مجتمع
الهاكا: حماية المعطيات الشخصية في العصر الرقمي ضرورة ملحة ومسؤولية مشتركة
28/01/2025 - 18:06
SNRTnews
في ظل التغيرات الهائلة التي يشهدها العالم الرقمي، تبرز قضايا حماية المعطيات الشخصية كأحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة. ففي كلمة ألقاها باسم رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، لطيفة أخرباش، أكد خالد الورعي، مدير الديوان، على أن حماية هذه المعطيات أصبحت حاجة إنسانية ضاغطة في عصر الوجود الرقمي المتزايد. وأشار إلى الترابط الوثيق بين حماية المعطيات الشخصية وحقوق الإنسان الأساسية مثل حرية التعبير والولوج إلى المعلومة.
وتأتي الكلمة التي ألقاها الورعي ضمن ندوة وطنية نظمتها اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، يوم الاثنين 27 يناير 2025 بالرباط، قاربت من خلالها موضوع حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي وعلاقتها بالقيم الدستورية.
وتأتي هذه الندوة في إطار أسبوع حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي واحترام الحياة الخاصة الذي يستمر إلى غاية 31 يناير، والمنظم احتفالا باليوم العالمي لخصوصية البيانات الذي يصادف 28 يناير من كل سنة، وبمناسبة الذكرى الـ15 لتنفيذ القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وأوضحت أخرباش أن حماية المعطيات الشخصية تتجاوز كونها مطلبًا قانونيًا أو حقوقيًا إلى كونها حاجة إنسانية تمس صلب حياة الأفراد. فمع توسع الفضاء الرقمي وظهور منصات التواصل الاجتماعي، أصبحت البيانات الشخصية مادة خام تستغل بشكل مفرط في كثير من الأحيان. وتشمل هذه الانتهاكات تسريب البيانات أو استخدامها دون إذن مسبق، وهو ما يشكل تهديدًا كبيرًا للحياة الخاصة للأفراد.
وفي هذا السياق، شددت الكلمة على أن أي معالجة لقضية حماية المعطيات يجب أن تمر عبر المنفذ الحقوقي، نظرًا لارتباط هذه القضية بالوثائق الدولية والدستور المغربي الذي يولي أهمية كبرى لحماية الحياة الخاصة.
وتعكس الإحصاءات العالمية الحجم الهائل للتحديات المرتبطة بالبيانات الضخمة. فقد تضاعف حجم البيانات الرقمية أكثر من 30 مرة خلال العقد الأخير، ومن المتوقع أن يشهد هذا النمو تسارعًا مع استمرار التطورات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي والبلوكتشين. هذه التقنيات، رغم ما تحمله من وعود، تزيد من تعقيد المشهد الرقمي، مما يجعل الحاجة إلى حماية المعطيات الشخصية أكثر إلحاحًا.
وأشارت أخرباش إلى أن البيانات الضخمة تشكل محركًا رئيسيًا للاقتصاد الرقمي، لكنها في الوقت ذاته تحمل آثارًا سلبية، مثل استغلالها في حملات تضليلية أو استخدامها لأغراض خبيثة كالابتزاز الرقمي والتشهير. وأبرزت كلمة أخرباش التي ألقاها الورعي مثالًا واضحًا على ذلك باستخدام البيانات الشخصية لتوجيه الحملات الانتخابية أو لنشر الأخبار الزائفة، مما يهدد مصداقية المؤسسات الديمقراطية.
وأكدت أخرباش في كلمتها أنه من المهم أيضا أن نستحضر أن من بين ما يفاقم معاناة ضحايا الاستغلال المعيب للبيانات الشخصية للأفراد وانتهاك حياتهم الخاصة، كون المحتويات تظل متداولة ويستعصي اندثارها من العالم الافتراضي اللامتناهي، لدرجة أن صون الحق في النسيان على الأنترنيت بات مطلبا حقوقيا عالميا ملحا، كما أن الانتهاكات المسترسلة للحياة الخاصة في الفضاء الافتراضي من شأنها مفاقمة الرقابة الذاتية وتقويض حرية التعبير إما خوفا من التعقب والتجسس الرقمي، أو درءا لمفاسد الوصم والازدراء والتنمر.
ومن النقاط الجوهرية التي تناولتها الكلمة دور الإعلام في توعية المجتمع بأهمية حماية المعطيات الشخصية. فمن خلال تعزيز الدراية الرقمية، يمكن للإعلام أن يسهم في بناء وعي مجتمعي يمكّن الأفراد من استخدام التكنولوجيا بشكل آمن.
كما شددت الكلمة على أهمية تجميع البيانات بطريقة نزيهة واستخدامها لتطوير مضامين إعلامية وثقافية تتوافق مع تطلعات الجمهور المحلي. هذه العلاقة بين حماية البيانات والإنتاج الإعلامي تشكل فرصة لتعزيز ثقة الجمهور في المؤسسات الإعلامية، ما ينعكس إيجابًا على الصناعة الثقافية بشكل عام.
ودعت كلمة أخرباش إلى ضرورة وضع إطار قانوني صارم لتنظيم عمل المنصات الرقمية، بما يضمن احترامها للمعطيات الشخصية وعدم استغلالها لتحقيق أرباح غير مشروعة. وأشادت بالمبادرات الأوروبية في هذا المجال، مع التأكيد على أن هذه الجهود ما زالت تواجه تحديات كبيرة بسبب هيمنة الشركات الرقمية الكبرى.
وتتطلب حماية المعطيات الشخصية بناء ثقافة مجتمعية تعزز الوعي بأهميتها كحق أساسي مرتبط بجودة الحياة في العصر الرقمي. ومن خلال رفع مستويات الدراية الرقمية، يمكن للأفراد المساهمة في خلق فضاء رقمي أكثر أمانًا واحترامًا للخصوصية.
وفي ختام الكلمة، أشادت أخرباش بالدور الذي تلعبه اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، مؤكدا أن حماية البيانات ليست مجرد مسألة تقنية أو قانونية، بل هي ركيزة أساسية لتعزيز الديمقراطية وصون حقوق الإنسان في العالم الرقمي.

مقالات ذات صلة
مجتمع
تكنولوجيا
مجتمع
مجتمع