رياضة
باحثون مغاربة يفكون شفرات عودة الرياضة إلى المدرسة
10/10/2021 - 11:12
يونس الخراشيمنصف اليازغي : اختيار بنموسى مهم
فبالنسبة إلى منصف اليازغي، دكتور في العلوم السياسة، مختص في الشأن الرياضي، يرى أن إلحاق الرياضة بالتربية الوطنية، من جديد، وبخاصة مع الإسناد إلى شكيب بنموسى، يرمي، على الأرجح، إلى وضع استراتيجية للرياضة، تذهب بها إلى أبعد مدى.
وقال اليازغي، في تصريح لموقع SNRTnews، "أولا يتعين علي الإشارة إلى أن هذه الصيغة ليست جديدة، إذ أن التجربة كانت حاضرة في الخمسينات والستينات. وفي السياق، يعد إسناد تدبير القطاع الرياضي إلى شكيب بنموسى، الذي سهر على إعداد النموذج التنموي، والمعروف برجل الاستراتيجية، مؤشرا إيجابيا، ما قد يفيد بأن الدولة تتجه إلى وضع استراتيجية واضحة المعالم للقطاع، سيما مع رجل نجح وزاريا، وفي المشاريع التي أسندت إليه".
منصف اليازغي، الذي كتب في "السياسة الرياضية بالمغرب"، أوضح للموقع أن الإلحاق قد يعني أيضا "بأن الرياضة أريد لها أن تستفيد من البنيات التحتية المتوفرة لدى قطاع التربية الوطنية"، مشيرا إلى أن القطاعين سبق لهما أن وقعا على اتفاقيات في هذا السياق منذ 1981 وإلى 2008، ولكن دون أن تطبق على أرض الواقع، "في وقت تملك وزارة التربية الوطنية بنية تحتية هائلة يمكن للرياضة أن تستفيد منها، عوض أن تبقى غير مستغلة في نهاية الأسبوع، وطيلة أيام العطل. ربما سيتحقق هذا المطمح مع تجربة شكيب بنموسى، ويحدث التوازن بين الفائض الديموغرافي بإزاء النقص في البنية التحتية الرياضية للقرب".
عبد الرحيم غريب : قطاعان واستفادة متبادلة
وعند حديثه في الموضوع، أشار عبد الرحيم غريب، الدكتور المختص في الحكامة والباحث في المجال الرياضي، إلى أن أبناء جيله؛ ويعني به جيل الثمانينات من القرن الماضي، يتذكرون جميعهم مدى الشغف الذي كان يملأهم كلما تعلق الأمر بمادة التربية البدنية، فضلا عن حصص الجمعية الرياضية، ظهر الجمعة، "التي أفرزت، على مدار سنوات، خيرة المواهب الرياضية، بحيث كانت تشارك في تظاهرات إما محلية أو جهوية أو وطنية".
وقال عبد الرحيم غريب، في السياق:"ونتذكر كذلك الدور الكبير الذي كان يقوم به أساتذة التربية البدنية في التنقيب عن المواهب الرياضية، وهي المواهب التي ظلت، على مدار سنوات، تطعم أندية الصفوة. ولا ننسى أيضا بأن هذه المادة كانت مبرمجة في امتحان الباكالوريا، مما كان يجعل الطالب يستعد لها بالمستوى نفسه الذي يستعد لمواد الفيزياء أو الرياضيات أو الفلسفة، أو غيرها. فكان هؤلاء يستعدون إما في الحدائق أو الساحات الفارغة أو الشواطئ، إذ كان متعينا عليهم اجتياز ثلاث رياضات، هي الجمباز، والاختيار بين السرعة والمسافات المتوسطة، فضلا عن رمي الجلة أو الصعود في الحبل، أو أشياء أخرى".
الدكتور عبد الرحيم غريب، الذي شارك في عدة ندوات ولقاءات وطنية كبرى تهم الرياضة، فضلا عن شغب الملاعب، قال لموقعنا:"بالرجوع إلى سؤالكم، فإن فكرة إلحاق الرياضة بالتعليم ممتازة. بل ويمكننا التعليق حتى على تعيين السيد شكيب بنموسى، الذي هو من أشرف على إعداد النموذج التنموي، حيث نجد أحصيت، مع طلبتي، 24 إشارة في النموذج للرياضة وعلاقتها بالصحة والتنمية والإدماج السوسيواقتصادي وفي القضاء على الانحراف". وختم غريب بالقول:"شخصيا أستحسن الفكرة، ذلك أن هذا الاندماج سيتيح إمكانيات كثيرة للغاية في التكامل والتفاعل. فنحن نعرف أن القيم الأولمبية تنمي مجموعة من القدرات والملكات، ضمنها احترام الآخر واحترام القوانين والتسامح، وتجنب الشباب الانحراف؛ أي أن التربية تحتاج إلى القيم الرياضية لتبلغ أهدافها التربوية. كما أن الرياضة تحتاج إلى التربية الوطنية، لأن هذا القطاع يملك، مثلا، أكبر بنية تحتية رياضية على الصعيد الوطني. إن كل قطاع من هذين يمكنه أن يعيد الاعتبار للآخر، سيما أن كل مواطن مغربي سيعي منذ الصغر أن الرياضة ليست ترفا، بل هي على مستوى واحد مع بقية الأساسيان في الحياة".
عبد الرحيم بورقية : الرياضة تساهم في التنشئة الاجتماعية
من جانبه، أوضح عبد الرحيم بورقية، باحث في علم الاجتماع وأستاذ باحث بمعهد علوم الرياضة بجامعة الحسن الأول بسطات، أن "إلحاق الرياضة بوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي جاء لأن الرياضة عامل مهم في دمج وتأهيل الشباب واليافعين".
وقال بورقية، في تصريح خص به موقع SNRTnews، إن "الرياضة أولا تهذيب وتربية وتثقيف، وهي وتساهم في التنشئة الاجتماعية للفرد والجماعة، وكذلك في بلورة الحس الوطني ومبادئ المواطنة الحقة، وبالتالي في بناء مجتمع مدني رصين ومتين، قادر على مواجهة التحديات المستقبلية، بغض النظر عن أبعادها الإقتصادية والسياسية".
بوريقة أكد، أيضا، بأن "الرياضة المدرسية (جميع المستويات من الأولي إلى الجامعي) ممكن أن تلعب دورا أساسيا ومهما في خلق لحمة بين أفراد المجتمع، ورابطا متينا بينهم"، وزاد موضحا:"فهي تساهم في بناء مجتمع مدني. كمادة أساسية وتوجه تعليمي ممكن أن تلعب دورا كبيرا في تغيير رؤية الشاب اليافع لمستقبله، لأنه يمكن أن يبرع في نوع رياضي ويحلم بتحقيق أهدافه عن طريقه، والخروج من المنحى الكلاسيكي دراسة من أجل العمل، ولما لا دراسة ورياضة من أجل خلق فرص أوفر للنجاح في الحياة عن طريق مسارات مهنية في مجال الرياضة".
وختم بورقية، الباحث أيضا بالمختبر المتوسطي للسوسيلوجيا بجامعة ايكس مارسيليا، بالقول "إن الدولة المتقدمة تعتني بالرياضة المدرسية، بل وتعتبرها نواة تكوين الأبطال. ولو ألقينا نظرة على سبورة الألعاب الأولمبية سنجد الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا ودول أوروبية أخرى تعطي أولوية للرياضة المدرسية".
علاء الأمراني : توجه منطقي
أما بالنسبة إلى الدكتور علاء الأمراني، أستاذ التعليم العالي بمعهد علوم الرياضة بجامعة الحسن الأول بسطات والباحث في مركز قانون واقتصاد الرياضة بليموج بفرنسا، فيؤكد أن أي قراءة لإلحاق الرياضة بالتعليم يلزمها أن تستقرئ تاريخ الرياضة المعاصرة، وكيفية تطورها وتقدمها، لدى الدول التي تعد قوى عظمى سواء في المجال الرياضي أو التعليمي".
