مجتمع
الأسرة والعمل .. تحديات تحول دون تمكين المغربيات اقتصاديا
27/11/2023 - 10:57
وئام فراجتظهر عمليات المحاكاة التي أجراها البنك الدولي، حسب ما جاء في تقريره الصادر تحت عنوان "من القدرة على الصمود إلى الرخاء المشترك"، أن تحقيق أهداف نموذج التنمية الجديد المتمثلة في مشاركة المرأة في سوق العمل بنسبة 45 في المائة يمكن أن يزيد النمو بنحو نقطة مئوية واحدة سنويا، كما يمكن أن يقلل من عدم المساواة بمقدار نقطة إلى نقطتين حسب مؤشر جيني.
ظروف عمل ملائمة للنوع
وبالإضافة إلى ذلك، يضيف التقرير، فإن زيادة التمكين الاقتصادي للمرأة سيكون له تأثيرات جانبية أوسع نطاقا مثل زيادة الاستثمار في رأس المال البشري على أطفال اليوم.
وتوقف البنك الدولي عند مجموعة من الإصلاحات الطموحة التي تم تنفيذها في هذا الإطار، لكن، أكد، في المقابل، أن هناك حاجة إلى نقلة نوعية لتمكين المرأة المغربية اقتصاديا، مشيرا إلى ضرورة تركيز الجهد على قيود محددة تواجهها النساء في سياقات مختلفة.
ويشمل ذلك، وفق معطيات التقرير، حل مشاكل التنقل في المناطق القروية، وزيادة الشمول المالي والرقمي لتمكين المرأة من المشاركة في أنشطة إنتاجية خارج الأسرة.
أما في المناطق الحضرية، حيث العمل مقابل الأجر أكثر انتشارا، فمن الضروري، وفق البنك الدولي، تعزيز ظروف العمل الملائمة للنوع، ومعالجة القيود الشاملة، بما في ذلك توفير الفرص الاقتصادية، والحاجة إلى بيئة تمكينية للمرأة لاغتنام هذه الفرص، ولا سيما من خلال المزيد من الإصلاحات القانونية، وتوفير خيارات مقبولة وبأسعار معقولة لرعاية الأطفال، وتغيير الأعراف الاجتماعية التقليدية.
وتأتي معطيات البنك الدولي لتعزز التقارير الوطنية في هذا المجال، بحيث سبق أن تطرقت المندوبية السامية للتخطيط إلى استمرار ارتفاع البطالة في صفوف النساء؛ إذ وصل إلى 17,2 في المائة إلى حدود سنة 2022، مقابل 10,3 في المائة المسجلة عند الرجال.
وفي السياق ذاته، أظهرت أرقام المندوبية الصادرة بمناسبة اليوم الوطني للمرأة المغربية الذي يتزامن مع الـ10 من أكتوبر لكل سنة، أن الرجال يتفوقون في معدل الشغل على النساء، بحيث يبلغ معدل الشغل لدى النساء البالغات من العمر ما بين 15 و24 إلى حدود سنة 2022، 6,5 في المائة، مقابل 23,9 في المائة في صفوف الرجال.
وترتفع هذه النسبة عند النساء البالغات من العمر ما بين 25 و34 سنة، و35 و44 سنة؛ إذ تصل على التوالي إلى 20,6 في المائة و22,9 في المائة، فيما تظل أقل من معدل الشغل عند الرجال من نفس الفئات العمرية والذي يبلغ على التوالي 76,8 و89,7 في المائة.
ويُعزى ارتفاع نسبة عطالة النساء في هذه الفئات العمرية (سن الإنجاب) لانشغالهن بالأعمال الأسرية ورعاية الأطفال، خصوصا في ظل ضعف المبادرات التي تمكن هؤلاء النساء من تحقيق توازن بين العمل ورعاية أطفالهن.
الضغط الاجتماعي والأسري
وفي هذا الإطار، أكدت شرفات أفيلال، رئيسة منتدى المناصفة والمساواة، أن العديد من النساء العاملات يضطررن للتخلي عن عملهن بحكم الظروف الأسرية ورعاية الأبناء أو الآباء المسنين، مشددة على ضرورة تأقلم أرباب العمل مع هذه الظروف عبر خلق مبادرات خاصة بهؤلاء النساء سواء من حيث مواقيت العمل أو غيرها لتمكينهن من المساهمة في سوق الشغل.
