نمط الحياة
احتفالات "نويل".. استهلاك "الفرح"
20/12/2020 - 22:44
نضال الراضيارتفعت في أشهر المراكز التجارية بالعاصمة الاقتصادية، أشجار الـ(Sapin) المزينة على علو، يطال كافة طبقات "المول"، كما زينت مداخل المخابز والمقاهي المغربية، بشكل أنيق استعدادا لاحتفالات رأس السنة، أشجار الأرز مزينة بكريات ملونة، وأضواء تجذب الزبائن صوب لوازم الزينة الذهبية، والقبعات الحمراء ولحية "بابا نويل"، المتوفرة بقياسات مختلفة.
مشاهد دخيلة أم انفتاح؟
بالرغم من أن مشاهد الزينة، وعرض أشجار الأرز المصطنعة للبيع، لا يشبه عادات المغاربة إلا أن هذا الموعد من كل سنة، يشهد إقبالا على مظاهر الاحتفال والزينة، في محاولة للبحث عن نشر البهجة والسرور.
*ولعل هذه الأنشطة تساهم في إعادة ضخ الحياة في شرايين المتاجر، المطاعم والشوارع ليتغلب الأمل على اليأس، في ظل ظروف انتشار جائحة "كوفيد-19" التي أدت إلى إغلاق هذه المرافق لشهور بسبب الحجر الصحي.
وينقسم الرأي العام المغربي حول هذا التحول في البنية الثقافية المغربية، وتعاطيها مع مثل هذه المناسبات، بين من يعتبرها "دخيلة" عن السياق الثقافي الوطني، ويرفض الاحتفال بها، داعيا للاكتفاء بالأعياد والمناسبات الوطنية والإسلامية، وآخرين، لا يجدون حرجا من هذا الانفتاح على ثقافات أخرى.
يرى سعيد جعفر، رئيس مركز التحولات المجتمعية والقيم في المغرب، أن العولمة ساهمت بشكل كبير في تأثر شريحة مهمة من المغاربة بكثير من عناصر الثقافة الغربية، من ضمنها نمط الحياة كطريقة اللباس، الأكل ومظاهر الاحتفال.
ولا يعتبر المتحدث ذلك "تقليدا"، بقدر ما يجده طبيعي ويفسر تحولا يقع في البنية المجتمعية التي تتفاعل مع جوارها.
وعن إمكانية لجوء المغاربة لهذا النوع من الاحتفالات لأنهم بحاجة إلى الفرح، شدد جعفر، في حديث مع "SNRTnews"، أنه في الأصل هناك إقبال كبير من طرف المغاربة على الأفراح، الأعراس والمسرات. معتبرا أنهم معتدلون ومنفتحون على الفرح، كما يستثمرون كل الفرص الممكنة من أجل التشبث به.
مشيرا إلى أن احتفالات الأعياد الخاصة بنهاية السنة، فرصة من مناسبات الفرح التي تكون مؤجلة طيلة السنة.
احتفال بطعم الاستهلاك
يجد أستاذ علم النفس الاجتماعي محسن بنزاكور أن تأثيث المحلات والمراكز التجارية بزينة أعياد الميلاد، "موضة" وفكر تسويقي تجاري بحث، الغرض منه الاستهلاك.
"تبحث المراكز التجارية في مثل هذه المناسبات على جذب أكبر عدد من الزبائن، كاحتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة، واحتفالات عيد الحب يوم 14 فبراير، وغيرها من المناسبات، التي تعتبر فرصة لتصريف ما تبقى للمتاجر من سلع، وفرصة للرفع من أرقام البيع الخاصة بها ليس إلا"، يقول بنزاكور في حديث مع "SNRTnews ".
وأوضح المتحدث أن تعاطي المغاربة مع هذا الأمر تجاوز التقليد، لأن هذا الأخير يكون مناسباتيا، يتعلق بمرحلة ثم يمر، معتبرا أن الاحتفال بهذا النوع من المناسبات أصبح متكررا، وليس ذا بعد اجتماعي وجماعي بقدر ما هو فردي، ويقتصر على بعض الأشخاص، مقارنة مع احتفالات المغاربة بالأعياد الوطنية والإسلامية التي ينخرط فيها الجميع.
واستبعد المتحدث نفسه أن يكون الدافع وراء احتفال المغاربة، بهذا النوع من المناسبات حاجة إلى الفرح، مضيفا، بدوره، أن هناك مناسبات عديدة يستطيع من خلالها المغربي أن يعبر عن الفرح، فحتى إن لم تكن موجودة يتم خلقها، لعل أشهرها المناسبة التقليدية "دارت"، حيث تقرر مجموعة من الناس سواء عائلة، أو أصدقاء الاجتماع مرة في الشهر على الأقل، يرقصون وفرحون ويشاركون الهدايا والمأكولات.
وأشار بنزاكور إلى أنه إذا كانت الرغبة في الاحتفال برأس السنة لغاية التجديد فهو مقبول ومتداول.
الخروج من مخلفات "كورونا"
لا شك أن الظروف الصحية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، ساهمت في إضفاء بعض الكآبة على الحياة اليومية، مما دفع الكثيرين إلى التمسك بأبسط بواعث الفرح.
يعتبر سعيد جعفر أن منحنى الاحتفال بهذا النوع من المناسبات ازداد منسوبه، بسبب الهجرة وتطور مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، ولا علاقة له بظهور الوباء، مشيرا إلى أنه، بالرغم من حالة الطوارئ الصحية التي تعيشها البلاد، من المؤكد أنه ستستمر الاحتفالات برأس السنة في محاولة للتشبث بمظاهر الفرح.
وفي السياق ذاته، أكد بنزاكور، أنه بالرغم من أن مشاهد الاحتفالات برأس سنة تتكرر، إلا أن هذه السنة ستكون مخلفات "كورونا"، من أحد الدوافع للاحتفال، في محاولة للبحث عن إمكانية للخروج من الآثار النفسية، التي ألحقها انتشار كوفيد-19، من ضمنها الحجر الصحي والحرمان لمدة طويلة من الترفيه.
وأضاف الباحث في علم الاجتماع أن البحث عن الترفيه، والتشبث بأبسط أساليب الفرح والسرور، هو حق مشروع في ظل أزمة "كورونا".
كما استخلص المتحدث ذاته البعد الأساسي والجوهري لـ"ظاهرة" الاحتفال بأعياد رأس السنة تعود لاستثمار المغاربة لفرص الاحتفال، وتعود لرغبة التجار في استغلال هذه المرحلة، لزيادة معدل مبيعاتهم.
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
مجتمع