اقتصاد
هل يكون رفع الدعم عن السكر هدية صحية للمغاربة؟
16/12/2020 - 22:59
مهدي حبشيفي وقتٍ يخشى مراقبون من أن يكون رفع دعم صندوق المقاصة عن مادة السكر ضاراً بالقدرة الشرائية للمستهلك المغربي، يذهب آخرون إلى أن ذلك الإجراء من شأنه تقديم هدية صِحية للمغاربة، لا سيما أن الاستهلاك المفرط لمادة السكر يتوارى خلف مجموعة من الأمراض الخطيرة.
ويعد المغاربة من أكثر مستهلكي السكر في العالم، إذ يبلغ استهلاك الفرد الواحد من تلك المادة في المغرب 37 كيلوغراماً سنوياً كمعدل، في حين لا يتجاوز المعدل العالمي نحو 20 كيلوغراما للفرد كل سنة. وهو ما يؤدي، ليس فقط إلى إنهاك خزينة الدولة عبر دعم صندوق المقاصة لتلك المادة، ولكن يرخي بآثاره على صحة المواطنين، ومن ثمة على مصاريف الدولة على استيراد الأدوية.
ويظل استهلاك المغاربة لتلك المادة مفرطاً، على الرغم مما نوه به "الاستعراض الوطني الطوعي لإنجاز أهداف التنمية المستدامة"، لهذا العام، بحيث تراجع استهلاك المغاربة للسكر بنسبة 6 في المائة بين عامي 2008 و2018.
وقود الأمراض الخطيرة
يفيد مصطفى الإبراهيمي، عضو لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، بأن ثلث الساكنة المغربية تعاني مشكلة السمنة أو زيادة الوزن، مشدداً على أن هذه المشكلة تعد أساس معظم الأمراض الخطيرة؛ كالسكري والسرطان وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين...
وقال إن السمنة راجعة بالأساس للإفراط في استهلاك المواد السكرية الصناعية، مضيفاً إن توجهاً عالمياً يروم رفع أسعار تلك المواد بغرض حث المستهلكين على خفض استهلاكهم لها.
وفي هذا الصدد، اتخذت الحكومة، منذ 3 سنوات، قراراً برفع ضريبة الاستهلاك المطبقة على المشروبات التي تحتوي نسباً عالية من السكر، بنية رفع أسعارها. ولا يجد الإبراهيمي حرجاً في اعتبار "المشروبات السكرية مُضرة واستهلاكها غير أساسي، ومن الجيد أن تخرج عن نطاق القدرة الشرائية للمواطنين حتى ينصرفوا عنها".
وأوضح المتحدث أنه تم اللجوء للضريبة المُتدرجة، بعدما تبين أن فرض نفس نسبة الضريبة على كل المشروبات السكرية لم يؤتي النتائج المطلوبة. وهكذا فكلما انخفضت نسبة السكر في المشروب طبقت عليه ضريبة أقل والعكس صحيح. وقد أدى ذلك لتحفيز تلك الصناعة على وضع أقل نسبة ممكنة من السكر في مكوناتها.
هذا التوجه أعطى أكله بحسب المصدر ذاته، والذي أكد لـ"SNRTnews"، على أن شركتين عالميتين في صناعة المشروبات الغازية خضعتا للأمر، وخفضتا نسبة السكر في منتجاتهما الموجهة للسوق المغربية. كما عبرت شركات أخرى عن رغبتها في خفض سكرية منتجاتها لأدنى حد ممكن، إذا تم إعفاؤها من تلك الضريبة.
لم تجنِ الحكومة مداخيل قيّمة من تلك الضريبة، إذ لم تتعد مداخيلها السنوية منها 60 إلى 80 مليون درهم، في وقتٍ تكلف الأمراض المتمخضة عن السمنة 24 مليار درهم سنوياً لوزارة الصحة.
وأوضح الإبراهيمي أن ذلك المبلغ يتوجه لصناديق التغطية الصحية ولدعم الرياضة الشعبية، سيراً على نفس النهج الصحي.
رفع الدعم العمومي عن السكر.. بشرط!
من جهته، لا يتحرج بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، من القول إنه يشاطر الحكومة لمرةٍ توجهها لرفع الدعم عن مادة السكر، ويسير في نفس الاتجاه حين يعتبر أن استهلاك المغاربة المفرط لتلك المادة بات مُعضلة خطيرة.
وقال إنه على المستوى الاقتصادي، فثمة نوع من التبذير واستغلال الدعم من طرف الشركات المنتجة للمشروبات الغازية والحلويات وغيرها من المنتجات السكرية، التي توجهها للتصدير، و"هكذا بتنا أمام منتوج وطني مدعم يستهلك في الخارج!".
ويؤكد المتحدث على أن الاستعمال الأسري للسكر من طرف الفئات الفقيرة والمتوسطة، لا يشكل سوى نسبة قليلة، مقارنة مع الكميات المستهلكة عبر المنتجات المصنعة.
ويتفق المتحدث مع النائب مصطفى الإبراهيمي في الدواعي الصحية لرفع الدعم عن تلك المادة، إذ إن أكثر من 4 ملايين مغربي مصابون بداء السكري، كما أن لتلك المادة تأثيراً سلبياً على الأطفال؛ من حيث صحة الأسنان وإصاباتهم بأمراض القلب والشرايين والسمنة.
وفي رده على الرأي المحذر من إضرار رفع الدعم عن السكر بالقدرة الشرائية للفئات الهشة، يرى الخراطي أن السكر غدا في الآونة الأخيرة ثانوياً في النمط الغذائي المغربي، وأن استهلاكه يكون بشكل كبير عبر المواد المُصنعة.
وأفصح، لـ"SNRTnews"، على أنه يفضل أن ترتفع أسعار المواد السكرية على نحو يصرف المستهلك عن تناولها بإفراط، "لأن مواطناً مُعافى من جهة أخرى لن يكلف الحكومة مصاريف استيراد الأدوية وخصوصاً مادة الأنسولين".
وطالب الخراطي بإحياء الإجراء الحكومي الذي كانت ستتبناه حكومة عباس الفاسي، بمطالبة الشركات المُستهلكة للسكر صناعياً بإرجاع أموال الدعم لخزينة الدولة. وهو في رأيه، البديل الناجع عن رفع الدعم، لا سيما أن ثمن السكر مرتفع في المغرب، مما يتوجب معه الانتباه إلى ضرورة خفض أسعار السكر الموجه للاستهلاك الأسري، حتى لا يكون لرفع الدعم أثر وخيم على المستهلك.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
مجتمع
اقتصاد