سياسة
بعد "دستوريته".. ما المزعج في "القاسم الانتخابي"؟
11/04/2021 - 13:29
يونس أباعلي | وئام فراجاعتبرت المحكمة الدستورية أن القاسم الانتخابي، بصيغته التي تعتمد على المسجلين وليس المصوتين، "يدخل ضمن السلطة التقديرية للمشرع، الذي حرص في ذلك على تحقيق الغايات المقررة في الدستور في شأن ضمان تكافؤ الفرص بين لوائح الترشيح، وسلامة العملية الانتخابية، والتعبير الحر عن إرادة الناخبين".
الأمين العام للحزب، سعد الدين العثماني، كان أول المعبرين عن غضبه من القرار الذي استنفر الحزب وجعله يرفع مذكرة للطعن، إلى درجة أنه وصفه بـ"غير الديمقراطي" و"غير العادل"، وهو ما جعل محللين سياسيين يعتبرونه ضربا في مصداقية قرارات القضاء.
ويرى العثماني أن "إزالة العتبة في انتخابات الجماعات الترابية أخطر وأصعب لأنها ستؤدي إلى بلقنة الخريطة الانتخابية، وبالتالي، تعقيد عملية تشكيل التحالفات مما سيكون له آثار سلبية على التدبير الجماعي لشأن المواطنات والمواطنين"، على حد تعبيره في افتتاح الدورة العادية للجنة المركزية لشبيبة حزبه عبر المناظرة المرئية.
نفس الموقف الرافض عبّر عنه الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية، محمد أمكراز، إذ قال إنه "لا يمكنه الاقتناع بأن هذا القاسم الانتخابي ديمقراطي، وهو يساوي بين من حصل على 60 ألف مقعد وبين من حصل على 2000 أو أقل من ذلك".
مباشرة بعد هذين التصريحين، خرجت الأمانة العامة للحزب، ببلاغ، تربط فيه دستورية القاسم الانتخابي بـ"دوافع سياسية تسكنها الرغبة في تسقيف النتائج الانتخابية والتوزيع المتساوي للمقاعد على الجميع"، معتبرة أنه "يساوي بين من يشارك بالتصويت ومن يقاطع لكونهما يسهمان فعليا ومعا في القرار الانتخابي في نهاية المطاف، كما أنه سيسهم في تمييع عمل المؤسسات ويجعلها غير قادرة على الاضطلاع بأدوارها الدستورية والقانونية وخاصة قيامها بوظيفتها التنموية".
ولم يكتف الحزب بالطعن في دستورية التعديلات التي همت مشاريع القوانين الانتخابية، إذ كان قد تقدم بمذكرة ثانية تتعلق بالتعديلات التي همت مشروع القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
فما الذي يعنيه هذا المنطق الجديد للقاسم الانتخابي الذي يرى الحزب أنه "ضحيته"؟
تقتضي الإجابة شرح الفرق بين القاسم على أساس عدد المصوتين، والقاسم على أساس المسجلين الذي سيتم العمل به بعد قرار المحكمة الدستورية.
لنأخذ مثال دائرة انتخابية تتكون من 200 ألف صوت، تتنافس فيها اللوائح على أربعة مقاعد. بعد التصويت اتضح أن 90 ألفا هم الذين صوتوا فقط، على اعتبار أن هناك من يرفض المشاركة، أو كان مسافرا، أو مريضا، أو توفي... بعد فرز الأصوات وصل المجموع إلى 80 ألف صوت فقط، من أصل 200 ألف، هي أصوات صحيحة سيتم الاعتماد عليها، نظرا لوجود أوراق يتم فيها التصويت على لائحتين أو تركها فارغة...
80 ألفا سيتم قسمتها على المقاعد، ما يعني أنه يتوجب على كل لائحة الحصول على 20 ألف صوت إذا أرادت نيل مقعد، أي إذا حصلت على 40 ألفا مثلا فذلك يعني أنها ستحصل على مقعدين. وحتى إذا حصلت اللائحة على أقل من 20 ألف فإن منطق العتبة و"الأكثر بقية" يتيح لها الحصول على مقعد أيضا وإقصاء اللائحة التي لم تصل إلى العتبة.