من جهة أخرى، تطرقت رئيسة منتدى المناصفة والمساواة إلى مجموعة من العوامل الأخرى التي تحول دون انخراط النساء في سوق الشغل، من بينها اشتغالهن في القطاع غير المهيكل، بحيث أظهرت الإحصائيات الوطنية الخاصة بفترة جائحة كورونا أن النساء كن أثر عرضة لفقدان مناصب الشغل، وتم بذلك تسجيل تراجع مهول في نسبة النساء النشيطات.
وأبرزت أفيلال، في تصريح لـSNRTnews، أن النساء لسن المتضررات الوحيدات من محدودية الولوج لسوق الشغل أو الاستمرار فيه، بل إن المغرب برمته يفقد مؤهلات كبيرة في التنمية الاقتصادية بسبب عدم انخراط النساء بالشكل الكافي في الدورة الاقتصادية.
وسبق أن أبرزت المندوبية السامية للتخطيط أن نسبة النساء في ميدان الشغل مازالت ضعيفة وبعيدة عن المساواة المنشودة؛ إذ تصل إلى 29,7 في المائة فقط، لافتة إلى أن هؤلاء النساء عندما يلجن إلى سوق الشغل غالبا ما يشتغلن في القطاعات الأكثر هشاشة.
وسجلت أن نسبة عمل النساء مرتفعة في القطاعات الإنتاجية الضعيفة ذات الأجور الهزيلة وساعات العمل الطويلة جدا، مشيرة إلى أن الفلاحة تستحوذ دائما على نسبة كبيرة من المناصب غير المؤهلة (100 في المائة)، كما تشتغل النساء في مناصب غير مؤهلة في التجارة.
بدورها، أوضحت دليلة الأوديي رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بالدار البيضاء، أن المعطيات المتعلقة بعمل النساء لا تمثل الواقع الذي تعشنه، وذلك بالنظر لاشتغال معظمهن في القطاع غير المهيكل والذي يصعب إحصاؤه.
واعتبرت الأوديي، في تصريح لـSNRTnews، أن الضغط الاجتماعي والأسري من بين أبرز العوامل التي تعيق مساهمة النساء في سوق الشغل، مشيرة إلى أن هذا الضغط يحتم على المرأة دون الرجل التضحية بمسارها المهني وسنوات الدراسة من أجل تحمل مسؤوليات أسرية واجتماعية من المفترض أن تكون مشتركة بين الرجل والمرأة.
توفير دور الحضانة بالشركات
ولتجاوز هذا الوضع، اقترحت الفاعلة الجمعوية والحقوقية، في ما يتعلق بالقطاع غير المهيكل، أن يتم إدماج النساء العاملات في هذا القطاع في إطارات قانونية رسمية تضمن لهن حقوقهن خصوصا في ظل تعميم التغطية الاجتماعية والاشتغال على السجل الوطني للسكان الذي من شأنه تسهيل هذه العملية.
أما بالنسبة إلى الصعوبات التي تواجهها النساء في الولوج لسوق العمل والاستمرار فيه، دعت الأوديي إلى الاقتداء ببعض الشركات التي "كانت سباقة لتوفير دور الحضانة للنساء في سن الإنجاب"، مشيرة إلى أن هذه المبادرة "تدخل ضمن ما يسمى بالمسؤولية الاجتماعية للشركات والتي تنخرط فيها مجموعة من المقاولات المغربية".
ويمكن تشجيع هذه الفئة من النساء على العمل، كذلك، عبر تمكينهن من العمل عن البعد، خصوصا بعدما أظهرت جائحة كورونا الحاجة إلى ابتكار أنماط جديدة من العمل وتسريع التوجه نحو العمل عن بعد.
وأكدت الفاعلة الجمعوية أن هذه المبادرات جد إيجابية وتتطلب تشجيعا من طرف الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وذلك عبر تحسيس باقي المقاولات بأهمية المضي في هذا التوجه والذي من شأنه تشجيع النساء على تحقيق التوازن بين العمل ورعاية الأطفال، مؤكدة أن هذا الأمر من شأنه كذلك تحسين مردودية هؤلاء النساء.
مقالات ذات صلة
مجتمع
اقتصاد
اقتصاد
مجتمع