مجتمع
اكتشاف هام بالمغرب.. الإنسان القديم عانى من تسوس الأسنان
29/01/2025 - 13:14
محمد فيزازي | مراد كراخي
كشف دراسة حديثة أجراها فريق دولي من الباحثين أن الصيادين وجامعي الثمار في نهاية العصر الجليدي (Pléistocène)، الذين تم اكتشاف بقاياهم في المغرب، كانوا يعانون من تسوس الأسنان بسبب استهلاكهم الكبير للنباتات البرية الغنية بالكربوهيدرات القابلة للتخمير.
هذا الاكتشاف، الذي نُشر في مجلة “Proceedings of the National Academy of Sciences” (وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة الأمريكية) يعيد النظر في الفكرة السائدة التي تربط التسوس بالزراعة وظهور المجتمعات المستقرة.
يُعتبر تسوس الأسنان من الأمراض التي غالبا ما يتم ربطها بالمجتمعات الزراعية الحديثة حيث يعتبر استهلاك الأطعمة الغنية بالسكريات أمرا شائعا.
ومع ذلك، تُظهر هذه الدراسة الجديدة أن الصيادين وجامعي الثمار في مغارة "الحمام" بتافوغالت في المغرب، كانوا يعانون من معدلات عالية من التسوس منذ حوالي 15 ألف سنة، أي قبل ظهور أولى آثار الإنتاج الغذائي.
وقام الباحثون، بمشاركة عبد الجليل بوزوكار، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، بتحليل بقايا النباتات التي تم العثور عليها في الطبقات الأثرية للمغارة، مما كشف أن هذه الجماعات كانت تستخدم بشكل منتظم نباتات برية مثل جوز البلّوط الأخضر والصنوبر.
وكانت هذه الأطعمة، الغنية بالكربوهيدرات والدهون، تُخزّن وتُستهلك على مدار العام. وكان من المحتمل أن يتم تحويل الجوز إلى دقيق أو غليه، مما يزيد من التصاقه بالأسنان ويعزز من نمو البكتيريا المسببة للتسوس.
وكشفت تحاليل الأسنان في بقايا بشرية من تافوغالت أن أكثر من نصف الأسنان لدى البالغين كانت تعاني من التسوس، وهو معدل مشابه لتلك الموجودة في المجتمعات الحديثة التي تتبع أنظمة غذائية غنية بالسكريات المكررة. بالإضافة إلى ذلك، لوحظ تلف كبيرة في الأسنان، ويُحتمل أن يكون ناتجا عن استهلاك الأطعمة الخشنة واستخدام الرحى لطحن النباتات.
تشير هذه الدراسة إلى أن التحول إلى نظام غذائي غني بالكربوهيدرات القابلة للتخمير كان له تأثير كبير على صحة الفم والأسنان لدى المجتمعات ما قبل التاريخ، وذلك قبل وقت طويل من ظهور الزراعة. كما تسلط الضوء على تعقيد أنماط حياة الصيادين وجامعي الثمار، الذين كانوا يستغلون ويحولون الموارد النباتية بشكل متقدم.
ويعد موقع تافوغالت واحدا من أهم المواقع ما قبل التاريخ في شمال إفريقيا، وساهمت الاكتشافات التي تم العثور عليها في هذه المغارة في فهم أفضل لأنماط الحياة والممارسات والأنظمة الغذائية للمجتمعات ما قبل التاريخ في المنطقة. وتبرز هذه الدراسة أهمية المغرب في مجال البحث الأثري والأنثروبولوجي، مما يوفر اكتشافات هامة حول تطور المجتمعات البشرية.

مقالات ذات صلة
فن و ثقافة
مجتمع
مجتمع
اقتصاد