مجتمع
زيادة أعداد السيارات تخنق المدن المغربية
02/12/2020 - 12:30
مهدي حبشييعتمد قطاع النقل في المغرب بنسبة 99 في المائة على الطاقات الأحفورية الملوثة للبيئة، كما يتربع على عرش مستهلكي الطاقة بنسبة 38 في المائة، ويعد ثاني مصادر غاز ثنائي أكسيد الكربون المنبعث في الهواء بنسبة 31 في المائة. تلك أرقام منذِرة لم تفت الخبراء المغاربة، الذين شرعوا في التفكير في حلول للأثر السلبي الذي خلفه تناسل السيارات الخاصة وسط شوارع المملكة، في تدهور جودة الحياة في المدن وسلاسة النقل داخلها.
توفير الأمن يرفع من حركة المغاربة مشياً على الأقدام
وقالت كوثر بنعبد العزيز، مستشارة مؤسسة "غيز" الألمانية للتنمية في مجال النقل والبيئة، إن ارتهان المغاربة المتزايد للسيارات الخاصة أصبح مشكلاً كبيراً، خصوصاً أن 50 في المائة من تلك العربات على الصعيد الوطني تنشط ضمن محور الدار البيضاء-الرباط، وذلك نتيجة الارتفاع المضطرد لنسبة التمدن التي تكاد تصل إلى 64 في المائة.
وشددت، خلال ندوة حول "الحركية في المدن" الثلاثاء فاتح دجنبر، على أن هذا الواقع يفرض إعادة التفكير في مشكلة النقل بالمدن المغربية، لاسيما أمام تمدد هذه الأخيرة، ما يفرض ارتفاع الحاجة للحركية والولوج للصحة والتعليم والثقافة... وبقية المرافق التي تتيحها المدن لساكنتها.
وأوضحت الخبيرة أن ظروف الجائحة كشفت عن أن بوسع الحياة داخل المدن أن تكون أجود دون الاختناق المروري الذي تتسبب فيه كثرة السيارات ضمن شوارعها. كما بينت أن بوسع حصة كبيرة من الحركية أن تتم مشياً على الأقدام أو من خلال المواصلات العمومية.
إلا أن تثمين المشي على الأقدام مثلاً وتشجيعه، رهين بتوفر الأمن، تضيف بنعبد العزيز، خاصة لفائدة الشرائح الأكثر عرضة للخطر مثل النساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.
وقالت إن تخفيف لجوء المغاربة للسيارات الشخصية يحتاج لمقاربة مندمجة، عبر الاستثمار في بنى تحتية ذات جودة عالية، وفسح المجال بشكل أكبر للراجلين والدراجات الهوائية وللمواصلات العمومية، للاستفادة من الطرق.
ويمكن بحسبها اللجوء لمقاربة ألمانية ولدت في تسعينيات القرن الماضي، تسمى (Avoid, shift, improve) (بالعربية: تفادي، تغيير، تطوير)، وتقوم هذه المقاربة على تهيئة حضرية تروم تفادي الحاجة الملحة للنقل بواسطة المَركبات، عبر تقريب المسافات بين المواطنين وأهم المرافق التي يحتاجونها. كما تنبني على الانتقال إلى نمط نقل أقل استهلاكاً للطاقة، وتحسين النجاعة الطاقية للعربات بفضل التكنولوجيا، قصد خلق مدن ذات جودة حياة أفضل وتعقيد أقل.
تشجيع وسائل نقل "صديقة البيئة"
من جهتها أحالت لبنى بوطالب، مديرة شركة ترامواي الرباط-سلا، على أن للمغرب خارطة طريق "للحركية المستدامة" منذ كوب 22. ويروم هذا النمط من الحركية إرضاء الحاجة المتزايدة للنقل لدى الساكنة، مع تخفيف الوقع السلبي لوسائل النقل على البيئة.
وقالت إن المغرب محظوظ بأن 60 في المائة من مجمل حركيته تتم بواسطة وسائل نقل "صديقة للبيئة"، بما في ذلك المشي على الأقدام، هذا الواقع المغربي يعتبر هدفاً صعب المنال في أوروبا. "لكننا في مفترق الطرق، وينبغي سن سياسات عمومية تشجع على الحفاظ على هذا المستوى من الحركية المستدامة"، ترى بوطالب.
واقترحت لأجل كبح اللجوء المتزايد للسيارات الخاصة تشجيع وسائل النقل العمومي غير المؤذية بيئياً، والرفع من جاذبية النقل العمومي، عبر الاستثمار في تجويد وسائله وتحديثها، بما في ذلك سيارات الأجرة.
الاستثمار في مصادر وقود جديدة
ولأجل تخفيف الأثر البيئي لارتفاع أعداد السيارات الخاصة في المدن، بات من الضروري الاستثمار في تطوير أنماط جديدة من الوقود أقل تلويثاً، مثل وقود "البيو إيثانول"، يؤكد زكرياء نجمي، عن معهد الأبحاث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة.
ويعد البيو إيثانول أو (الإيثانول الحيوي) نوعاً من الطاقات المستخرجة من مصادر طبيعية، إذ يمكن استخدامه وقوداً للسيارات، كما يخفض نسبة انبعاث الكربون من تلك العربات بنسبة 37 في المائة مقارنة بالوقود الأحفوري.
ويمكن إنتاج هذا النوع من الوقود من خلال عملية تخمير السكر المستخرج من النباتات السكرية، وعلى رأسها الشمندر الذي ينتجه المغرب، وفقاً لنجمي، أو عبر عملية التحليل المائي للنشاء الموجود في الحبوب.
وقال المتحدث إنه بهدف خفض كربونية قطاع النقل بنسبة 90 في المائة، وهي النسبة التي حددتها القارة الأوروبية كهدف تتطلع لتحقيقه من أجل نجاعة بيئية، يمكن اقتناء السيارات الكهربائية الهجينة، التي يؤكد أنها شرعت في الانتشار ابتداءً من بداية هذا العام.
واقترح نجمي، في السياق ذاته، دمج كل وسائل النقل في نظام واحد، وجعل المستهلكين يستفيدون من عدد من وسائل وخدمات النقل عبر نفس الشباك.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد