مجتمع
هيئة النزاهة تطالب بقانون لمحاربة الإثراء غير المشروع
01/11/2022 - 20:59
يونس أباعليوتنطلق الهيئة، كما أشارت إلى ذلك في تقرير موضوعاتي أنجزته حول الإثراء غير المشروع، من كون المنتظم الدولي اتجه إلى اعتبــار هذا الإثراء سلوك يتعين تجريمه مـن طـرف التشريعات الوطنية، كضامنـة وقائية لحماية أموال الدولة، وتحصن الذمم المالية للمسؤولين عن تدبير الشأن العام، وترسيخ الوعي بأن ممارسة الوظيفة لا يمكن أن تشكل فرصة لممارسة الفساد وتحصيل أموال وفوائد غير مشروعة.
كما تنطلق، كما أوضح رئيسها البشير الراشدي، اليوم الثلاثاء فاتح نونبر، خلال ندوة صحفية نظمت لتقديم التقرير السنوي للهيئة، من دراسة أنجزتها ضمن رأي قدمته الهيئة بخصوص مشروع القانون الجنائي في شـقه المتعلق بتجريـم الإثراء غير المشروع، إذ تؤكد على "حتمية التجريــم وراهنيته، باعتباره ضامنة أساسية لإعادة بناء الثقة في المرفق العام وآلية احترازية وزجرية لتطويق ومحارصة الانفلاتات والتجاوزات المحتملة".
نماذج تشريعات دولية
تشير الهيئة إلى أن الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد دعت الدول إلى اعتماد تدابير أخرى تجريم تعمد موظف عمومي الإثراء بشكل غير مشروع، بشكل لا يستطيع به تبريره، كما أن اتفاقية البلدان الأمريكية لمكافحة الفساد، تشير إلى أنه يتعين على كل دولة تجريم أي إثراء يتضمن زيادة كبيرة في أصول مسؤول حكومي لا يمكن تفسيرها.
أما اتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع ومكافحة الفساد، فتنص على أن الكسب غير المشروع جريمة، فيما اعتبرت الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد أن الإثراء غير المشروع يندرج ضمن جرائم الفساد.
إلى جانب هذه التشريعات، أشارت الهيئة إلى أن المشرع الفرنسي نص على معاقبة الشخص الذي يراكم الثروة أو يخلق مستوى نوعيا للمعيشة دون أن يكون قادرا على تبرير ذلك. أما المشرع السنغالي فيرى أن الإثراء غير المشروع هو حين يُطلب من الشخص تبرير مصادر ثروته الكبيرة بعد توليه وظيفة عمومية ولم يقدر على التبرير.
بينما يؤكد المشرع الأردني على أنه "إذا طرأت زيادة على مال أو على مال أولاد شخص بعد توليه وظيفة، بشكل غير متناسب، وعجز عن إثبات مصدر الزيادة، فيعتبر ذلك ناتج عن استغلال الوظيفة أو الصفة".
ماذا عن المشرع المغربي؟
تقول الهيئة إن المشرع المغربي انصرف إلى طرح مشروع تجريم الإثراء غير المشروع كجريمة جديدة ضمن مشروع القانون الجنائي الذي عرض للدراسة والمصادقة على أنظار لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب.
وترى أن تطويق التجريم داخل إطار التصريح بالممتلكات غير قادر لوحده على اكتشاف ورصد التطور المشبوه، كما أنه لا يمكن إرجاء عملية مراقبة التطور المشبوه إلى غاية نهاية الوظيفة أو المهمة، لأنه قد يؤدي إلى انفلات ملزمين لامتداد وظائفهم إلى سنوات.
كما ترى الهيئة أنه لا يمكن تنصيب المجلس الأعلى للحسابات لوحده جهة لرصد حالات الإثراء غير المشروع، لأن هذا يُعطل إمكانيات التبليغ من طرف مسؤولي الإدارات المعنية، كما يُعطل صلاحيات بعض هيئات إنفاذ القانون، كما أن إسناد الأمر للمجلس يسائل سلطة النيابة العامة.
بين البراءة والإثبات
تشرح الهيئة أن جريمـة الإثراء غـير المشروع تتميـز عـن جرائـم الفسـاد الأخرى باختـلاف وسـيلة الإثبات. فجرائم الفساد يكون عبء إثبات تحقق أركان الجريمة وارتكابها من قبل المتهم على النيابة العامة، استنادا إلى قرينة البراءة، وإذا رأت المحكمة أن الإثبات غير قائم صرحت بالبراءة.
غير أنه في حالة الإثراء غير المشروع، سيكون الأمر معكوسا، إذ يغدو الموظف مسؤولا جنائيا عن أي زيادة في ثروته، وبالتالي تحويل عبء الإثبات من النيابة العامة إلى المتهم عندما يعجز عن التبرير.
واعتبرت أن إرساء منظور موضوعي لمسألة قلب العبء لإثبات هذه الجريمة من شأنه أن يساهم في تطوير آليات البحث والتحري عن جرائم الفساد.
لماذا قانون خاص؟
تعتبر الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن الوعاء القانوني الأنسب لتوطين هذه الجريمة، هو إفرادها بقانون خاص، ينسجم مع خصائصها المميزة عن باقي الجرائم.
وتريد من هذا القانون أن ينص على الوقائية والزجرية، وإدراج مكافحة الإثراء غير المشروع ضمن مفهوم الصالح العام بإلقاء المسؤولية على الموظف العمومي عند تسلمه مهامه الوظيفية أو الانتدابية.
من الواجب أيضا، في نظر الهيئة، مراجعة شاملة لمنظومة التصريح بالممتلكات، وإرساء آليات مسطرية لتتبع التصاريح ومراقبتها والتحقق منها، ورصد المخالفات وترتيب الجزاءات.
ولضمان عدم الإفـلات، تؤكد الهيئة على ضرورة التنصيص في القانون الخاص بهذه الجريمة، على أن احتساب تقادم الدعوى العمومية فيها يسري ابتداء من تاريخ اكتشافها، أو ابتداء من ترك الوظيفة بأي شكل من الأشكال، باعتبار الاستمرار في الوظائف يشكل فرصة للتستر على هذه الجرمية وإخفائها.
مقالات ذات صلة
مجتمع
الأنشطة الملكية
مجتمع
سياسة