مجتمع
رأس السنة الأمازيغية يسائل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية
14/01/2025 - 10:25
مراد كراخي
يحتفل المغاربة، الثلاثاء 14 يناير 2025، برأس السنة الأمازيغية 2975 وهم في عطلة رسمية مؤدى عنها للمرة الثانية، بعد أن تم إقرار هذا اليوم كعطلة وطنية رسمية بأمر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي أصدر توجيهاته السامية إلى رئيس الحكومة قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار.
ويشكل هذا الحدث مناسبة للوقوف عند المسار الذي تم المرور به قبل اعتماد رأس السنة الأمازيغية كعطلة رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية، وأين وصل ورش تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية.
قرار ملكي
أقرّ جلالة الملك محمد السادس رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، وأصدر جلالته توجيهاته باتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار، الذي يندرج في إطار التكريس الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية.
ويأتي هذا القرار، كما أكد بلاغ للديوان الملكي، "تجسيدا للعناية الكريمة، التي ما فتئ يوليها جلالته، حفظه الله، للأمازيغية باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء. كما يندرج في إطار التكريس الدستوري للأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية".
وبناء على هذا القرار صادقت الحكومة على مشروعي مرسومين؛ يتعلق الأول بتغيير لائحة أيام الأعياد المؤداة عنها الأجور في المقاولات الصناعية والتجارية والمهن الحرة والاستغلالات الفلاحية والغابوية.
ويتعلق الثاني بتحديد لائحة أيام الأعياد المسموح فيها بالعطلة في الإدارات العمومية والمؤسسات العمومية والمصالح ذات الامتياز، وبموجب هذه المصادقة تم اعتماد 14 يناير، عيدا رسميا مؤداة عنه الأجور.
وينص الفصل 5 من دستور المملكة ينص على أنه "تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها. تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء. يحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك لكي تتمكن من القيام مستقبلا بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية".
أين وصل تفعيل الطابع الرسمي؟
قالت أمينة بن الشيخ، المستشارة في ديوان رئيس الحكومة، المكلفة بملف الأمازيغية، إن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يعتبر تتويجا لمسار طويل تخللته العديد من المبادرات، أبرزها إدراجها كلغة رسمية بالمملكة في دستور 2011، وإخراج القوانين التنظيمية في 2019، والقانون المؤسس للمجلس الوطني للغة والثقافة المغربية سنة 2020، وصولا إلى إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها بأمر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وأوضحت بن الشيخ، في تصريح لـSNRTnews، أن هذه المناسبة تعد فرصة لتسليط الضوء على مسار ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، من خلال إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية.
وأشارت، في هذا الصدد، إلى اعتماد مشاريع ذات أولوية منذ سنة 2022، لتنزيل هذا الورش، من خلال إدراج الأمازيغية في الإدارات، حيث تم توظيف 464 عونا مكلفين باستقبال وتوجيه المرتفقين الناطقين باللغة الأمازيغية على جميع القطاعات الوزارية، بغاية تيسير ولوج المرتفقين الناطقين باللغة الأمازيغية إلى الخدمات العمومية.
وأبرزت أنه تم توفير أعوان الاستقبال الهاتفي بمراكز الاتصال التابعة للإدارات والمؤسسات العمومية، إضافة إلى مواكبة ودعم الإدارات والمؤسسات العمومية في اعتماد اللغة الأمازيغية في اللوحات وعلامات التشوير المثبتة على الواجهات وداخل مقرات الإدارات والمرافق العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية.
وأكدت أنه يتم الاشتغال حاليا على إدراج اللغة الأمازيغية في وسائل النقل التي تقدم خدمات عمومية، لاسيما في سيارات الإسعاف التابعة لوزارة الصحة وللجماعات الترابية، والسيارات والناقلات التابعة للمؤسسات العمومية، والسيارات التابعة للأمن.
وتابعت أنه من بين المشاريع التي تدخل في تنزيل هذا الورش، إدراج الأمازيغية في تكوينات الموظفين، بهدف تعزيز قدرات الموارد البشرية العاملة بالإدارات العمومية في مجال التواصل باللغة الأمازيغية مع المرتفقين، وذلك وفق برامج تكوينية خاصة تعد لهذا الغرض.
ولفتت المتحدثة ذاتها إلى أنه يتم العمل على الرفع من عدد أساتذة اللغة الأمازيغية، والمدارس التي تدرس فيها هذه اللغة، مضيفة أنه يتم كذلك الاشتغال على إدراج الأمازيغية في المواقع الإلكترونية لمختلف القطاعات الحكومية، ومواكبة ترجمة جلسات مجلسي النواب والمستشارين بالأمازيغية.
وكانت الحكومة قد خصصت غلافا ماليا لتنزيل ورش تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية موزع على 200 مليون درهم سنة 2022، و300 مليون درهم سنة 2023، و300 مليون درهم سنة 2024، على أن يبلغ هذا الغلاف المالي مليار درهم ابتداء من سنة 2025.
انتظارات
من جانبه، يرى عبد الله بادو، الباحث والفاعل في قضايا الأمازيغية، أنه وبعد مرور أكثر من 13 سنة على دسترة اللغة الأمازيغية، لم يتم تحقيق سوى جزء بسيط مما كان منتظرا لها في ظل وضعها الدستوري الحالي.
وقال بادو لـSNRTnews إن المعطيات الخاصة بتعميم اللغة الأمازيغية في قطاع التعليم، الذي يُعد الدعامة الرئيسية لورش تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، تُظهر البطء الحاصل في تنزيل هذا المشروع الكبير.
وأوضح أن الحكومة تُعبئ بين 500 و600 أستاذ للأمازيغية سنويا، "مما يجعلنا بعيدين عن الأهداف المسطرة لتعميم هذه اللغة على الصعيد الوطني، والذي يتطلب أكثر من 20 ألف إطار متخصص، مما يعكس البعد عن المخطط الذي وضعته الحكومة الحالية في هذا السياق".
وأكد أن وتيرة إدراج اللغة الأمازيغية في القطاعات الحكومية والإدارات لا تزال دون مستوى تطلعات الناطقين بها، رغم تخصيص الحكومة لـ464 عونا مكلفا باستقبال وتوجيه المرتفقين الناطقين باللغة الأمازيغية لهذا الغرض.
وأشار بادو إلى أن الحكومة مطالبة باحترام الالتزامات المنصوص عليها في القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، واعتماد مخطط خاص بمعايير وأهداف تنزيل هذا الورش يتضمن مؤشرات واضحة لتقييم الأداء.
وخلص المتحدث ذاته إلى أن "هناك ضبابية كبيرة تسجل في تدبير الحكومة لملف الأمازيغية، نظرا لغياب وثيقة رسمية توضح التزامات وبرنامج عمل لتفعيل الأوراش ذات الصلة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية؛ وعلى رأسها الصندوق الخاص بمواكبة ترسيم الأمازيغية."

مقالات ذات صلة
فن و ثقافة
مجتمع
فن و ثقافة
مجتمع