اقتصاد
النمو.. رهان على استهلاك الأسر بعد تقشفها في 2020
14/01/2021 - 21:26
مهدي حبشيساهم تراجع الطلب الداخلي في الركود الذي عرفه الاقتصاد الوطني خلال عام 2020، جرّاء تفشي وباء "كورونا" المستجد. إلا أن انتعاش مستوى ثقة الأسر، المتوقع خلال العام الجاري، من شأنه أن يُساهم في نمو ذلك الطلب، ومن ثمة الاقتصاد الوطني، المرتقب نموه بما بين 4 و4,7 في المائة، بعد انكماش حام حول 7 في المائة في العام الماضي. ذلك ما تتنبأ به العديد من المؤسسات الوطنية والدولية.
عام للنسيان
تأثر الطلب الداخلي بالتداعيات السلبية للأزمة الصحية الناتجة عن وباء "كوفيد-19"، وفي طليعتها القيود الاحترازية وإجراءات منع التنقل، مما أثر على أنشطة المقاولات ومستوى معيشة الأسر وقدرتها الشرائية.
وأدى فقدان العديد من مناصب الشغل نتيجة الوباء إلى تدهور مداخيل الأسر، وبالتالي تراجع مستوى استهلاكها. في حين تأثر استهلاك الأسر، الذي يمثل نصف الطلب الداخلي، بتراجع مداخيل العالم القروي نتيجة تعاقب موسمين من الجفاف.
ولجأت الأسر المغربية، في ظل تراجع إيراداتها، لتقليص نفقاتها الاستهلاكية بدل الاقتراض. كما لاحظ تقرير "الميزانية الاقتصادية التوقعية"، الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط، أن القروض الموجهة للاستهلاك عرفت انخفاضاً هو الأول من نوعه بنحو 2,5 في المائة، عوض الزيادة السنوية المتوسطة التي ظلت تعرفها منذ 2002 وحتى 2019.
وعرف استهلاك الأسر تراجعاً لأول مرة منذ عام 1997، قُدّر بـ9,4 في المائة سنة 2020، مما يجعل مساهمة ذلك الاستهلاك في النمو الاقتصادي سالبة بدورها عند 5,3 في المائة. في حين كانت مساهمته موجبة بـ1 في المائة سنة 2019.
رهان على الاستهلاك
أدىّ تخفيف إجراءات الحجر الصحي، بعد ثلاثة أشهر من الإغلاق، وعودة النشاط الاقتصادي، إلى إنعاش استهلاك الأسر، رغم أن مستويات الاستهلاك مازالت أضعف ممّا كانت عليه قبل الأزمة.
لكن تقرير المندوبية بشّر بانتعاش ثقة الأسر تدريجياً، والذي يعني ارتفاع معدلات استهلاكها، رابطاً هذا الانتعاش بالتحسن المتوقع للنشاط الاقتصادي نتيجة التحكم في الوباء وتعميم التلقيح.
وتوقع التقرير أن يسجل استهلاك الأسر نمواً بواقع 3,9 في المائة، مساهماً في النمو الاقتصادي بواقع 2,2 في المائة. وهو أعلى نمو لذلك المؤشر في السنوات الأربع الأخيرة، بعد التراجع الذي شهده العام الماضي، والنمو الذي لم يتجاوز 1,8 في المائة عام 2019 و3,4 في المائة بالنسبة لعام 2018.
غير أن التوقعات حول استهلاك الأسر، الذي يشكل مكونا حاسما ضمن الطلب الداخلي، المعول عليه في الأعوام الأخيرة من أجل بلوغ معدل النمو المأمول، قد لا تساير معنويات الأسر، التي يكون تمثلها، في بعض الأحيان، حول قدرتها الشرائية مطبوعاً بنوع من التشاؤم.
فقد توقعت 41,5 في المائة من الأسر المغربية أن يتدهور مستوى معيشتها خلال عام 2021، حسب آخر بحث حول "مؤشر ثقة الأسر" أنجزته المندوبية السامية للتخطيط، الذي عكس في الوقت ذاته تخوف الأسر من تفشي البطالة.
وينتظر أن تبقى ثقة الأسر مرتهنة للحالة الوبائية وإطلاق عملية التلقيح في المغرب وبلدان شريكة، حيث سيدعم ذلك الانتعاش التدريجي للاقتصاد، بما له من تأثير على فرص العمل، خاصة أن معدل البطالة تراوح في العام الماضي بين 13 و14 في المائة.
وتدفع حالة اللايقين حول أداء سوق الشغل الأسر إلى التريث قبل العودة للاستهلاك بوتيرة طبيعية، في وقت تُحرص على تعزيز مدخراتها تحسبا للآتي.
التلقيح وأشياء أخرى
اعتبر الاقتصادي علي بوطيبة أنه علاوة على الاطمئنان لتحسن مؤشرات الوضع الوبائي في البلاد، فإن ثقة الأسر المغربية تقوم على تحقق نوع من "الأمن الاجتماعي"، عبر ضمان الحاجيات الرئيسية لهذه الأخيرة.
وذهب المتحدث، في تصريح لـ"SNRTnews"، إلى أن المخطط الملكي لتعميم التغطية الصحية على المغاربة من شأنه أن يرفع على نحو كبير ثقة الأسر المغربية. إذ إن أكثر من 12 مليون مغربي لا يستفيدون من تغطية صحية في الوقت الراهن، مما يدفعهم لادخار الأموال تحسباً للطوارئ الصحية.
"الأموال التي يتم ادخارها في هذا السياق، يمكن أن تذهب للاستهلاك أو الاستثمار، بمجرد توفر المستهلك على تغطية صحية تغنيه عن التفكير في مصاريف التطبيب في حال المرض"، يؤكد أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط.
ويرى الخبير أنه ينبغي كذلك إعطاء دفعة للحوار الاجتماعي المتوقف؛ إذ إن الشغيلة في ظل الواقع الراهن تشعر بنوع من عدم الأمان المهني، مما يضطرها لادخار جزء من مداخيلها تحسباً لفقدان الشغل، بدل صرفها على الاستهلاك أو استثمارها.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد