اقتصاد
ترقب خطة عمل الحكومة في التشغيل يوم الخميس .. هل تحاصر البطالة؟
11/02/2025 - 09:19
مراد كراخي
ينتظر أن يكشف وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، يوم الخميس المقبل، عن خطة عمل الحكومة في التشغيل، في سياق متسم بارتفاع معدلات البطالة بالمغرب في السنوات الأخيرة، رغم الإجراءات والتدابير التي اعتمدتها الحكومة.
وستكشف الوزارة عن خطة العمل تلك، بعدما أكدت معطيات المندوبية السامية للتخطيط، عدد العاطلين عن العمل بـ58 ألف شخص ما بين سنتي 2023 و2024، منتقلا من 1,58 مليون إلى 1,63 مليون عاطل، بزيادة قدرها 4 في المائة.
وأفادت المندوبية أن معدل البطالة انتقل من 13 في المائة في 2023 إلى 13,3 في المائة في 2024، مع تسجيل تغيرات في نسب البطالة حسب الوسط الإقليمي؛ حيث ارتفع المعدل في الوسط القروي من 6,3 إلى 6,5 في المائة، وفي الوسط الحضري من 16,8 إلى 16,9 في المائة.
وتشدد على أن معدل البطالة يظل مرتفعا في صفوف الشباب البالغين بين 15 و24 سنة (36,7 في المائة) وحاملي الشهادات (19,6 في المائة) والنساء (19,4 في المائة).
تباطؤ النمو
ويأتي ارتفاع معدل البطالة في المغرب، في سياق تباطؤ النمو الاقتصادي، بفعل تراجع الإنتاج الزراعي جراء الجفاف، إلى 3,2 في العام الماضي، حسب رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بالمغرب، روبيرتو كارداريلي، الذي ترأس فريقا من خبراء الصندوق خلال الفترة الممتدة من 27 يناير إلى 7 فبراير، في إطار مشاورات 2025 بموجب المادة الرابعة.
وقد أوصت بعثة الصندوق في بلاغ لها، أمس الاثنين، بتنفيذ مقاربة جديدة للسياسات النشطة في سوق الشغل والحرص خاصة على تشجيع نمو المقاولات الصغرى والمتوسطة وتعزيز اندماجها في سلاسل القيمة القطاعية.
وكان والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري اعتبر، في الندوة الصحفية التي عقدها بالرباط، يوم الثلاثاء 17 دجنبر 2024، عقب الاجتماع الفصلي لمجلس البنك، أنه لا يمكن تقديم الجواب على إشكالية التشغيل، إلا عبر النمو الاقتصادي.
هذا يعني، كما يقول، ارتفاع ثروة البلد وإعادة توزيعها. ويشدد على أن كل العمل يجب أن ينصب على النمو والتنمية، مشيرا إلى أن الحلول الأخرى التي تقترحها بلدان أخرى أو تلك التي تبناها المغرب في السابق، والتي لها طبيعة إدارية، فإنها لا تقدم جوابا شافيا لمعضلة البطالة.
ويرى الجواهري في سياق متسم بتواضع النمو الاقتصادي بفعل عدم استقرار القيمة المضافة الفلاحية وتراجعها نتيجة الجفاف، أنه يجب أن تعود القطاعات غير الفلاحية لتحقيق نمو يتراوح بين 4 و5 في المائة.
خطة مرتقبة
وكانت الحكومة وعدت بعد تشكيلها في 2021 بإحداث مليون منصب شغل في الخمسة أعوام المقبلة، ما يعني توفير 200 ألف منصب شغل في العام، علما أن سوق العمل يستقبل سنويا حوالي 300 ألف باحث جديد عن الشغل.
وكان رئيس الحكومة، عزيز أخنوش أكد بمجلس المستشارين، الثلاثاء 4 فبراير 2025، أن الحكومة حريصة على وضع برامج مبتكرة تهدف إلى إنعاش التشغيل، مشيرا إلى تخصيص 14 مليار درهم في قانون مالية 2025 لتنفيذ خارطة الطريق الجديدة للتشغيل.
وقد وعد يونس السكوري، وزير الادماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، بتنزيل برنامج حكومي يرمي إلى إنعاش سوق الشغل.
وقال الوزير، في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، الثلاثاء 28 يناير 2025، إن الحكومة اشتغلت منذ حوالي خمسة أشهر على الموضوع، واقترحت في قانون مالية 2025 تدابير مهمة تبلغ قيمتها 14 مليار درهم.
وأوضح أن هذه التدابير تسعى إلى تحسين منظومة الوساطة عبر الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك)، والتي قال إنها لا تستطيع التكفل بجميع الباحثين عن شغل.
وأضاف أن الحكومة قررت الاهتمام أكثر بالمخزون المتوفر من الباحثين عن العمل غير الحاصلين على شواهد.
ويرتقب كذلك أن تصدر الحكومة مرسوم يوضح الرؤية للمقاولات الصغيرة جداً والصغيرة والمتوسطة في إطار ميثاق الاستثمار، الذي ينتظر أن يوفر تحفيزات لدعم استثمارات ذلك الصنف من المقاولات التي تمثل أكثر من 90 في المائة من المقاولات في المغرب.
تحديات في الطريق
قال نبيل عادل، مدير مجموعة الدراسات الجيوسياسية والجيواقتصادية بالمدرسة العليا للتجارة والأعمال، إن وضعية الشغل بالمغرب أصبحت جد مقلقة، حيث لم تشهد المملكة هذه المعدلات من البطالة منذ أواخر التسعينيات.
وأوضح عادل، في تصريح لـSNRTnews، أن معظم الإجراءات والبرامج الحكومية مثل "فرصة" و"انطلاقة" و"أوراش" لم تنجح في الحد من البطالة، وهو ما يعود إلى عدة عوامل هيكلية تؤثر سلبا على الاقتصاد المغربي.
وأشار إلى أن الاقتصاد المغربي يعاني من الطابع المغلق حيث يركز على الاستهلاك المحلي والإنفاق العام، مما يعيق توسع الشركات الناشئة ويحد من جذب الاستثمارات الخاصة، مبرزا أن هذا النموذج أدى إلى ارتفاع معدل إفلاس الشركات الصغرى والصغيرة جدا وتباطؤ في دورة النشاط الاقتصادي.
من جانبه، لفت رشيد ساري، الاقتصادي ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، إلى طبيعة الاقتصاد المغربي، الذي يعتمد بشكل كبير على القطاع الفلاحي المتأثر بالتقلبات المناخية، مما يساهم في عدم الاستقرار في سوق العمل.
واعتبر ساري أن البرامج الحكومية المتعلقة بالتشغيل، مثل "أوراش" و"فرصة" و"انطلاقة"، لم تحقق الأهداف المرجوة منها، مشيرا إلى أن هذه المبادرات كانت تفتقر إلى الفعالية في معالجة أصل المشكلة.
ويشدد الاقتصاديان على أهمية اتخاذ الحكومة إجراءات هيكلية شاملة، حيث يؤكد نبيل عادل على ضرورة تنويع الاقتصاد المغربي وتوسيع القطاع الخاص، خاصة من خلال تعزيز الصناعات التحويلية والتكنولوجيا الحديثة، مبرزا دور التحول نحو اقتصاد مستدام يعتمد على الابتكار في توفير فرص عمل حقيقية بعيدا عن الأشكال التقليدية.
أما رشيد ساري، فقد شدد على أهمية تطوير نظام التعليم والتدريب المهني بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل، وتوسيع نطاق التعاون مع الشركات الخاصة والمؤسسات الأكاديمية لتوفير فرص تدريبية مباشرة للشباب، داعيا إلى دعم الشركات الناشئة وتقديم حوافز ضريبية للشركات المبتكرة يمكن أن يسهم بشكل كبير في خفض البطالة.

مقالات ذات صلة
اقتصاد
سياسة
سياسة
سياسة