اقتصاد
والي بنك المغرب .. إكراهات تواجه تعميم الحماية الاجتماعية
01/08/2022 - 18:58
وئام فراجأكد والي بنك المغرب، في كلمته التمهيدية المتضمنة في تقرير السنة المالية 2021، أن ورش تعميم الحماية الاجتماعية أصبح مثالا يحتذى به وسط العديد من المؤسسات والشركاء الدوليين، مشيرا، في المقابل، إلى أن طبيعة الخدمات التي سيتيحها هذا الورش وجودتها تثير الكثير من التساؤلات، وذلك رغم تحديد الجدول الزمني لإنجازه بوضوح.
تعزيز الشفافية
وفي هذا الإطار، أوضح الجواهري، أنه بدون تعزيز الشفافية والالتزام القوي للسلطات المكلفة بتنفيذه، "لن يرقى الانخراط في هذا المشروع إلى المستوى المأمول بالنسبة لبعض الفئات من الساكنة المستهدفة"، محذرا من تكرار تجربة نظام المساعدة الطبية (راميد).
وأضاف والي بنك المغرب، في كلمته الافتتاحية، أن تحقيق أهداف هذا الورش يستلزم تعبئة موارد مهمة، في حين، يقول مستدركا، تظل قدرة بعض فئات الساكنة على المساهمة ضعيفة، وهوامش ميزانية الدولة محدودة والمشاريع الموازية، التي من شأنها أن توفر جزء من الموارد الضرورية، غير مكتملة إلى اليوم، "ويتعلق الأمر أساسا بإصلاح نظام المقاصة الذي بدأ سنة 2013 وبإحداث السجل الاجتماعي الموحد، المزمع تنفيذه منذ عدة سنوات".
كما ما فتئ الضغط يتزايد على موارد الدولة ويتفاقم من جراء الحاجيات المتزايدة للاستجابة للأولويات الاجتماعية الأخرى مثل التعليم، أو لاستكمال بعض الإصلاحات العاجلة مثل تلك المتعلقة بنظام التقاعد، وفق تعبير والي بنك المغرب، مضيفا أن المملكة وهي على بعد ثلاث سنوات من توسيع التغطية الصحية على كافة الساكنة، "لا يزال إصلاح نظام التعاقد جزئيا وغير مكتمل منذ التعديل المعياري الذي تم إنجازه سنة 2016 على مستوى الصندوق المغربي للتقاعد في حين أن التوازنات المالية لبعض الأنظمة تشهد تدهورا سريعا ومثيرا للقلق".
تقييم دقيق لطريقة التمويل
ولمواجهة هذا النقص في الموارد، يقول الجواهري، "تعمد الخزينة منذ سنة 2019، لأساليب تمويل جديدة اعتبرت مبتكرة"، مبرزا أن تداعياتها وعواقبها مازالت غير معروفة.
وعلى عكس عمليات الخوصصة، التي تستند إلى أساس قانوني ومنطق اقتصادي، يضيف والي بنك المغرب، "لا تستجيب عمليات تفويت ممتلكات الدولة لفائدة المؤسسات العمومية بشكل واضح لهذه المتطلبات"، داعيا إلى "إجراء تقييم دقيق لطريقة التمويل هذه لاتخاذ القرار بشأن جدوى استمراريتها".
وتتمثل أهم مصادر تعزيز موارد ميزانية الدولة واستدامة المالية العمومية في توسيع القاعدة الضريبية، وفق الجواهري، موضحا أن "التقدم المحرز في إنجاز هذا الهدف مازال بطيئا ومستعصيا"، ذلك أن "الإعفاءات المتعددة، التي يتم تمديد بعضها منذ سنوات عديدة، تحرم الدولة سنويا من موارد تقارب 2,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام".
وشدد على ضرورة جعل الإبقاء عليها مشروطا بتقييم التكلفة مقابل الربح الاقتصادي والاجتماعي، مؤكدا أنه "شرط غدا اليوم إلزاميا مع دخول القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الضريبي حيز التنفيذ".
كما أشار إلى أن هذا القانون من شأنه التخفيف من مشكلة تمركز الضغط الضريبي على عدد محدود من المقاولات ومن فئات دافعي الضرائب.
تعبئة الموارد المالية والبشرية
وسبق لوالي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن دعا، في الملتقى الدولي الثالث حول "الحماية الاجتماعية: ورش ملكي"، نظمته جمعية أعضاء المفتشية العامة للمالية ووزارة الاقتصاد والمالية يوم الثلاثاء 26 يوليوز 2022، إلى توخي الحذر الشديد في تنفيذ هذا الورش الملكي الضخم.
وأوضح، في هذا الإطار، أن التنمية الاجتماعية للمملكة مازالت تعاني من عجز على الرغم من الإرادة القوية للدولة التي تبلغ أعلى مستوياتها، مشيرا إلى أن التقدم المحرز في جوانب عديدة مثل الحد من الفقر وتعميم التعليم، مازال دون الأهداف المبتغاة، خاصة تلك المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة.
ودعا والي بنك المغرب، في مداخلته، السلطات إلى تقديم محتوى ملموس لهذا المشروع الملكي والالتزام بالمواعيد النهائية التي حددها جلالة الملك، لا سيما في خطاب أكتوبر 2020.
وشدد الجواهري على ضرورة القيام بتعبئة استثنائية للوفاء بهذه الالتزامات، مشيرا إلى أن العديد من الدول تواجه صعوبة في تحقيق مشروع تعميم الحماية الاجتماعية.
وأكد والي بنك المغرب أن أبرز التحديات الحالية تتمثل في تعبئة الموارد البشرية والمالية اللازمة لإنجاح هذا الورش، فضلا عن ضمان التماسك والتآزر القادر على تحقيق نتائج إيجابية، لافتا إلى أن توسيع تغطية الصحية يعني حشد الموارد المالية وضمان استدامة النظام على المدى الطويل.
الحفاظ على توازن المالية العامة
واستند في حديثه إلى تصنيف البنك الدولي، الذي يفيد بأن المغرب من فئة الدخل المتوسط الأدنى، حيث يبلغ دخل الفرد الإجمالي 3350 دولارا في عام 2021، مشددا على ضرورة أحذ هذا الرقم بعين الاعتبار "إذا أردنا تقييم الإمكانات عالميا من حيث تعبئة الموارد ورسم حدود ما هو ممكن على المديين القصير والمتوسط".
كما شدد الجواهري على ضرورة الحفاظ على توازن المالية العامة، مشيرا إلى أن المغرب يخرج من أزمة وبائية اضطرت الدولة خلالها إلى بذل جهد كبير في الميزانية، الأمر الذي كان له عواقب على المالية العامة.
وأوضح أن الحفاظ على هذه الميزانية وعلى السمعة التي يتمتع بها المغرب مع المستثمرين والشركاء الدوليين يفترض تحديدا للأولويات، معتبرا أن التأمين الصحي الإجباري "أولوية الأوليات" بعد القضية الوطنية، ما يستدعي، بحسبه، تزويد هذا الورش بكل الموارد البشرية والمالية واللوجستية اللازمة لإنجاح تنزيله.
مقالات ذات صلة
الأنشطة الملكية
مجتمع
سياسة
اقتصاد