مجتمع
بنصالح: حقوق الإنسان ضمن إعادة البناء بعد الجائحة
11/12/2020 - 10:42
نضال الراضي
تلك من أهم الانشغالات، التي يعبر عنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقاريره، وهي انشغالات تتعاظم في ظل الرهانات الجديدة المرتبطة بالأزمة الصحية، التي طرحت على المستوى الدولي مجموعة من التحديات على الصعيد الحقوقي.
واحتفل العالم يوم الخميس العاشر من دجنبر 2020، باليوم العالمي لحقوق الإنسان، تذكيرا بالمطالب التي تضمنتها وثيقة الإعلان العالمي، التي صدرت عام 1948، واختارت الأمم المتحدة هذه السنة، أن يكون موضوع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، مرتبط بالظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم، المتعلقة بجائحة "كوفيد-19"، وهو موضوع يهم كذلك المغرب.
سنة استثنائية
أكد منير بنصالح، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن سنة 2020، كانت حافلة بمحطات أساسية، بالرغم من ظروف الحجر الصحي، حيث استمر المجلس في أداء مهامه، وممارسة اختصاصاته وصلاحياته، مشيرا إلى أن المجلس، أصدر تقارير ووثائق هامة في مجال حماية والنهوض بحقوق الانسان في المغرب، وتقريرين حول "احتجاجات "الحسيمة"، و"احتجاجات جرادة"، بالإضافة لمذكرة المجلس بخصوص النموذج التنموي.
كما خص بالذكر التقرير السنوي للمجلس، الذي يعتبر أهم محطة لرصد تطور حقوق الانسان بالمغرب.
"لقد عشنا هذه السنة على وقع انتشار جائحة "كوفيد-19"، التي تعتبر أزمة من أزمات العصر الحديث، سواء من حيث تهديدها المباشر للحق في الحياة، والحق في الصحة، وخطر انهيار المنظومات الصحية للدول، وتهديداتها الأخرى وآثارها العميقة، وتلك المرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحقوق المتعلقة بالتنقل، والحق في التعليم والحق في التظاهر والتجمع وغيرها من الحقوق الأساسية، ناهيك عن تحديات حماية الفئات الهشة وتفاقم العنف القائم على النوع الاجتماعي، الذي لم يتم توثيقه بالكامل بعد"، يوضح منير بنصالح.
يشرح المتحدث ذاته، كيف أن الأزمة الصحية ساهمت في رفع سقف التحديات التي كانت قائمة أصلا، معتبرا أن هذا الوضع يزيد من رهانات دور الدول، باعتبارها راعية للحقوق الأساسية وليست فقط ضابطة لها.
وبحكم أن هذه الأزمة، غطت بامتياز على كل الأوضاع والقضايا هذه السنة، خصص المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الجزء الأكبر من تقريره السنوي لتقييم أوضاع حقوق الإنسان في ظل هذا السياق الاستثنائي، وهو بالفعل ما صادقت عليه جمعية المجلس العامة، التي انعقدت مطلع شهر دجنبر الجاري.
وفي هذا الإطار، أكد منير بنصالح، على أنه في سياق مواجهة "كوفيد-19"، ظهرت فرص متاحة للاستثمار في المستقبل، متعلقة بوضع حقوق الإنسان، وذلك في صميم خطة إعادة البناء بعد مواجهة الوباء والتعافي منه.
وأشار إلى أنه، هناك بوادر ومبادرات وقرارات تؤكد هذا الاتجاه، وتلتقي بشكل كبير مع مقاربة ضمان فعلية حقوق الإنسان بالمغرب، خاصة فيما يرتبط بالوقاية والحماية الاجتماعية، أبرزها قرار تعميم التغطية الاجتماعية على جميع المغاربة خلال السنوات المقبلة، وقرار اعتماد مجانية التلقيح ضد "كورونا".
مسار متجدد
يعتبر بنصالح أن مسار حقوق الإنسان متجدد ويتطور باستمرار، خاصة خلال العشريات الأخيرة، حيث خاض المغرب إصلاحات جوهرية وعميقة، على مستوى التشريعات، وعلى المستوى المؤسساتي، والاقتصادي، والاجتماعي، كما أشار إلى تطور وعي المواطنات والمواطنين بشكل غير مسبوق بحقوقهم، وتطور أيضا المطالب بالحقوق والحريات الأساسية، وآليات المطالبة بها، في إطار النموذج الناشئ للحريات الذي يتبلور بالمغرب.
"لقد وقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على هذه التحديات في مختلف تقاريره ومذكراته الأخيرة، خاصة في تقريره السنوي، ومذكرته الإضافية بشأن تعديل القانون الجنائي، هذا الأخير يجب يكون قانونا للحقوق والحريات، يراعي التطور الحاصل على مستوى حقوق الأفراد والجماعات ويستشرف طموحات المغاربة." يشرح بنصالح.
وحول قانون محاربة العنف ضد النساء، يؤكد المتحدث ذاته، أنه مكسب على مستوى التشريع، لكن على مستوى الممارسة والواقع، يبقى رهان التطبيق مطروحا من أجل فعلية الوقاية، وحماية النساء من جميع أشكال العنف، والتكفل بالضحايا، وردع مرتكبي العنف.
كما أكد أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مستمر في الدفع بمقاربة فعلية، لمواكبة التطورات المجتمعية وفق خطته الثلاثية، التي تقوم على الوقاية أولا ثم حماية حقوق الإنسان والنهوض بها.
تدبير الحقوق والحريات
وحول تحدث بعض التقارير، عن تجاوزات حقوقية سواء في أحداث معينة، أو بخصوص بعض أشكال التجمع العمومي، وصف بنصالح، ما يعيشه المغرب اليوم في إطار النموذج الناشئ للحريات، في بعض الأحيان وبشكل متفرق بأنه "أزمة تدبير للحقوق والحريات".
"نحتاج بالفعل الى مسايرة ترسانتنا القانونية للتراكمات الحقوقية الإيجابية، وللمعايير الدستورية والممارسات الفضلى عبر العالم، وقد أكدنا في مختلف تقاريرنا وآرائنا ومذكراتنا على هذا الأمر، كما سجلنا في تقريرنا السنوي صعوبة اقرار نوع من التوازن، في تدبير مختلف اشكال التعبير العمومي نظرا لوجود اشكالات جديدة، مرتبطة بالثورة الرقمية ونتائجها على اشكال التعبير والتجمع، كما سجلنا في ذات التقرير ضعف حضور البعد الحقوقي في السياسات العمومية، وأن هذا العجز هو أحد الاسباب الرئيسية في تزايد وتيرة مختلف اشكال الاحتجاج"، يوضح بنصالح.
وبخصوص ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، أكد المتحدث، أن هذا الملف تم طيه منذ مدة، حيث خاض المغرب تجربة فريدة ورائدة للعدالة الانتقالية عبر هيئة الانصاف والمصالحة، والتي يتحمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، متابعة تنفيذ ما تبقى من توصياتها.
كما تمت دسترة مبادئ تجرم هذه الانتهاكات الجسيمة، وأغلب التوصيات الصادرة عن تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب، قد نفذت لضمان عدم التكرار.
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع