اقتصاد
8 مارس .. عوائق أمام التمكين الاقتصادي للمغربيات؟
07/03/2023 - 08:42
وئام فراج
يخلد المغرب على غرار مختلف دول العالم، يوم الأربعاء 8 مارس 2023، اليوم العالمي للمرأة، وهي مناسبة يتم فيها استحضار مختلف المكتسبات التي حققتها النساء والمعيقات التي مازالت تواجهن لتحقيق ذواتهن، ومن بين هذه التحديات تشير المعطيات الرسمية إلى ارتفاع نسبة البطالة في صفوف النساء، كما أن 73,1 في المائة من الأشخاص غير النشيطين بالمغرب هن نساء، فأين وصل، إذن، مسار التمكين الاقتصادي للمغربيات؟
حوالي ثلاثة أرباع غير النشيطين بالمغرب (73,1 في المائة) هن نساء، وأكثر من النصف (51,1 في المائة) لا يتوفرون على أية شهادة، (44,9 في المائة) تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة، هذا ما كشفت عنه بيانات المندوبية السامية للتخطيط حول وضعية السكان النشيطين المشتغلين والخصائص البارزة لجودة الشغل خلال سنة 2022، مشيرة إلى أن النساء خارج سوق الشغل يمثلن 80,2 في المائة من النساء في سن النشاط (81,7 في المائة بالوسط الحضري و77,2 في المائة بالوسط القروي)، وذلك بحجم يقدر بـ11,2 مليون شخص.
ارتفاع معدل البطالة لدى النساء
ويبلغ عدد العاطلين بالمملكة مليونا و442 ألف عاطل، وفق آخر أرقام المندوبية الصادرة في مذكرة إخبارية حول وضعية سوق الشغل خلال سنة 2022، لافتة إلى ارتفاع معدل البطالة بـ0,4 نقطة لدى النساء، منتقلا من 16,8 في المائة إلى 17,2 في المائة وانخفاضه بـ0,6 نقطة لدى الرجال، منتقلا من 10,9 في المائة إلى 10,3 في المائة.
وفي ظل هذه الوضعية، يرى وزير الصناعة والتجارة رياض مزور، أن محدودية فرص الشغل تشكل عائقا حقيقيا أمام تشغيل النساء، موضحا، خلال مشاركته في المناظرة الوطنية الأولى التي نظمتها وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة حول موضوع "المرأة ورهان التنمية"، يومي 10 و11 فبراير المنصرم، أنه "في كل سنة يتقدم جيل من 600 ألف أو 650 ألف شابة وشاب لمناصب الشغل، ومنذ عشر سنوات نخلق 150 ألف فرصة سنويا"، متسائلا عن مدى إمكانية إعطاء فرص للنساء في ظل هذه المحدودية.
كما يرى وزير الصناعة والتجارة أن مشاركة النساء في الصناعة مازالت ضعيفة ومحدودة، مبرزا أن الكفاءات الصناعية تبلغ حوالي مليون، 44 منها نساء، إلا أن "64 في المائة منهن يشتغل في النسيج، ومدخولهن مقارنة بالرجال يبلغ ناقص 25 في المائة".
وتبلغ نسبة النساء اللواتي يتقلدن مناصب المسؤولية 23 في المائة فقط، وفق الوزير مزور، مؤكدا أن الحكومة تشتغل على هذه الرهانات لتشغيل عدد أكبر من النساء في الصناعة.
وأشار، في هذا الإطار، إلى أن نسبة مشاركة النساء في الصناعة تقل في الفترة العمرية ما بين 25 و38 عام تقريبا، فيما تعود لترتفع بعد سن 38 سنة، موضحا أن ذلك يعود لفترة تكوين الأسرة وتربية الأطفال عند معظم النساء.
زيادة النشاط لدى النساء إلى 45%
وشدد الوزير على ضرورة مساعدة النساء اللواتي يتحملن مسؤولية أكبر في الأسرة لمواكبة الأطفال من أجل تمكينهن من تطوير مسارهن وتسلسلهن في سلم المسؤولية.
ويأتي ذلك، في وقت أفادت فيه دراسة تحليلية لمديرية الدراسات والتوقعات المالية أن تحقيق الأهداف المقترحة من قبل النموذج التنموي الجديد، في مجال النهوض بالمساواة بين الجنسين وتقوية ولوج النساء للفرص الاقتصادية من شأنه المساهمة في زيادة الناتج الداخلي الخام للفرد إلى 5 بالمائة كمتوسط سنوي خلال الفترة من 2022 و2035.
وتهدف خارطة الطريق التي تؤطر التوجهات الرئيسية للنموذج التنموي الجديد إلى زيادة النشاط لدى النساء ليصل إلى مستوى 45 بالمائة سنة 2035.
العقلية الذكورية
من جهة أخرى، أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أحمد رضا الشامي، أن المغرب أحرز تقدما هاما في مسار تعزيز مكانة المرأة في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، إلا أنه "مازال الكثير مما يتعين القيام به لتحسين وضعية النساء بالمغرب".
وأوضح الشامي، في اللقاء ذاته، أن حوالي 71 في المائة من المشاركات والمشاركين في "استشارة مواطنة" التي تم إطلاقها عبر منصة ouchariko.ma، يرون أن العقبة الأساسية التي تحول دون تحقيق المساواة بين المرأة والرجل تكمن في العقليات والأفكار الاجتماعية والثقافة السائدة، و54 في المائة يعزون السبب إلى الهشاشة الاقتصادية للمرأة فضلا عن تدني مستوى تمثيل المرأة في مناصب المسؤولية بنسبة 49 في المائة، إلى جانب الإطار القانوني بنسبة 38 في المائة.
وحول العقبات الرئيسية التي تحول دون تمكين المرأة اقتصاديا، يضع أغلبية المشاركين؛ أي 71 في المائة، في الصدارة، استمرار العقلية الذكورية في التعامل مع المرأة، وفي المرتبة الثانية؛ أي بنسبة 51 في المائة ما تعانيه المرأة من مختلف أشكال التمييز في الوسط المهني.
ملاءمة أوقات العمل لتحديات النساء
ولتجاوز هذا الوضع، شدد الشامي على ضرورة تحديث النصوص التشريعية وملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها المملكة؛ سواء في إطار مدونة الشغل أو القانون الجنائي أو قانون الجنسية وغيرها.
كما يجب، وفق رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الدفع بالتمييز الإيجابي لصالح المرأة، "عبر تخصيص 30 في المائة من مناصب القيادة داخل المقاولات أو اللجان التنفيذية للأحزاب السياسية والنقابات لصالح المرأة، وتعزيز تمثيليتها".
ويجب كذلك، حسب الخلاصات التي توصل إليها المجلس في مختلف تقاريره حول التمكين الاقتصادي للنساء، توفير دعم أكثر للمرأة لكي تشتغل في المجال الاقتصادي عن طريق صناديق التمويل وعن طريق الجبايات، بالإضافة إلى البحث عن سبل ملاءمة أوقات العمل للتحديات التي تواجه المرأة مثل اعتماد العمل عن بعد أو نصف الدوام، فضلا عن توفير دور الحضانة داخل المقاولات وفي مؤسسات القطاع العمومي.

مقالات ذات صلة
اقتصاد
مجتمع
مجتمع
مجتمع