اقتصاد
ما المنتظر من وزارة للتحول الرقمي؟
09/10/2021 - 08:58
حليمة عامرمن الملامح الكبرى للحكومة الجديدة التي عينها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الخميس 7 أكتوبر، إحداث وزارة خاصة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، وهو ما يكرس توجه المملكة الراسخ نحو تطوير مجال الرقمنة بالقطاعين العام والخاص.
ويعد ذلك أولى خطوات المغرب في تنفيذ ما جاءت به توصيات تقرير النموذج التنموي الجديد لتطوير استراتيجيات العمل، الذي دعا إلى تكثيف الجهود قصد مواكبة الدينامية التي يعرفها التحول الرقمي والابتكار التكنولوجي.
وفي ما يلي نص الحوار مع منير الجازولي الذي يشرح فيه سياقات تأسيس هذه الوزارة والانتظارات التي ينبغي الاشتغال عليها خلال المرحلة القادمة:
ماذا عن وضعية المغرب على مستوى الانتقال الرقمي؟
عرف المغرب خلال السنوات الأخيرة تطورا في مجال الرقمنة، سواء على مستوى القطاع العام أو القطاع الخاص، حيث رأينا العديد من المبادرات التي ظهرت بالقطاع الخاص، مثل تلك التي قامت بها العلامات التجارية والمقاولات ومقدمي الخدمات في المغرب، من أجل توفير خدمات إلكترونية أو عن بعد أو على الهاتف المحمول للمواطنين، بغاية تسهيل حياتهم اليومية.
هذا المجهود الذي قام به الفاعلون في القطاع الخاص، شهد مواكبة من قبل الدولة بطريقة فعالة، من خلال سن بعض القوانين التي وضعت إطارا قانونيا، ووضعت أرضية للاشتغال واضحة، تبين واجبات وحقوق وتدخلات جميع الأطراف.
بالموازاة مع ذلك، تم وضع آليات حماية المواطن في هذا المجال، من خلال حماية معلوماته الخاصة والشخصية، وحمايته من خلال تأطير تعاملاته المالية والتجارية في هذا المجال، وكذلك عبر حماية الفئات الناشئة والهشة في هذا المجال الرقمي.
وماذا عن القطاع العام؟
لقد تم إنشاء مجموعة من الهيئات التي أسند إليها مهمة السهر تطبيق القوانين وترسيخ آليات حماية المعطيات والحقوق، والتي نذكر من بينها وكالة التنمية الرقمية، واللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، وكذا تلك المبادرات التي قامت بها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، حيث حاولت أن تلعب دورا فعالا من خلال التقريب ما بين الإعلام الرقمي والإعلام الكلاسيكي التقليدي الذي نعرفه من قبل.
كما قامت الدولة بمجهودات من أجل إدخال بعض الوزارات والوكالات والمكاتب الحكومية، في عالم التحول الرقمي، لكي تواكب هذا التطور الذي يعرفه العالم بشكل متسارع، والذي يعيشه المواطن المغربي كأي شخص يسعى إلى الاستفادة من الفوائد التي يوفرها هذا التطور الرقمي على مستوى الخدمات.
هذه المؤسسات الحكومية دخلت في استراتيجية الرقمنة والتحول الرقمي لكي تواكب وتطور خدماتها وتوفرها في الإنترنت وعبر الهاتف المحمول وعن بعد. وبشكل مباشر لكي تبسط المساطر الإدارية التي يمكن أن يستفيد منها المواطن المغربي، وكذا في تعاملها مع الفاعلين في القطاع الخاص والمقاولين الخواص، لكي يتعاملوا بنفس الوسائل التي هي رقمية أكثر فأكثر.
أين وصلت الخطة التي سبق للمغرب أن وضعها للانتقال الرقمي؟
بدأ المغرب تفعيل ووضع هذه الخطة منذ سنوات، حيث ظهرت نتائجها في بعض المجالات، غير أنه أظن أنها افتقدت إلى القليل من السرعة والفعالية.