لكن بالمنطق الجديد للقاسم الانتخابي، فهذه اللوائح التي ذكرنا كمثال ستتمكن من الحصول على مقعد، لأن الأصوات التي سيتم قسمتها ليست المتعلقة بالمصوتين (80 ألفا) بل بـ200 ألفا التي تحتضنها الدائرة، أي أصوات المسجلين جميعا. أي أن كل لائحة سيتوجب عليها الحصول على 50 ألف صوت لتنال مقعدا، وحتى التي لم تحصل على 50 ألفا ستحصل عليه لأن منطق "العتبة" لم يعد معمولا به.
مثال آخر يُعطيه أستاذ القانون الدستوري بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالجديدة، عبد الرزاق البياز، في تصريح لـ"SNRTnews":
إذا افترضنا وجود 20 ألف شخص في إحدى الدوائر الانتخابية، فطريقة احتساب القاسم الانتخابي، بصيغته القديمة، ستتم عبر قسمة عدد الأصوات المحصل عليها على عدد المقاعد الموجودة بالدائرة؛ أي في حال تصويت 10 آلاف شخص من أصل الـ20 ألف شخص المسجلين، مع وجود 5 مقاعد بالدائرة، ستتم قسمة 10 آلاف على 5، لنصحل على 2000 صوت.
وبناء على هذه العملية، يضيف البياز، يكفي أن يحصل الحزب على 2000 صوت ليحظى بمقعد في الدائرة، وفي حال حصوله على عدد مضاعف فسيمكنه ذلك من الحصول على مقعدين في نفس الدائرة، فيما اللوائح التي تحصل على الأقل فيتم إقصاؤها.
لكن باعتماد المقترح الجديد، فلن يستطيع أي حزب الحصول على أكثر من مقعد واحد، لأن القاسم الانتخابي سيستخرج في هذه الحالة عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين جميعا بالدائرة الانتخابية على عدد المقاعد المخصصة لها، وسيحصل بذلك الحزب الذي سبق أن حظي بمقعدين في العملية السابقة، على مقعد واحد فقط.
وأوضح أستاذ القانون الدستوري، في حديثه مع "SNRTnews"، أن "هذه العملية ستسمح للأحزاب الصغيرة التي حظيت بعدد أصوات قريب من الأحزاب المهيمنة، بالحصول على مقعد داخل نفس الدائرة، وهو الأمر الذي ترفضه الأحزاب التي سبق أن استفادت في الاستحقاقات الماضية من مقعدين أو ثلاثة؛ إذ ستجد الآن صعوبة كبيرة في الحصول على أكثر من مقعد".
من جهته، أبرز عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ القانون الدستوري والمؤسسات السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريح لـ"SNRnews"، أن هذه التقنية تكشف عن نسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، عبر احتساب عدد الأصوات المدلى بها في صناديق الاقتراع، والمعبر عنها بالكيفية الصحيحة.
وتسمح الصيغة الجديدة، كما يشرح أدمنيو، بـ"توسيع دائرة الأحزاب السياسية التي ستستفيد من توزيع المقاعد، ولن تتمكن بناء على ذلك الأحزاب المهيمنة سابقا من الفوز بأكثر من مقعد على مستوى كل دائرة انتخابية".
وأبرز أستاذ القانون الدستوري أن هذا القاسم الانتخابي سيفضي إلى نتيجتين؛ "الأولى هي أن الأحزاب السياسية لن تتمكن من الفوز بأكثر من مقعد، والثانية ستتمكن الأحزاب السياسية الصغيرة انتخابيا من الاستفادة من عملية توزيع المقاعد"، "وهذا هو المطلب الذي قدمته مجموعة من الأحزاب السياسية على اعتبار أن القاسم الانتخابي الجديد سيمكنها مما سمته بالعدالة الانتخابية".
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة