اقتصاد
لماذا ترتفع البطالة في صفوف الشباب ما بين 15 و24 سنة؟
09/02/2021 - 09:58
وئام فراجوكشفت المندوبية السامية للتخطيط،عن تسجيل مليون و429 عاطل عن العمل على الصعيد الوطني، بزيادة قدرها 322 ألف شخص، حيث انتقل معدل البطالة من 9,2 في المائة إلى 11,9 في المائة على الصعيد الوطني، ومن 12,9 في المائة إلى 15,8 في المائة بالوسط الحضري، ومن 3,7 في المائة إلى 5,9 في المائة بالوسط القروي.
غير أن معدل البطالة سجل أعلى ارتفاع لدى الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 عاما، حيث انتقل من 24,9 في المائة إلى 31,2 في المائة.
ويرى المهدي لحلو، أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، أن عطالة الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة ترجع أساسا إلى تفشي ظاهرة الهدر المدرسي بالمغرب، مشيرا، في تصريح لـ"SNRTnews"، إلى أن مكان هؤلاء الشباب الطبيعي هو الأقسام الثانوية أو مراكز التكوين المهني وليس سوق الشغل.
فترة تكوينية
قال لحلو إن العديد من الشباب اليافعين أصبحوا يصنفون في خانة العاطلين عن العمل بسبب تركهم مقاعد الدراسة في سن مبكرة خاصة في العالم القروي، واصطدامهم بعدم وجود فرص شغل مناسبة لهم في الوسط الحضري.
وأوضح الحلو أن سوق العمل بالمغرب ليس متوازنا بشكل هيكلي، ما ينتج فرقا شاسعا بين فرص الشغل الموجودة وفرص الشغل التي تبحث عنها هذه الشريحة من الشباب.
وأضاف المتحدث ذاته أن جائحة "كورونا" زادت من هذه الأزمة، بعدما تسببت في توقف قطاعات كبيرة من الاقتصاد الوطني عن العمل، أو سجلت نقصا مهما في أنشطتها، ما أثر بشكل مباشر على سوق الشغل وتسبب في تسريحات للعاملين في عدة قطاعات من قبيل المطاعم والنقل وقطاع الخدمات.
وساهمت هذه التسريحات، وفق الحلو، في ارتفاع أعداد العاطلين خلال سنة 2020 بشكل كبير، "يمكن أن يفوق ما ذكرته المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها".
من جهته، عزا الخبير الاقتصادي عمر الكتاني، ارتفاع البطالة عند الفئة العمرية ما بين 15 و24 سنة، إلى إعطاء الأولوية للتكوين القصير بدل التكوين العميق، مشيرا إلى أن هذه الفئة العاطلة عن العمل إما تكوينها ضعيف أو قصير بشكل لا يخولها للحصول على عمل مناسب لها.
وانتقد الكتاني، في تصريح لـ"SNRTnews"، إدراج الشباب دون سن لـ20 ضمن إحصائيات العاطلين عن العمل، مشيرا إلى هذه الفترة العمرية هي فترة تكوينية وتدريبية باميتاز.
300 ألف طلب شغل إضافي سنويا
أكد الكتاني أن المغرب يسجل كل سنة 300 ألف طلب عمل جديد، وفق الإحصائيات الرسمية، وأبرز أن الإحصائيات المتعلقة بخسائر مقاولات المغرب أظهرت فقدان 580 ألف منصب شغل خلال عام 2020، ما بين القطاع الفلاحي والصناعي، فيما سجل أكبر عدد من هذه المناصب المفقودة في القطاع الفلاحي.
وتأثرت عدة قطاعات أخرى بشكل كبير بجائحة كورونا التي ميزت سنة 2020، خاصة قطاع الخدمات والسياحة، ويشير الكتاني في هذا الإطار إلى أن العجز هم حوالي مليون منصب شغل خلال العام، بين الطلبات الجديدة والمناصب المفقودة بعدما توقف أصحابها عن العمل.
وفي ما يتعلق بالقطاع الفلاحي، أوضح الخبير الاقتصادي، أن سنة 2020 كانت ضعيفة من حيث الأمطار، مشيرا إلى أنه كلما كانت السنة المطرية ضعيفة كلما هاجر ما بين 60 ألف و100 ألف شخص من البادية إلى المدينة، "ما يتسبب في ارتفاع أرقام البطالة داخل هذه المدن".
وأكد الكتاني أن استيعاب مليون منصب شغل المفقودة، يتطلب أربع سنوات على الأقل، دون الأخذ بعين الاعتبار الطلبات الجديدة المتزايدة كل سنة.
ولتجاوز الارتفاع المستمر في عدد العاطلين الشباب بالمغرب، شدد الخبير الاقتصادي، ضمن تصريحه، على ضرورة إرساء مراكز للتكوين المهني في البوادي، مبرزا أن الحل الأمثل أمام الشباب المنقطعين عن الدراسة في البوادي هو تحول القرى الرئيسية إلى مدن صغيرة عبر الاستثمار في الخدمات الاجتماعية والتعليمية.
وأكد الكتاني أن هذا هو أبرز حل لتوقف الهجرة القروية، باعتبارها المسبب الرئيسي في ارتفاع أعداد العاطلين الشباب على وجه الخصوص، مشيرا إلى أن إحداث مراكز تكوينية بهذه المناطق سيجعل أبناءها يحضون بتكوين جيد يخولهم الاشتغال في البوادي، وتحويلها إلى مدن منتجة أيضا.
وأوضح المحلل الاقتصادي أن تطبيق هذا الحل يتطلب تغيير السياسات العمومية للبلاد، وتغيير العقليات الاستهلاكية إلى عقليات إنتاجية واستثمارية تنموية.
سياسة اقتصادية جديدة
بدوره، يرى المحلل الاقتصادي المهدي لحلو، أن الخروج من أزمة عطالة الشباب، يتطلب خلق سياسة اقتصادية جديدة، واستثمارات في القطاعات المنتجة، مشددا على ضرورة الاحتفاظ بالشباب ما بين 15 و18 سنة في المدارس والمعاهد التكوينية.
وأشار لحلو إلى ضرورة خلق شعب تكوينية تتماشى مع متطلبات سوق الشغل، وتشجيع الشباب الذين يغادرون صفوف الدراسة على الاستمرار في التكوين، عبر توفير فرص عمل في هذه الشعب فور انتهاء سنوات الدراسة.
كما ركز المحلل الاقتصادي في حديثه حول الحلول الممكنة للتخفيف من عطالة الشباب، على ضرورة اعتماد سياسات جديدة سواء على المستوى النقدي أو مستوى ميزانية الدولة، من أجل الرفع من الاستثمارات، فضلا عن خلق استثمارات في قطاعات منتجة حسب الشعب التكوينية.
ومن بين القطاعات التي تتطلب المزيد من الاستثمارات، وفق المتحدث ذاته، قطاع السياحة وقطاعات الطاقات البديلة والأشغال العمومية، ثم الاستثمار في قطاعي الصحة والتعليم وخاصة قطاع البحث العلمي.
وأوضح لحلو أن هذه القطاعات تتطلب اهتماما خاصا من طرف الحكومة، من أجل تنويع الاقتصاد الوطني، وخلق فرص عمل جديدة، مشيرا إلى أن المملكة تتوفر على كافة المقومات الأساسية لمحاربة البطالة وتوفير فرص الشغل للشباب العاطل عن العمل، "لكن ما ينقص هو نظرة حكومية تسمح بإنزال هذه التدابير على أرض الواقع"، وفق المحلل الاقتصادي المهدي لحلو.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد