سياسة
المسيرة الخضراء.. مؤلفات رسخت الذكرى بحبر من ذهب
06/11/2020 - 17:35
مهدي حبشييستعرض "SNRTnews" على قرائه، بمناسبة الذكرى 45 للمسيرة المظفرة، ثلاثة من أبرز المؤلفات التي تطرقت لإحدى خالدات التاريخ المغربي.
"تحدي" الملك الراحل
مَن أولى بالكتابة عن البنيان غير مُهندسه، وعن اللوحة غير رسامها، وعن البطولة غير المتوج بها؟ لأجل هذا خصص الملك الراحل الحسن الثاني جزءً بارزاً من كتابه "التحدي" ليروي عن التحديات التي جابهها المغرب ملكاً وشعباً من أجل استرداد صحرائه السليبة.
وفي حين يقرر مجموعة من زعماء الدول ترك الكتابة عن تجاربهم في السلطة لتقاعدهم السياسي، يؤلف الملك الراحل الحسن الثاني كتابه "التحدي" في غمرة حُكمه، بحيث أصدره عام 1976، شهوراً قليلة بعد نجاح المسيرة الخضراء. وهكذا فرض الحدث نفسه، بكل ما له من حمولة في تاريخ حركة التحرر وتصفية الإستعمار في القرن العشرين، ضمن أهم ما جاد به الكتاب من مذكرات الملك الراحل.
وتطرق الجالس على العرش آنذاك، في الفصل المخصص للمسيرة الخضراء من كتابه، إلى السياق الذي أحاط بتنظيمها، مُحيلاً على اعتراف محكمة العدل الدولية في لاهاي، شهر أكتوبر من عام 1975، بأن "الأراضي الصحراوية المحتلة من قبل إسبانيا لم تكن عند احتلالها أرضاً خلاء لا صاحب لها".
"وأنقل عن هذه المحكمة ما قالته حرفيا: 'كانت بين الصحراء والمملكة المغربية روابط قانونية وروابط ولاء'، ومعنى ذلك أن سكان هذا الإقليم الصحراوي يدينون بالطاعة والولاء لملوكهم المغاربة". يكتب العاهل الراحل ثم يضيف: "إنه حكم قوي التعليل، لأنه إذا أنكر أن إرادة هذه الأقاليم لم تكن تمارس من قبل السلطات المركزية المغربية، فكيف يمكن تفسير الوجود الشخصي لأجدادنا فيها؟ وكيف يفسر أن مولاي إسماعيل قد وصل عام 1679 إلى نهر السينغال؟ وكون مولاي الحسن الأول ذهب عام 1882/1886، إلى الصحراء؟ وكيف يمكن نسيان أن المعاهدات الدولية المبرمة مع بريطانيا سنة 1895، ومع فرنسا وألمانيا سنة 1911 اعترفت رسميا بالسيادة المغربية على هذه الأقاليم؟".
"نصف قرن في السياسة" لبوطالب
الراحل عبد الهادي بوطالب هو "العلبة السوداء" للتاريخ السياسي المغربي، فعلاوة على قامته الفكرية المرموقة باعتباره كاتباً ودكتوراً في الحقوق، عاصر الرجل مجمل الأحداث البارزة لمغرب القرن العشرين؛ بداية بالنضال لنيل الاستقلال، مروراً بتأسيس أول حكومة وطنية، والتي شارك فيها بوصفه وزيراً للشغل والشؤون الاجتماعية، قبل أن يجد نفسه في حكومات متعاقبة وزيراً للعدل، فالشؤون الخارجية والإعلام ثم مستشاراً للملك الراحل الحسن الثاني...
ولأنه كان إبان إعداد وتنفيذ المسيرة، سفيراً للمملكة المغربية بالولايات المتحدة، بكل ما يتطلبه ذلك من حنكة لتمثيل مصالح المغرب لدى واحد من قطبي الحرب الباردة آنذاك، فإن كتابه "نصف قرن في السياسة" يعد مرجعاً في موضوع المسيرة الخضراء، بين مواضيع أخرى.
المؤلَّف عبارة عن حوارات أجراها مع الصحافي "حاتم بطيوي"، ونشرت في صحيفة "الشرق الأوسط" قبل أن تجمع في كتاب، تطرقت لمواضيع متعددة من بينها حدث المسيرة الخضراء، التي وصفها "بالإبداع السياسي للملك الراحل الحسن الثاني". واعتبر بوطالب في كتابه أن المسيرة "نموذج لحركات التحرر المعاصرة"، حتى أنه اقترح على الفلسطينيين خوض مسيرة مشابهة في سلميتها وتنظيمها، تذكر العالم بمحنة الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل استرداد حقوقه.
"فلسفة الحسن الثاني" لمول
ليس المؤرخون والباحثون المغاربة وحدهم من أبدوا اهتماماً بالمسيرة الخضراء، فالحدث اكتسى زخماً دوليا، بالنظر لاندراجه ضمن سياق "تصفية الاستعمار" الذي شكل أعقد تحديات المجتمع الدولي لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وباعتباره أشهر نموذج لتصفية الاستعمار على نحو سلمي بالكامل. وهنا يأتي مؤلف الكاتبة الفرنسية "غونفييف مول"، التي شهدت الأحداث باعتبارها آنذاك مراسلة صحافية، ليحمل عنوان "المسيرة الخضراء أو فلسفة الحسن الثاني".
تصف مول الأحداث في كتابها بالعبارات التالية: "بمجرد أن اخترقوا الحدود (تقصد حدود المغرب مع ما يسمى آنذاك ب"الصحراء الإسبانية")، كل السائرين جثوا أرضاً، توضأوا ثم أدوا الصلاة.. فتحولت الصحراء في لحظة إلى مسجد كبير".
وتضيف الكاتبة: "في انضباط لا تشوبه شائبة، وتنظيم من البراعة بمكان، أثبت الحسن الثاني للعالم بأسره أنه حاكم شعب قادر على أكبر مسيرة سلمية في التاريخ المعاصر".
مقالات ذات صلة
مجتمع
سياسة