سياسة
"القاسم الانتخابي".. الأحزاب ترفع مذكراتها للمحكمة الدستورية
26/03/2021 - 11:37
وئام فراجطعن فريقا حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب والمستشارين، بشكل رسمي، في قرار الأغلبية القاضي باحتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، بعدما سبق أن أكد الحزب عزمه التوجه إلى المحكمة الدستورية للحسم في الموضوع.
العدالة والتنمية: "القاسم الانتخابي غير دستوري"
وأكد مصطفى الإبراهيمي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، أن الحزب قدم يوم الثلاثاء 23 مارس، الطعن الأول في مشروع القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب، خاصة المادة 84 منه المتعلقة باحتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، كما تم يوم الأربعاء 24 مارس، تقديم طعن آخر لدى المحكمة الدستورية يخص مشروع القانون المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
وقال الإبراهيمي، في تصريح لـ"SNRTnews"، إن حزبه يثق في عدالة المحكمة الدستورية، وينتظر قرارها للحسم في الجدل الذي خلفته التعديلات الجديدة.
وحول سبب تمسك حزب العدالة والتنمية بفريقيه باحتساب القاسم الانتخابي على أساس المصوتين، جدد الإبراهيمي التأكيد أن القاسم الانتخابي الجديد يخالف المقتضيات الدستورية التي تنص على أن التصويت هو المعبر عن إرادة الأمة.
كما اعتبر رئيس الفريق هذا التعديل يخالف الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في المجال، ووصف الطريقة الجديدة لاحتساب القاسم الانتخابي، بـ"غير الديمقراطية" و"غير الأخلاقية"، مشيرا إلى أنها ستضعف التنافس بين الأحزاب السياسية.
وأوضح المتحدث ذاته، أن هذه الطريقة لا تأخذ بعين الاعتبار كون الأصوات الملغاة لا تحتسب في الانتخابات، "نظرا لكون القاسم الانتخابي الجديد يمكن من احتساب أصوات مسجلة في اللوائح الانتخابية ربما وافتها المنية أو لم تعد تقطن في نفس المكان، أو احتساب أصوات أشخاص ممتنعين عن التصويت".
كما انتقد الإبراهيمي ما سماه بترسيخ ثلاثة قواسم انتخابية متناقضة في مشاريع القوانين التنظيمية لهذه العملية، مبرزا أن القاسم الانتخابي سيحتسب في الانتخابات التشريعية على أساس عدد المسجلين، فيما سيتم احتسابه في الانتخابات الجماعية على أساس الأصوات الصحيحة، وفي الانتخابات المهنية على أساس أكبر المعدلات.
المعارضة: "التعديل لا يتعارض مع أحكام الدستور"
وفي المقابل، دافعت أحزاب المعارضة عن اختيارها للقاسم الانتخابي الجديد، في مذكرتها الموجهة إلى المحكمة الدستورية، والتي تتضمن ملاحظات كتابية لعضوات وأعضاء الفرق بمجلس النواب حول طريقة احتساب "القاسم الانتخابي".
وأكدت أحزاب المعارضة أن هذه المذكرة ستقتصر على "إبداء الملاحظات بخصوص "مسألة القاسم الانتخابي" الخاصة بالقانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، دون غيرها، مع إسناد النظر للمحكمة الدستورية وفقا لصلاحياتها كما هي محددة دستوريا، بفحص باقي التعديلات المدخلة على القوانين التنظيمية الأربع المحالة إليها، كما تستوجب ذلك طبيعة الإحالة الوجوبية".
وأضافت المذكرة أن "فرق المعارضة ستحد النقاش في الموضوع المذكور، مراعاة لطبيعة عمل المحكمة الدستورية، في الجانب الدستوري الصرف، لبيان عدم تعارض هذا الاختيار التشريعي مع أي من الاختيارات الدستورية الكبرى للبلاد، ولا لأي مبدأ من المبادئ التي تحكم بناء المؤسسات التمثيلية وحسن سيرها، ولا أي غاية ارتضاها المشرع الدستوري لمواصلة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة كما جاء في تصدير الدستور".
كما دافعت الأحزاب عن عدم تعارض القاسم الانتخابي مع أحكام الدستور بالقول إن"اندراج موضوع القاسم الانتخابي ضمن الانفراد التشريعي يتأسس من صلب أحكام الدستور، ومن الاجتهاد القار المطرد للقضاء الدستوري".
وأوضحت أن الدستور جعل موضوع النظام الانتخابي في كليته من اختصاص المشرع، مشيرة إلى أن "الدستور خلا من بيان قاعدة مؤسسة أو متصلة بموضوع النظام الانتخابي، فلم يحدد نمطا معينا للاقتراع يرجى اتباعه، أو قواعد "للعدالة الانتخابية" تؤخذ بعين الاعتبار من قبل المشرع، ولا حدا أدنى أو أقصى، ولا ترخيصا أو منعا للأخذ بنظام العتبة."
وأبرزت أن موضوع القاسم الانتخابي "يندرج في اختيارات تشريعية من الممكن مغايرتها وتعديلها ومراجعتها بتغير ملابسات وسياقات وضعها، أو عبر الرهان على التشريع وفضائله لإحداث آثار مرجوة على التمثيل، والنظام الحزبي والعدالة الانتخابية من مدخل النظام الانتخابي".
"التشريع نحو الأفضل"
كما أشارت المذكرة إلى أن حق التعديل المخول لأعضاء مجلس النواب، لا تحكمه فقط محددات تقنية إجرائية، بل أيضا الرغبة في "التشريع نحو الأفضل"، عبر التزام أكبر بالمبادئ الدستورية، وتفعيل تدريجي لغاياته، ورأب الفجوة بين الواقع وأحكامه، ما يجعل المشرع يعيد تقدير وتقييم بنائه القانوني، ويجوده لاقتراب أكبر من النص الدستوري".
وأكدت المذكرة أن المشرع في مراجعته لطريقة احتساب القاسم الانتخابي تصرف في مجال محفوظ له دستوريا، التشريع فيه، وبقي في ممارسته لصلاحيته مقيدا إجرائيا وجوهريا بالدستور وبالغايات التي كفلها.
وتعليقا على الموضوع، أكدت النائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، ابتسام العزاوي، أن الهدف من هذا التعديل يكمن في إعطاء فرصة للأحزاب الصغيرة التي لم تكن تنصفها الطريقة الانتخابية السابقة التي تقوم على احتساب عدد الأصوات، مشيرة إلى أن هذه الطريقة ساهمت في إقصاء العديد من الأحزاب من التواجد داخل البرلمان.
وأكدت العزاوي في تصريح لـ"SNRTnews"، أن اعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية سيجعل الأحزاب تتنافس بشكل حقيقي، مشيرة إلى أن كل حزب سيضطر إلى بذل مجهود إضافي لجلب الأصوات، دون الاعتماد على مكونات معينة اعتاد الاعتماد عليها في كل عملية انتخابية.
وذهبت أحزاب المعارضة في مذكرتها إلى أن اختيار احتساب "القاسم الانتخابي" على أساس عدد المقيدين في اللوائح الانتخابية، عوض عدد الأصوات المحصل عليها من لدن لوائح الترشيح المؤهلة للمشاركة في عملية توزيع المقاعد، بعد إعمال نسبة العتبة المقررة ينطلق من مجموعة من الغايات.
توسيع دائرة المشاركة السياسية
وذكرت من بين هذه الغايات، توسيع دائرة المشاركة السياسية، وتحسيس الناخبين المقيدين في اللوائح الانتخابية بأهمية مشاركتهم، وتحميلهم جزء من مسؤولية البناء الديمقراطي، مشيرة إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية سجلت تراجعا، خلال السنوات الماضية، ما تطلب تعديلات جديدة.
وتوقفت المذكرة عند الأرقام المحصل عليها، مسجلة تراجع إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع، "حيث لم يتجاوز معدل المشاركة في انتخابات 2007 نسبة 37 في المائة، ثم 45 في المائة في انتخابات سنة 2011، قبل أن ينخفض هذه النسبة إلى 42 في المائة برسم انتخابات 2016".
وهو الأمر الذي تطلب، وفق مذكرة أحزاب المعارضة إحداث تغيير، وذلك باحتساب القاسم الانتخابي انطلاقا من قاعدة الناخبين المقيدين، ما سيغر مرجعية التمثيل السياسي، ومكانة الأحزاب، انطلاقا من معيار موضوع وهو قاعدة الناخبين المقيدين.
كما يروم هذا التعديل، تضيف المذكرة، المحافظة على نظام حزبي "تعددي"، مشيرة إلى أن "تطبيق النظام الانتخابي المنسوخ، قد أدى عمليا إلى إبعاد حساسيات سياسية من التمثيل النيابي، وأضعف البعض منها، بحكم قاعدتي العتبة واحتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد الأصوات التي حصلت عليها اللوائح التي نالت 3 في المائة على الأقل من الأصوات المعبر عنها، لا يتم التعبير عنها في ضرب لمبدأ العدالة الانتخابية".
وأكد المصدر نفسه أن "وجود نظام بديل يقوم على استبعاد العتبة، واحتساب قوة الأحزاب وفق مرجع موضوعي ممثل في قاعدة الناخبين، سيعيد التوازن إلى النظام الحزبي الوطني وسيحافظ على محدده الدستوري التعددي وسيسمح بتمثيل أكثر عدالة".
كما أوضحت مذكرة الأحزاب أن القاسم الانتخابي على أساس عدد المقيدين في اللوائح الانتخابية لا يصادر إرادة الناخبين ولا يجعلها تأخذ منحى آخر غير منحى الاختيار الحر لها المعبر عنه، مبرزة أن "هذه الطريقة لا تجبر أحدا على التصويت ولا تمنع المقاطعة ولا تجرم عدم المشاركة لكنها ترتب التزاما معنويا على التقييد في اللوائح الانتخابية الذي يعد مقدمة موضوعية للمشاركة وليس المقاطعة والغياب".
وختم أعضاء فرق المعارضة مذكرتهم بالتأكيد على أن احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المقيدين في اللوائح الانتخابية ليس فيه ما يخالف الدستور.
وتأتي مذكرة حزب العدالة والتنمية وأحزاب المعارضة الثلاثة، تجاوبا مع مراسلة المحكمة الدستورية لمجلسي البرلمان من أجل إبداء ملاحظات الفرق البرلمانية مكتوبة بخصوص القوانين التنظيمية المتعلقة بالانتخابات داخل أجل ثمانية أيام.
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة