عالم
دراسة فرنسية ترسم صورة إيجابية لمساهمة المهاجرين في الاقتصاد
27/10/2020 - 16:01
مهدي حبشيأنجِزت الدراسة من طرف حكيم القروي، الباحث والمفكر السياسي ذي الأصول التونسية، والذي اشتغل في مكتب الوزير الأول الفرنسي عام 2002، وببنك "روتشيلد" عام 2006 قبل أن يؤسس مكتب الاستشارة الاستراتيجي الخاص به عام 2016. كما يعد القروي أحد أهم الباحثين المدافعين عن إمكانية تعايش الدين الإسلامي مع قيم الجمهورية الفرنسية.
الدراسة التي تحمل عنوان "الأحياء الفقيرة لها مستقبل"، عملت على تفنيد الأحكام المسبقة الشائعة ضمن الرأي العام الفرنسي في موضوع الهجرة على وجه التحديد، والتي تدعي أن المهاجرين عالة على المجتمع الفرنسي؛ يستفيدون من النظام الاجتماعي للدولة ولا ينتجون شيئاً في المقابل، عدا العنف والتطرف والانغلاق والجريمة بشتى أنواعها...
وانطلقت الدراسة من ضاحية "سين سان دوني" الباريسية، التي تعرف تجمعاً كبيراً لذوي الأصول المغاربية والإفريقية، بحيث نفت عنها الاعتقاد الشائع بكونها مرتعاً للبطالة، ولا تساهم في الدينامية الاقتصادية لفرنسا.
وأكدت الدراسة أنه في عام 2007 كانت كتلة الرواتب في تلك الضاحية تساوي 13,5 مليار أورو، لتصل إلى 16.7 مليار أورو عام 2018، أي بزيادة قدرها 3,2 مليار أورو في غضون 11 عاماً، وهو ما يعادل 25 في المئة، بينما لم تشهد كتلة الرواتب على الصعيد الوطني الفرنسي، سوى زيادة بنسبة 2,1 في المائة.
كما أوضحت الدراسة أن سان دوني هي أكثر منطقة خلقت فرص شغل في غضون 10 سنوات، ذلك أن 29 في المائة من كتلة الرواتب الوطنية في فرنسا خلقت في تلك المنطقة بين 2007 و2018.
واستند القروي على تجميع وتحليل لمعطيات المعهد الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية، والمتعلقة بمستوى العيش، الفقر، تدفق الحماية الاجتماعية... مقارناً وضع المهاجرين ببقية المجتمع الفرنسي.
من جهة أخرى، أكد القروي أن سان دوني، التي تعد المقاطعة الأفقر في فرنسا، هي ثامن أكثر المساهمين في برامج تمويل التأمين الاجتماعي، وفي الوقت نفسه الأقل استفادة منه. وهو ما يدحض فكرة أن المهاجرين يعيشون على هامش المجتمع الفرنسي، وعالة على البرامج الاجتماعية من تأمين على السكن والأطفال والبطالة وغير ذلك...
وغاصت الدراسة في مصادر الدخل داخل المجتمعات المهاجرة، لتبين ضعف الفكرة الشائعة بكون المهاجرين يعيشون من تجارة المخدرات؛ إذ أكدت أن عدد المتورطين في تجارة المخدرات على الصعيد الفرنسي يناهز 200 ألف شخص، و"إذا افترضنا أنهم جميعاً يعيشون في الأحياء الفقيرة، فإنهم لا يشكلون سوى 3 في المئة من تعداد ساكنتها".
جدير بالذكر أن الأحداث الإرهابية التي شهدتها فرنسا، في السنوات الأخيرة، فتحت نقاشاً محتدماً حول دور المهاجرين في المجتمع الفرنسي، وفاقمت حدة الأحكام المسبقة حولهم؛ إذ تعتقد شريحة واسعة من الفرنسيين أن مساهمتهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية ضئيلة ومنحصرة ضمن خانة الجريمة والتطرف.