لذلك أظن أن هذه الأمور هي ما ستشكل أولويات الوزارة المنتدبة لدى الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، لأنه مادام أنه تم إحداث وزارة متمركزة في هذا المجال، فربما ستكون رؤيتها متمركزة وموحدة حول هذه الخطة.
ولذلك أظن أنه يمكن تسريع وتيرة تنزيل هذه الخطة، وتحيينها أو إعادة النظر فيها، لأن المجال الرقمي يتطور بشكل كبير،ونحن نلاحظ كيف أن الدول العالمية تسير بشكل سريع في هذا المجال.
هل يعني ذلك أن المغرب أصبح واعيا بضرورة تطوير الانتقال الرقمي؟
اليوم لاحظنا أن هذا الجانب كان حاضرا بقوة في الحكومة الأخيرة بطريقة ترتكز بشكل كبير على تطوير القطاع العام، بشكل عام، بينما كانت الرقمنة، بشكل خاص، حاضرة في الوزارات وكتابة الدولة المكلفة بتطوير القطاع العام، أو من خلال حضور أنشطة وزارة الاقتصاد والمالية والاقتصاد الرقمي.
اليوم أصبحت الرقمنة رؤية واضحة داخل التشكيلة الحكومية الجديدة، حيث يتضح بشكل جلي اتجاه نية الحكومة الجديدة نحو التحول الرقمي. وينتظر أن تحاول هذه الوزارة تسريع وتيرة الرقمنة في المؤسسات والخدمات التي تقدمها الدولة، لكي تكون في مستوى وتطلعات المواطن الذي أضحي يعند على الإنترنيت في تواصله، وهو ما تؤكده الأرقام التي تبين عدد الأشخاص المشتركين في الانترنت وعدد الأشخاص الذين يؤدون خدماتهم اليومية عبر الهاتف المحمول.
وستحاول هذه الوزارة تسريع خدمات الدولة وإفادة المواطن، وإطلاق مجموعة من المبادرات التي يمكنها أن تضع إطارا ومجالا خصبا لكي يطور المواطنون والفاعلون أنفسهم في هذا المجال، وكذا لتشجيع خلق مقاولات ناشئة تساهم في تطوير مقومات الاقتصاد الوطني.
ما هو المطلوب من المغرب ليقوم به في هذا المجال خلال السنوات القادمة؟
أظن أنه بالرغم من المبادرات الكبرى التي تم اتخاذها، إلا أنه ليس لدينا منظومة أو ومجال واسع لخلق مقاولات ناشئة قوية في هذا المجال، يكون لديها إشعاع دولي. لذلك نتمنى من هذه الوزارة الجديدة أن تقوم بمجموعة من المبادرات وتسن القوانين التي يمكنها أو تخلق مناخا خصبا لتطوير هذه الشركات في المغرب.
كما ينبغي التسريع من التحول الرقمي. لقد قام المغرب بمجهود جبار في هذا المجال ولا يمكن إنكار ذلك، حيث شاهدنا العديد من المبادرات التي حاولت تقريب الإدارة من المواطن بدون الانتقال إلى مدن أخرى، غير أنه ينبغي تسريع هذه الوتيرة وتوزيع مجال هذه الرقمنة لتستفيد جميع المناطق من تبسيط المساطر والرقمنة، وتواكب تطور التكنولوجيات الحديثة.
وهذا بالإضافة إلى أنه ينبغي تقوية منظومة المقاولات الناشئة في المغرب التي لازلت هشة قليلا، حيث لم تعط أكلها بشكل فعال بعد، وينبغي توفير أليات للتمويل لتكون ملاءمة لهذه المنظومة، لتكون في متناول الجميع، من خلال دعم حاملي المشاريع في هذا المجال.
كما يحتاج هذا المجال إلى تطوير الإطار التشريعي ليواكب هذا التطور الذي لا حدود له في هذا المجال، وكذا خلق تقارب أكثر ما بين هذه المقاولات الناشئة وما بين المقاولين الشباب الذين لديهم أفكار ومبادرات في المجال.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
سياسة
اقتصاد