إفريقيا
عندما يستبيح "الاستعمار الإلكتروني" إفريقيا
10/02/2021 - 16:00
مصطفى أزوكاحفي "حديث الثلاثاء"، الذي يبثه مركز السياسات للجنوب الجديد عبر وسائط التواصل الاجتماعي، جرى الاهتمام بمقاربة إشكالية "إفريقيا بين الذكاء الاصطناعي والحرب السيبرانية"، حيث انطلق رضوان نجاح، الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الأمن الرقمي بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، في تعريفه للاستعمار السيبراني من الخلاصة التي توصل إليها، سيدريك فيلاني، الباحث الفرنسي في الرياضيات وواضع تقرير برلماني حول الذكاء الاصطناعي، حيث أفاد أن المنصات الإلكترونية "تستغل موردا محليا عبر إنشاء أنظمة تقنية تمكنها من جلب قيمة مضافة إلى اقتصاداتها.
مراكز بيانات
يحيل الاستعمار السيبراني، حسب نجاح، على تلك الممارسة التي تسمح، عبر دول أو شركات، بالسيطرة، بشكل كامل أو جزئي، بالفضاء السيبراني لبلدان أخرى، حيث تقوم باحتلاله واستغلاله من أجل تسييل القيمة المضافة إلى اقتصادياتها.
ويتجلى الاستعمار السيبراني، في نظره، في كون البنيات التحتية، التي تعتبر أساس الفضاء السيبراني، يتم بناؤها من قبل شركات أجنبية، كما أن البيانات الإفريقية التي تخزن في مراكز البيانات، يتم استغلالها من قبل الشركات العملاقة العاملة في التكنولوجيات الحديثة.
وتتمثل تلك البنيات التحتية، التي يصنعها الأجانب وشركات عملاقة، في الحالة الإفريقية، في مراكز البيانات والكابلات البحرية التي تنقل المعلومات عبر القارات. تلك المراكز تسمح بتخزين المعلومات التي تنتجها الحواسيب أو الهواتف الذكية في جميع مناطق القارة، قبل تسييلها عبر تلك الكابلات.
ويذهب نجاح إلى أن المعلومات حول مراكز البيانات جد قليلة، حيث تعد من البنيات الحساسة جدا، غير أنه يشير استنادا على بعض التقديرات إلى وجود حوالي ثمانين مركز بيانات بالقارة الإفريقية، نصفها يوجد بجنوب إفريقيا.
غير أنه يلاحظ أن التشريعات التي يراد منها حماية البيانات والحماية من الجريمة السيبرانية، أنها لا تزال شبه غائبة، علما أن الاتحاد الإفريقي أصدر اتفاقية "مالابو" التي استوحاها من اتفاقية "بودابيست"، والتي تعد أول اتفاقية في العالم تتناول الجرائم المرتكبة عبر الإنترنيت والشبكات الإلكترونية.
ويلفت الباحث الانتباه إلى أن 32 دولة من بين 54 دولة في القارة الإفريقية صادقت على تلك الاتفاقية، التي تعني المصادقة عليها من كل دولة، أنها ستضع تشريعات خاصة بها، تنظم حماية المعطيات الشخصية للأفراد على المستوى الوطني.
استهداف رقمي
يسجل أنه بعدما كان الصراع الدولي على النفوذ والقوة، متمحورا حول الجوانب الأمنية والعسكرية والاقتصادية، غير أن الصراع أضحى اليوم محتدما للسيطرة على الفضاء الإلكتروني، الذي أضحى فضاء افتراضيا قائم الذات.
ويدفع ذلك الباحث إلى ملاحظة أن القوة الإلكترونية، التي يغذيها الذكاء الاصطناعي، أضحت تحتل مركزا أساسيا ضمن الترسانة التي تحدد قوة الدول، حيث برز ذلك في هيمنة دول مثل الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية والصين على الاقتصاد الرقمي عبر الهواتف الذكية والحواسيب، حيث يوفر لها الاقتصاد الرقمي مليارات الدولارات مقارنة بالاقتصاد التقليدي.
وشدد على أن ذلك يبرر الصراع حول تملك تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، التي ستصبح تكنولوجيا رائدة، حيث دفع ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى التأكيد في افتتاح السنة الدراسية في 2017 على من سيسيطر على الذكاء الاصطناعي سيقود العالم".
وقد أججت الرغبة في السيطرة على الذكاء الاصطناعي إلى منافسة شرسة عبر الشركات العملاقة بين الولايات المتحدة والصين، معتبرا أن القارة الإفريقية ليست بمنأى عن ذلك السعي نحو السيطرة في شكلها الجديد، حيث أن التوسع الرقمي في إفريقيا، ليس سوى صيغة من صيغ التوسيع التي كانت هدفا لها القارة السمراء في السابق.
ويلاحظ إلى أن الشركات الأمريكية والصينية العملاقة حطت رحالها بالقارة الإفريقية، بالنظر لعدد سكانها، فهي تضم أكثر من مليار نسمة، أكثر من 60 في المائة منهم شباب مقبل أكثر على التكنولوجيا الحديثة، علما أن الأمم المتحدة تتوقع مضاعفة عدد السكان في القارة في أفق 2025.
هذا يجعل إفريقيا سوق شاسعة، تقتحمها الشركات العملاقة، من أجل استخراج القيمة المضافة، التي تفيد اقتصادياتها، معتبرا أن ذلك ينطوي على مخاطر اقتصادية، على اعتبار أن التقنيات الحديثة تستعمل في التأثير على سلوك الأشخاص وتوجيه أذواقهم في مجال الاستهلاك، بل إن التقنيات الحديثة تستهدف الخصوصيات في مدن ذكية بإفريقيا، خاصة عبر تطبيقات التعرف على الوجه.
غير أنه يشير إلى مخاطر سياسية تجلت في تقارير دولية، حيث استعملت التقنيات الجديدة من أجل التأثير على الانتخابات عبر نشر الأخبار الكاذبة والتدليسية. وهذا ما تجلى، حسب الباحث، في بعض الدول الإفريقية، حيث سعت شركات عملاقة إلى التدخل بمناسبة استحقاقات انتخابية في السينغال والكونغو والنيجر وتونسي. ذلك مؤشر على المخاطر التي تحيق بالسيادة الرقمية للقارة السمراء.
مقالات ذات صلة
إفريقيا
عالم
مجتمع