، وتصلح طعاما لوقت طويل. أما البرتقال فهو ذو قيمة مرطبة ولا يقدم سوى طعام عابر... وما ينطبق على الليمون الحلو ينطبق على الليمون الحامض، إذ ظلت هذه الفاكهة محبوبة لدى علية القوم، في البيوتات الكبرى، وفي دار المخزن، حيث استعمل نيئا ومرقدا، لإصلاح مذاق بعض الأطعمة".
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة