إفريقيا
هل يتجه العالم نحو وباء جديد مع انتشار جدري القردة؟
16/08/2024 - 18:22
أ.ف.ب | وكالة المغرب العربي للأنباءهل ينتشر جدري القردة عبر العالم بعد سنتين من موجة إصابات أولى؟ ما زال الوقت مبكرا للرد على هذا السؤال بحسب الخبراء، لكن مرض إمبوكس يطرح حاليا أزمة خطيرة في قسم من القارة الإفريقية.
دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، اليوم الجمعة، البلدان المتضررة من فيروس جدري القردة (مبوكس) إلى العمل معا، بعد اكتشاف أول حالة إصابة بالفيروس خارج إفريقيا بالسويد.
وأشار غيبريسوس، في منشور عبر حسابه على منصة "إكس"، إلى أن اكتشاف أول حالة لفيروس جدري القردة في السويد يؤكد أن البلدان المتضررة يجب أن تتصدى للفيروس معا، داعيا جميع البلدان إلى تعزيز المراقبة وتبادل البيانات والعمل على فهم كيفية انتقال المرض بشكل أفضل.
كما حث البلدان على تبادل اللقاحات المحتملة وتطبيق الدروس المستفادة من حالات الطوارئ الصحية العامة السابقة التي أثارت قلقا دوليا عند معالجة التفشي الحالي.
ما هو جدري القردة؟
عرف هذا المرض بجدري القردة لأنه ناتج من فيروس قريب من الجدري اكتشف عام 1958 لدى قردة كانت تستخدم في الأبحاث. ولاحقا أطلقت عليه السلطات الصحية تسمية "إمبوكس".
ويتسبب الفيروس بارتفاع الحرارة وآلام في العضلات وطفح جلدي.
رصدت أول إصابة بشرية في جمهورية الكونغو الديموقراطية عام 1970، وبقي المرض محصورا لفترة طويلة في حوالى عشر دول إفريقية.
لكن في العام 2022 بدأ ينتشر إلى باقي العالم، ولا سيما الدول المتطورة التي لم تسجل أي إصابة من قبل.
ما هي المخاطر؟
من الصعب تحديد المرحلة التي يصبح فيها المرض فتاكا. قبل تفشي جدري القردة في 2022، كانت تذكر نسبة غير دقيقة من الوفيات تراوح بين 1 و10%.
وهذا التباين الكبير ناتج من وجود سلالتين رئيسيتين لفيروس إمبوكس: السلالة 1 والسلالة 2 الأقل خطورة بكثير.
وهذه السلالة الثانية هي التي تسببت بتفشي الوباء عام 2022، وكانت نسبة الوفيات الناتجة منها أقل من 1%، ما يفسر أيضا بفاعلية أنظمة العناية الصحية في الدول المتطورة.
ما الجديد؟
السلالة 1 هي التي تتسبب هذه المرة بتفشي جدري القردة منذ حوالى عام في جمهورية الكونغو الديموقراطية، وبنسبة أقل في دول إفريقية أخرى مثل بوروندي وكينيا. وأعلنت جمهورية الكونغو الديموقراطية الخميس تسجيل 548 وفاة منذ مطلع العام من أصل حوالى 16 ألف إصابة "محتملة" تم إحصاؤها.
وهذا التفشي على ارتباط في جزء منه بالسلالة 1، إنما كذلك بظهور متحوّر جديد هو 1 بي يشتبه بأنه أكثر خطورة، غير أنه لم يتم إثبات ذلك.
ورصد هذا المتحور الجديد هذا الأسبوع في السويد، في أول إصابة خارج إفريقيا. وفي آسيا، رصدت أول إصابة بجدري القردة في باكستان، من غير أن تعرف السلالة.
وقال براين فرغوسون أستاذ علم المناعة في كامبريدج متحدثا لمركز ساينس ميديا سنتر البريطاني "ليس من المفاجئ نظرا إلى خطورة الوباء في إفريقيا وتفشيه فيها، أن تكون الرحلات بين القارات أتت بهذه الإصابة إلى أوروبا"، متوقعا "على الأرجح المزيد" من الإصابات في العالم إذا لم يتم اتخاذ أي تدابير محددة.
من مهدد بالمرض؟
كان تفشي المرض الحالي في إفريقيا أكثر فتكا بين الأطفال، وهو أمر غير مفاجئ إذ أن السلالة 1 "معروفة بالتسبب بأمراض أكثر خطورة لدى الأطفال الأصغر سنا والحوامل والأشخاص الذين يعانون نقص المناعة"، على ما أوضح خبير الفيروسات في مركز ساينس ميديا سنتر جوناس ألباراز.
لكنه أشار إلى أن المتحور بي 1 "ينتشر بصورة خاصة بين البالغين الشباب مع انتقاله عبر الاتصال الجنسي على ما يبدو".
وهذا الاختلاف يطرح مسألة طريقة انتقال الفيروس لكل متحور. ففي 2022، انتشر الفيروس عن طريق الاتصال الجنسي، وكانت الغالبية الكبرى من المصابين من الرجال المثليين والمزدوجي التوجه الجنسي.
غير أن الفيروس ينتقل بصورة أوسع من خلال السوائل الجسدية مثل اللعاب، والتماس المباشر مع الطفح الجلدي، ما يفسر إصابة الأطفال.
ماذا الآن؟
لا يعرف إلى أي مدى سينتشر الفيروس خارج إفريقيا. والمصاب في السويد كان آتيا من القارة الإفريقية وقال البروفسور فرنسوا بالو من جامعة كولدج أوف لندن إنه "ليس هناك في الوقت الحاضر دليل على وجود عدوى في أوروبا".
ويرى المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها أن هذا الخطر ضعيف. لكن الوكالة رأت الجمعة أن من "المرجح جدا" أن تواجه الدول الأوروبية زيادة في الإصابات المستوردة بالسلالة 1، وأوصت "السلطات الصحية" بأن تكون جاهزة "للسماح بتأمين رصد واستجابة سريعين لأي حالة جديدة".
وإن كانت السلطات الصحية تراقب بقلق انتشار الفيروس حاليا، وفي طليعتها منظمة الصحة العالمية التي أعلنت إنذارا من أعلى مستوى، فذلك بسبب عواقبه الخطيرة في إفريقيا.
ويعتبر التلقيح أساسيا بهذا الصدد. وثمة عدة لقاحات فعالة للغاية ضد جدري القردة، لكنها غير متوافرة في إفريقيا، في حين أنه عند انتشار الفيروس في 2022، أطلقت الدول المتطورة بسهولة حملات تلقيح. وقال براين فيرغوسون إنه "من الممكن" مكافحة تفشي الفيروس لكن "هذا يتطلب تعاونا دوليا سريعا".
مقالات ذات صلة
عالم
مجتمع
عالم
مجتمع