مجتمع
رئيس هيئة النزاهة يؤكد على أولوية الشفافية على سرية المعطيات الشخصية
28/01/2025 - 10:20
يونس أباعلي
شدد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد البشير الراشدي، على أن حماية المعطيات الشخصية والحياة الخاصة ظلت تشكل استثناء من حق عالمي ودستوري شامل هو حق الحصول على المعلومات.
وأوضح الراشدي، في ندوة بمناسبة أسبوع حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي وحماية الحياة الخاصة المنظم من طرف اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، الاثنين 27 يناير 2025، أن المنتظم الدولي بات واضحا له أن تدبير المعلومات المتعلقة بالحياة الخاصة بما تشمله من حُرمة المسكن، والمحادثات الخاصة، والذمة المالیة، والآراء السیاسیة والمعتقدات الدینیة، والحیاة العائلیة والعاطفیة، وكذا الصورة، ليس حقا مطلقا للمعني بالأمر، بل خاضعا للتوازنات التي قد يفرضها مطلب الشفافية وما تستلزمه من حق النفاذ إلى هذه المعلومات.
وشدد المسؤول نفسه على أن هناك حالات تكرِّس توجها متناميا نحو تغليب الشفافية على السرية، خاصة حين يتعلق الأمر بمسؤولين مؤتمنين على المال والقرار العام والذين يتمتعون بهذه الصفة دون غيرهم، بأصناف من الحمايات، مقابل تخصيصهم واستهدافهم بأصناف من الالتزامات، تجعل منهم استثناءً لمجموعة من المقتضيات العامة لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وأشار في كلمته إلى أن العديد من التشريعات الدولية اعتمدت التصريح الإجباري بالممتلكات بالنسبة لهاته الفئات من المسؤولين العموميين، بما يجعل ذِمَمهم المالية مكشوفة لدى الجهات والأشخاص الذين يضطلعون بتدبير هذه التصاريح.
وتابع أن العديد من التشريعات أقرت مبدأ علنية التصريحات من مداخل متعددة تتراوح بين ضمان حق الاطلاع الكلي أو الجزئي، أو حصر الاطلاع على تصريحات فئات محددة، أو اعتماد النشر، سواء كليا أو جزئيا أو فئويا.
وسجل أيضا اعتماد العديد من التشريعات لمبدأ تتبع ومراقبة ثروات بعض الفئات من المسؤولين العموميين، لرصد أي تطور مشبوه للثروة والمعاقبة عليه.
وقال إن الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية يضطلع بصلاحية تتبع ثروة القضاة، حيث خوله القانون التنظيمي الحق في تقدير ثروة القضاة وأزواجهم وأولادهم بواسطة التفتيش، على أن يكون موضوع متابعة تأديبية كل قاض ثبتت زيادة ممتلكاته، خلال فترة ممارسة مهامه، زيادة ملحوظة لا يستطيع تبريرها بصورة معقولة.
ولفت إلى اعتماد الكثير من التشريعات، ومن بينها التشريع الوطني، للإجراءات المتعلقة بالتقاط المكالمات الهاتفية وكافة الاتصالات المنجزة بواسطة وسائل الاتصال عن بعد للتحري عن بعض الجرائم، علما بأن التقاط المكالمات يعتبر إجراء تحقيقيا يباشر خِلسة وينتهك سرية الأحاديث الخاصة؛ ولا يمكن أن يتم إلا بأمر من السلطة القضائية في الشكل المحدد قانونا بهدف الحصول على دليل غير مادي للجريمة.
وأكد أن الاجتهادات القضائية الدولية تعتبر أن تسجيل المحادثات الذي تكون الغايةُ منه تقديم دليل إلى القضاء أو الشرطة القضائية، ولا ينطوي على جريمة المس بالحياة الخاصة، لانعدام قصد المساس بالحياة الخاصة لدى القائم بالتسجيل.
وأشار إلى أن بعض التجارب الدولية تلزم نشر الرواتب والمنح والتعويضات السنوية للوزراء والمديرين ومديري الدواوين والمسؤولين المعينين في المناصب العليا، مع اعتبار هذا النشر نابعا من مبدأ تمكين المجتمع من ضمان حقه في معرفة مجالات إنفاق المال العام.
هذه الحالات وغيرها أكد الراشدي أنها تُبرز التوجه المتنامي إلى السعي نحو التوازن بين المبدأين، وفي بعض الأحيان، تغليب مطلب الشفافية على مبدأ سرية المعطيات الخاصة، في الحالات التي تستدعي الاستجابة للقاعدة المعروفة ″المصالحُ العامة مُقدَّمةٌ على المصالح الخاصة″ ، خاصة عندما يتعلق الأمر، مثلا، بدفع أضرار الفساد عن المجتمع، أو تحصين نظافة الذمم المالية للمسؤولين عن تدبير المال العام، أو تيسير الوصول إلى مرتكبي بعض الجرائم ذات الأثر الكبير على المجتمع، أو إطلاع الرأي العام على شفافية مجالات إنفاق الأموال العامة، أو التماس تحقيق الأثر الردعي والوقائي للعقاب الصادر في حق مرتكبي بعض الجرائم.
وفي نظره، هناك حاجة ماسة إلى تقوية القدرات القانونية للجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، للمساهمة في مواجهة أشكال الاستغلال غير القانوني للمعطيات الشخصية، خاصة تلك التي تتم عبر القنوات الرقمية، مع تطوير آليات التشكي لدى اللجنة وتعزيز دورها الرقابي في هذا المجال.

مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
تكنولوجيا
مجتمع