وقال الأمراني، في تصريحه لموقع SNRTnews، إن "تطور الرياضة كان رهينا، منذ القرن التاسع عشر، بإدماجها بالنظام التعليمي، خاصة في الدول الأنجلوساكسونية، التي كانت مصدر إلهام للنموذج التعليمي الفرنسي، عن طريق بيير دو كوبيرثان، الذي أسس للألعاب الأولمبية الحديثة، كما هو معروف"، مضيفا:"الأخير فعل ذلك، رغبة منه في تطوير التعليم الفرنسي، إيمانا منه أن تطور النموذج الاجتماعي والأخلاقي للدول الأنجلوساكسونية مستمد أساسا من النظام المعتمد في مدارسها، والذي تلعب فيه الرياضة دورا كبيرا".
في السياق ذاته، اعتبر الأمراني أن إلحاق الرياضة بالتعليم يعد أمرا إيجابيا، "على اعتبار أن المباريات الرياضية تؤثر إيجابيا لدى الناشئة، فضلا عن أن اتباع نظام رياضة ودراسة سيؤدي إلى إقلاع رياضي، بطريقة فعالة وناجعة"، وقال:"إن ترسيخ ما هو تربوي وأخلاقي عن طريق الرياضة مهم جدا لدى الأطفال، لا سيما أن قطاع التربية الوطنية يتوفر على 90 في المائة من المنشآت الرياضية، التي ظلت لعقود حبيسة حصص التربية البدنية فقط، في وقت ظل قطاع الرياضة يعاني غياب منشآت الممارسة الرياضية للقرب، التي من شأنها توفير فضاءات للشباب. هذا فضلا عن التقليل من الهدر المدرسي، الذي يكون في حالات كثيرة ناتج عن الممارسة الرياضية غير المقننة".
الأمراني أكد بأن الرياضة ستكون مستفيدة من هذا الإلحاق، "ذلك أن إعادة إحياء الجمعية الرياضية، التي سادت لفترة مهمة، وأنتجت الكثير من الأبطال الكبار، سيؤدي بالضرورة إلى تجديد الدماء، وتحريك الممارسة الرياضية"، مضيفا بأنه "سينتج أيضا سياسة رياضية واضحة المعالم، مبنية على مبادئ علمية، وتقوم على أسس تسييرية وتدبيرية من المستوى العالي".
إدريس مغاري : المدرسة هي البيئة الطبيعية للرياضة
ولم يخرج إدريس مغاري، أستاذ التربية البدنية، والباحث في مجال الرياضة وقيمها، عن هذا التوجه، إذ يقول لموقع SNRTnews، "إن الانتهاض بالرياضة الوطنية أضحى يعتمد على جملة من المداميك والأسس، في مقدمتها، المدرسة، بحسبانها مدخلا رئيسا نحو بناء صرح الرياضة الاحترافية"، معتبرا أن هذا "الأمر هو الذي حمل مهندسي السياسات العمومية على إلحاق الرياضة بالتربية والتعليم، وما يزيد في حُجية وصحية هذا الإلحاق، هو أن المدرسة تعتبر البيئة الطبيعية الحاضنة لمختلف المواهب الرياضية، ثم بالأساس، وجود فريق تربوي (أساتذة التربية البدنية والرياضية) يملك من الأهلية والاقتدار العلمي والمهني ما يجعله قادرا على اكتشاف المواهب وتجويدها ثم توجيهها توجيها رياضيا (orientation sportive) على النحو الذي يتناسب مع الرغبات والإمكانيات البدنية والتقنية للمتعلمات والمتعلمين"، مشيرا، في الأخير، "ثم بعد ذلك يأتي دور ومهمة الأندية الرياضية من خلال احتضان هذه المواهب الموجهة لاستكمال عمل الرياضة المدرسية في أفق إنتاج وصناعة أبطالٍ وفرقٍ رياضية بمقاييس عالمية".
مقالات ذات صلة
سياسة
مجتمع
مجتمع